لم يكن ما ذكرته أمس عن اعتراف موشى ديان بأنه أخطأ تقدير قوة المصريين سوى نموذج لتيار عام داخل إسرائيل لم يتصور للحظة إمكانية العبور وتحطيم خط بارليف وانهيار وتصدع زمن الغطرسة والغرور فى تاريخ الجيش الإسرائيلي.
كانت كل التقديرات الإسرائيلية تتوهم أن حرب الاستنزاف هى أقصى ما يستطيع المصريون إنجازه وأنه رغم ما ألحقته بهم من خسائر إلا أنها لم تشكل لإسرائيل تهديدا استراتيجيا.
ولعل أهم ما غاب عن الإسرائيليين أن حرب الاستنزاف فى الرؤية الاستراتيجية المصرية لم تكن مجرد استخدام لحق الدفاع الوقائى فقط وإنما كانت جزءا أساسيا وأصيلا من مهمة الإعداد الحقيقى ليوم العبور.
كان من رأى الفريق عبدالمنعم رياض رئيس الأركان أن إنجاز عملية إعادة البناء العسكرى الشامل تحت نيران المدافع وزئيرها خلال حرب الاستنزاف هو الخطوة الأولى فى الإعداد الحقيقى ليوم العبور لأن أجواء القتال هى التى ستساعد على كسر حائط الرهبة والخوف ومحو أسطورة الجندى الإسرائيلى والاطمئنان إلى تعليم المقاتلين الجدد بأجواء حقيقية للحرب والقتال وبما يؤهلهم للحرب الشاملة المنتظرة خصوصا بعد استجابة الرئيس عبد الناصر لمطلبه بتجنيد حملة المؤهلات العليا حتى يمكن استيعاب الأسلحة الحديثة والمتطورة وقد سميت هذه الرؤية باسم “نظرية عبد المنعم رياض”..
وهكذا وفرت حرب الاستنزاف لمصر كل ما كانت تبتغيه استعدادا ليوم العبور فقد كان لاستشهاد الفريق عبدالمنعم رياض فى 9 مارس 1969 على الخط الأمامى للجبهة فعل السحر فى استعادة ثقة الجنود بأنفسهم وقادتهم ثم إن حرب الاستنزاف مكنت مصر من بناء منظومة الدفاع الجوى والنجاح فى تحريك حائط الصواريخ إلى حافة قناة السويس قبل وقف إطلاق النار فى 8 أغسطس 1970.. ناهيك عن أن حرب الاستنزاف مكنت القوات الجوية المصرية من استعادة ثقتها بنفسها فى معارك حقيقية.
وغدا إطلالة جديدة
[email protected]لمزيد من مقالات مرسى عطا الله رابط دائم: