رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

عقود زواج المسلمين .. مشكلة فى بريطانيا

منال لطفى
المسلمون حائرون بين الزواج الديني والمدني في بريطانيا

أقرت المحكمة العليا البريطانية للمرة الأولى بعقود الزواج الدينية الإسلامية فى سابقة ستكون لها تداعيات كبيرة على قضايا زواج وطلاق المسلمين البريطانيين.

وأثار القرار ردود أفعال متباينة بين مؤيدين يرون الحكم وسيلة لحماية حقوق النساء البريطانيات المسلمات، ومعارضين يرون أن الحكم سابقة خطيرة وقد يؤدى لـ «ازدواجية» أطر الزواج القانونية فى بريطانيا.

واعترفت المحكمة العليا بشرعية الزواج الدينى، غير المعترف بقانونيته فى بريطانيا، بعدما رفعت بريطانية مسلمة من أصول باكستانية وهى نسرين أختر قضية طلاق من زوجها بعد زواج دام نحو 20 عاماً.

وسعى الزوج، محمد شباز خان، إلى وقف نظر طلب الطلاق أمام المحكمة العليا على أساس أنهما لم يكونا متزوجين «من الناحية القانونية ورفض إعطاء زوجته نصف ممتلكاتهما، موضحاً انه فى الزواج الديني، فقط الزوج يستطيع تطليق زوجته.

لكن السيدة أختر اعتبرت أن زواجها الدينى وان كان غير معترف به أمام المحاكم البريطانية إلا أنه كان زواجاً تكتمل فيه كل الشروط «القانونية» وطالبت بمعاملتها على أساس القانون الوضعى البريطاني. وقالت الزوجة، وهى محامية، إنها سعت لتوثيق العقد مدنياً مرات عدة، لكن زوجها رفض.

ويتم الزواج الدينى فى بريطانيا فى احتفالات عائلية ويعقده إمام مسجد دون أن يسجل مدنياً.

ويرفض الكثير من المسلمين، خاصة من أصول أسيوية تسجيل عقود الزواج الدينى فى السجلات المدنية وفقاً للقوانين البريطانية لأن هذا يعطى الزوجة الكثير من الحقوق كما أنه يحظر أيضاً مبدأ تعدد الزوجات.

ولا تعترف السلطات البريطانية بقانونية الزواج الدينى برغم ان أكثر من 90% من مسلمى بريطانيا يتزوجون زواجاً شرعياً دينياً، و40% منهم فقط يسجلون زواجهم فى السجلات المدنية بعد ذلك.

وحث تقرير حكومى ،صدر فى بداية العام الحالى، المسلمين على تسجيل عقود زواجهم وفقاً للقوانين البريطانية. وتريد السلطات البريطانية توحيد عقود الزاوج وتسجيلها مدنياً لمنع «الازدواجية» فى الإطار القانونى للزواج.

وقال القاضى فى حكم غير مسبوق إنه رغم أن عقد زواج السيدة اختر ومحمد شباز خان «باطل» من الناحية القانونية، إلا أنه «يظل زواجاً». وهذه هى المرة الأولى التى تقرر فيها المحكمة العليا حكما كهذا فى هذا النوع من القضايا، ففى قضايا سابقة كان القاضى يعتبر أن عقد الزواج الدينى «غير قانوني» وبالتالى يعتبر الزواج «لاغياً».

لكن فى تلك القضية أعتبر القاضي»العقد باطلاً» لكن «الزواج قانونياً». غير أنه شدد على أن هذا الحكم لا يعنى الاعتراف بالزواج الدينى فى الإطار القانونى البريطاني، موضحاً أن كل قضية سيتم التعامل معها بشكل فردي.

ومع ذلك ستكون للحكم آثار هامة على المسلمات البريطانيا اللواتى يتزوجن بعقود شرعية يسجلها إمام مسجد دون أن يتم تسجيلها لاحقاً لدى الدولة.

وقالت سارة خان المحامية فى «مجلس المرأة المسلمة»، وهو مؤسسة حقوقية تهتم بقضايا المسلمات البريطانيات لـ «الأهرام»: «الحكم لا شك يضع سابقة قانونية يمكن أن تكون أساس أحكام مماثلة فى قضايا مشابهة فى المستقبل»، موضحة أن الحكم يعنى تأمين حق الطلاق بسهولة أكبر وتقاسم الأصول المالية مع الأزواج كما سيكون له تداعيات على مسائل الورث.

ويعتقد «مجلس المرأة المسلمة» أن هناك أكثر من 100 ألف حالة لزواج دينى «غير مسجل قانونياً» فى بريطانيا.

وقبل قرار المحكمة العليا كان الكثير من تلك الزيجات التى تنتشر خصوصاً وسط البريطانيين من أصول أسيوية، تنهى بقرار فردى من الزوج تطليق الزوجة دون ان يكون لها الحق فى طلب تقاسم الأصول المالية المشتركة.

أما إذا ما أرادت الزوجة الطلاق، فإنه كان يتوجب عليها أن تلجأ إلى محاكم دينية اسلامية، مكونة من الرجال لطلب الطلاق، حيث يتعين عليها تقديم تنازلات مالية من أجل نيل الطلاق. وفى حالة رفض الزوج، تظل القضايا معلقة لسنوات.

ودائماً ما حذرت منظمات مدنية وحقوقية من أن المحاكم الشرعية الإسلامية فى بريطانيا تعرض حقوق الكثير من المسلمات البريطانيات للإنتهاك. كما حذرت من أن الاعتراف ببعض أحكام الشريعة فى القوانين المدنية البريطانية يخاطر بخلق «نظامين قانونيين».

وفى عام 2014، اضطرت «الجمعية القانونية البريطانية» إلى التراجع عن نشر إرشادات «متوافقة مع الشريعة» بشأن الوصايا والإرث بسبب انتقادات حادة تعرضت لها.

لكن على الجانب الآخر، يرى البعض أن الكثير من المسلمين يفضلون حل مشاكلهم فى المحاكم الشرعية، ويحذرون من أن عدم «تقنين» قوانين الشريعة فى الاطار القانونى العام لبريطانيا، سيترك الكثير من مسلمى بريطانيا معزولين فى جيتوهات ثقافية واجتماعية. وفى عام 2008، قال اللورد ويليامز، عندما كان رئيس أساقفة كانتربري، إن الاعتراف بجوانب من أحكام الشريعة فى بريطانيا «لا مفر منه».

وكان زواج المسلمين فى بريطانيا طرح للواجهة مع مسح أجرته «القناة الرابعة» البريطانية أظهر أن 61% من زيجات المسلمين، «شرعية» لكنها «غير قانونية». بمعنى أن الأسر توثق الزواج عبر عقد زواج شرعى بحضور إمام من مسجد، وفى حضور الأهل والأصدقاء، لكنها لا توثق أو تسجل الزواج لاحقاً فى السجلات المدنية، وهو ما يعنى أن نحو ثلثى زيجات المسلمين «غير قانونية» أو «غير معترف بها أمام القانون، وبالتالى فى حالات الطلاق أو الموت أو تقاسم الميراث تكتشف الكثير من النساء أن حقوقهن القانونية فى مهب الريح.

ومشكلة الفجوة بين العقد الشرعى للزواج والعقد المدني، مشكلة فريدة فى بريطانيا، ففى فرنسا مثلاً، أئمة المساجد لا يقومون بمراسم الزواج الشرعى بدون أن يكون الزواج موثقا مدنياً. والكثير من الأئمة فى فرنسا مؤهلون من قبل الدولة للتوثيق الشرعى والمدنى فى الوقت نفسه. لكن أئمة المساجد البريطانية يأتون من كل مكان فى العالم، والغالبية منهم ليسوا بريطانيين ولا يعرفون حتى اللغة الأنجليزية بشكل جيد ويتم اختيارهم من بلادهم الأم على أساس المذهب أو اللغة.

لكن الأخطر من كل هذا أنهم لا يعرفون القوانين الوضعية البريطانية وليس لديهم معرفة بأن عقد الزواج الشرعى وحدة لا يكفى لاعتبار الزواج قانونياً فى بريطانيا.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق