أهم ما كان يميز قعدة الطبلية هو البشاشة التى كانت تكسو الوجوه وأهل البيت يتبادلون أحاديث يومهم ومسائهم وهم يقبلون بنفوس مفتوحة على الطعام فتتآلف الوجوه أكثر ولا تتفرق حتى تعود للتجمع حول الطبلية وما عليها.
ومهما كان حجمها فإنها كانت تكفي كل أفراد الأسرة الكبيرة، بداية من الجدين وحتى أصغر الأحفاد ومهما تكن كمية الطعام فوقها فهي تشبعهم ويمكن أن تتخم بطونهم وأيا كان نوع الطعام فهو شهي ينتهي بمسح ما عليها من أطباق.وما يتبقى من الفتات فهو من نصيب الدواجن.
وراحت أيام «الطبلية» وراحت معها البركة والصفاء والنفس المفتوحة و«لمة» أعضاء العائلة حولها في أوقات الطعام التى كانت يوما ما مواقيت مقدسة لا يتخلف عنها إلا غائب في سفر ولكنها صارت الآن في عداد الأدوات المنقرضة مثلما ينقرض كل ما هو جميل.
ولم يتبق من الطبلية إلا ذكريات أيام البركة والليالي الخوالي، فلم يكن يخلو منها بيت مصري غني أو فقير في بحري أو في قبلي وربما كان أهم ما فيها أنها تلزمك بالجلوس في وضع القرفصاء، تلك الجلسة المصرية الصميمة التى تعود بك إلى الأرض متخليا عن مظاهر التكلف و«خنقة الكراسي والموائد».
ذلك لأن ركن البساطة هو من أهم الأركان في قعدة الطبلية لتتماشى بساطة القعدة حولها مع استدارة سطحها وكذلك نوع الخشب المصنوع منه، بل حتى الأطباق والطواجن وبقية أدوات المائدة في غاية البساطة وتمتد الأيادي فتقتسم الرغيف وقطعة اللحم وتتلاقى الأنامل في الأطباق «واتفضل والبيت بيتك ومد إيدك ما تتكسفش وكل بسم الله».
رابط دائم: