رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

بريد السبت يكتبه أحـمد البرى
بين القناعة والطمع

أحمد البرى;

لم يسلم كاتب أو أديب من الوقوع فى هوى حكايات «ألف ليلة وليلة» التى ضمها كتاب يفيض بلاغة وبيانا وحكمة، ويهدى لقرائه الدروس والعبر، فهو كتاب زاوج بين آداب الحضارات المختلفة، كالحضارة العربية، الهندية، الفارسية، المصرية، وبين الرافدين، ويعد منهلا لكل قلم يخط سطرا، وكل شاعر يقرض شعرا، وكل راو يؤلف رواية ، ومن هؤلاء، الإذاعى المبدع محمد محمود شعبان المعروف بـ «بابا شارو» رحمه الله والمتوفى عام 1999 والذى أسعدنا صغارا وأمتعنا كبارا، بحكاياته الشهيرة مثل: «حى أبو الفصاد»، و«شوف الدندرمة» وقصة «على بابا والأربعين حرامى» والتى ظهر فيها على بابا كرجل كريم، قنوع، متسامح، وفى، فحفظت عنه جملة «أحمدك يارب»، وجرت مجرى الأمثال . وهى باختصار تحكى عن على بابا الذى لجأ ــ فى أثناء سفره ــ إلى صخرة يستظل خلفها، ففوجئ بأربعين لصا يفتحون مغارة سحرية بـ«باص وورد» هو «افتح ياسمسم» فانفتح الباب ووضعوا فيها أحمالهم المسروقة من ذهب ونقود، وانصرفوا، فاستخدم على بابا نفس «الباص وورد»، ففتحت له المغارة بابها، فاغترف من ذهبها ونقودها ما استطاع أن يغترف، ولم يثقل على نفسه ــ لقناعته ورضائه بما قسمه الله له  ــ وأصبح بهذا الذهب غنيا بعد فقر، وموسرا بعد عسر، وحين أراد أن يكيل ما أحضره من ذهب ونقود أرسل جاريته مرجانة لشقيقه الكاره له والحاقد عليه «قاسم»، ليعيره مكيالا، وهنا فطنت زوجة قاسم فسألت نفسها: ماذا سيكيل على بابا بهذا المكيال وهو الرجل الفقير فقرا مدقعا؟، فتفتق ذهنها عن فكرة تعينها على كشف الأمر، فدهنت المكيال من داخله بالعسل قبل أن تعطيه لمرجانة التى انصرفت به، ثم أعادته إليها بعد حين، فإذا بقطعة نقود قد التصقت بقاعه، فأخذ قاسم يراقب أخيه ــ على بالسير خلفه حتى علم بالمغارة وعرف بأمرها، فقفز إليها ــ لاحقا ــ متخفيا ، واستخدم ذات «الباص وورد» ودخل به المغارة، فذهل مما رأى من ذهب ونقود، أنسياه كلمة السر، فتعطل حتى جاءه اللصوص وقبضوا عليه، وأمنوه على حياته إن هو أرشدهم عمن أخذ ذهبهم، فدلهم على أخيه، فجاءوه متدثرين بملابس تجار حاملين له الهدايا، هى أربعون قدرا مملوءة زيتا، فأمر على بابا جواريه بإعداد الطعام للضيوف (كرما منه) فاحتاجت مرجانة لبعض الزيت، فلجأت للقدور لكى تأخذ منها زيتا، فهالها ما سمعته من أمر اللصوص الأربعين المختبئين فيها، فأبلغت سيدها الذى أمرها بوضع حجر ثقيل فوق كل قدر ليمنع من فيه من الخروج منه، وكافأها بالزواج منها (جزاء لها على صنيعها) وعفا عن شقيقه قاسم (تسامحا منه)، ولى تعليق على ذلك وهو أننى أرى أن على بابا هو لص من اللصوص الأربعين، وإن كانت القصة تعطى درسا «بأن مآل الطمع إلى خسران» ممثلا فى شخصية قاسم، إلا أنها أظهرت على بابا ومرجانة كمثال للقناعة والكرم والتسامح والوفاء بإكرامه ضيوفه وعفوه عن شقيقه وزواجه من جاريته، وأراه لصا كباقى اللصوص بل لصا أدنى درجة منهم ، لأنه كان يستولى على ذهبهم ــ مستحلا عرقهم ــ بنقل الذهب  لبيته بغير وازع من ضمير ، أو مانع من دين ، أما مرجانة فهى الشريك للص على بابا بما قدمته له من مساعدة، ووفقا لهذا التحليل يصبح الأربعون حراميا هم الأكثر شرفا من على بابا ، لأنهم يحصلون على مسروقاتهم بعد عناء، بينما يحصل هو عليه بغير عناء، فالحقيقة أن الحرامية ليسوا أربعين حراميا بل هم واحد وأربعون أولهم على بابا، وهذا يأخذنا لخطأ آخر شائع عند بعض الناس، نسدى لهم النصح بشأنه لكيلا يسيروا مسيرة على بابا أو يفعلوا فعله، فعندما يعثر شخص على شىء مفقود لاسيما لو كان مالا يستحله لنفسه، ويعتبره رزقا ساقه الله له، ويتناسى أنه فى الوقت الذى يفرح بإيجاده، هناك من يحزن بفقده، ويشجعه على هذا عدم توصله فى التو واللحظة إلى صاحب هذا المال، وهذا خطأ جسيم يحاسب عليه، فالواجب شرعا أن يجتهد فى البحث عن صاحبه فإن لم يتوصل له، فعليه التصدق به على «فقير» ليحتسب أجره لمن فقده ، لا لمن وجده .  

حسام العنتبلى ــ المحامى بالنقض 

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق