د. حسن وهبةود. فادية عبدالجواد
قالوا قديما « ميحسش بالنار غير اللى ماسكها» وكذلك موضوع زراعة القوقعة، فلن يشعر به وبمعاناته إلا كل أسرة بها طفل أصم، أما باقى القراء فسيكتفون بقليل من التأثر والضيق، حتى يذهبوا لقراءة موضوع أخر.
لذلك قررنا فتح ملف مشكلات زراعة «القوقعة» فى محاولة لنقل ولو جزء بسيط من معاناة آلاف الأسر الذين وجدوا أنفسهم أمام «طنين» الصمم الذى عاد ليهدد آذان أطفالهم من جديد منذرا بفشل العملية وكأنها لم تكن! لا شك بالطبع أن زراعة «القوقعة» أخرجت بعض فاقدى السمع من عالم الصمت والعزلة إلى عالم الأصوات, غير أن رحلة معاناة طويلة تربط بين الأمل فى إجراء العملية والألم الناتج من ارتفاع أسعار تحديث السماعات الخارجية وشراء قطع الغيار.. نرصد هنا القليل منها.
تقول فادية عبد الجواد وهى طبيبة أصيبت بفقدان كامل للسمع بعد حمى شوكية فى طفولتها إنه بعد إجرائها عملية زراعة القوقعة فى عام 2006 استعادت سمعها ولم تكن هناك مشاكل بخصوص قطع غيار السماعة الخارجية أو ما يطلق عليها «معالج الكلام» والمختصة بمعالجة الأصوات ونقلها مباشرة إلى الأعصاب السمعية فى الأذن الداخلية.
وبعد عدة سنوات وجدت د. فادية نفسها مجبرة على تحديث الجهاز الخارجى (فريدم) بمبلغ ٤٥ ألف جنيه للأذن الواحدة, لتناسب القوقعة المزروعة.
وتضيف: معاناتى جعلتني أندمج أكثر فى عالم «الصم وضعف السمع» والتقيت مئات من الأطفال زارعى القوقعة وأولياء الأمور الحائرين، وذهلت من حجم المشكلة ومعاناتهم فى محاولة العلاج والزرع، والدولة عن طريق التأمين الصحى تقوم بدعم تكاليف العملية والقوقعة والمستشفي كاملة بالمجان, وذلك لنحو ٢٠٠٠ طفل تحت سن ٥ سنوات لأنهم أكثر فئة استفادة من القوقعة، بينما يوجد نحو ٤٠ ألف طفل سنويا يولدون صما أو يصابون بالصمم فى سنواتهم الأولى ويحتاجون لزرع القوقعة، هذا غير الملايين من الصم كبار السن.
ولذلك تطالب د.فادية الدولة باستكمال مهمتها مع الأطفال بعد عملية زرع القوقعة من خلال متابعة تأهيلهم حتى لا يكون زرع القوقعة إهدارا للمال العام بأن نزرع للطفل القوقعة الباهظة الثمن وبعدها يحتاج إلى برمجة دورية للجهاز الخارجى وقطع غيار مستمرة، وهنا تكمن «المشكلة الكبرى» التى تعاينها د. فادية شخصيا بعد الارتفاع الكبير فى قطع غيار الجهاز الخارجى وأيضا وجوب تحديث الجهاز كل 6 سنوات، حيث تتوقف الشركة المصنعة عن إنتاج الموديل السابق، وبعد عامين تتوقف عن إنتاج قطع غياره التى تتكلف نحو 1200 جنيه، وبذلك يتحتم التحديث إلى الموديل الجديد وإلا عدنا لعالم «الصمم» مرة أخرى, مع العلم بأن تكلفة تحديث الجهاز الخارجى لقوقعة الأذن الواحدة يتكلف 175 ألف جنيه أى (350 ألف جنيه لكلتا الأذنين). معاناة د. فادية لم تختلف كثيرا عن «رانيا سعيد» 35 سنة ليسانس آداب والتى قامت أيضا بزراعة قوقعة للأذن بعد إصابتها بالصمم لمدة 10 سنوات جراء إصابتها بحمى شوكية, لكن فرحة رانيا تحولت إلى صدمة عندما تعطل «الكابل» الخاص بالسماعة ولم يعد باستطاعتها سماع شىء مرة أخرى, حيث تقول: شعرت بالإحباط بعد اتصالى بوكيل الشركة فى مصر الذى أبلغنى بأن الكابل غير متوافر لديهم حاليا والموضوع سيستغرق نحو الشهر!وفى النهاية تناشد رانيا الدولة أن تهتم بحالات زارعى القوقعة وتسهم في تحديث السماعات, كما تطالب بضرورة رفع الجمارك عن قطع غيار السماعات لترحم معاناتهم من أسعار الشركات الخيالية.
معاناة أحمد وداليا
قصة أخرى ترويها والدة الطفلين أحمد وداليا اللذين قاما بعملية زرع قوقعة الأذن بمساعدة التأمين الصحى الذي تكفل بمبلغ 45 ألف جنيه من أصل 140 ألف جنيه تكلفة عملية أحمد الكلية, بينما حاربت الأم لتوفير المبلغ المتبقى 95 ألف جنيه, ناهيك عن جلسات البرمجة التى بدأت بعد نحو شهر ونصف من إجراء العملية وجلسات التخاطب التي استمرت نحو السنة.
وتكمل الأم: أما داليا فقد كانت تستعمل سماعة أذن خارجية لعدة سنوات حتي أجريت لها عملية زرع القوقعة وتم تسليمها بطارية مجانية لشحن الجهاز إلا أنها لا تكفى, فهى تحتاج إلى علبة بطارية كل شهر تتكلف نحو 600 جنيه, أما بطارية الشحن ثمنها 5200 جنيه وغير متوافرة لأن الشركة قامت بتغيير توكيلها وأصبح من الصعب توفير قطع الغيار.
دور التأمين الصحي
وحول هذا الموضوع يقول د. حسن وهبة أستاذ جراحة الأذن كلية الطب جامعة عين شمس إنه بالنسبة للأطباء لا توجد صعوبات تواجههم فى عمليات زراعة القوقعة, فالتدريب متوافر فى الجامعات ومستشفيات التأمين الصحي والأجهزة متوافرة عن طريق مناقصة الدولة على مستوى الجمهورية, أما بخصوص المرضي فإن التأمين الصحي يتكفل نحو 90% من الحالات وأغلبهم من الأطفال وباقي الحالات تقع تحت مظلة وزارة الصحة, وأضاف: إن المرضى الذين يسيرون فى المسار الصحيح عن طريق لجان التأمين الصحى أو لجان الوزارة ــ ولا يلجأون لسماسرة المرضى ــ يحصلون على الخدمة كاملة ومجانية, المشكلة تكمن فقط فى بطء الإجراءات الإدارية.
أما بخصوص الشركات المنتجة للأجهزة ووكلائها فى مصر أكد د. حسن أنهم يبذلون أقصى جهدهم لمساعدة المرضى ولكن بعض الإجراءات الحكومية الاستيرادية لقطع الغيار وتحديث الأجهزة طويلة وغير مبررة وتعطل المرضى عن الاستفادة بالأجهزة.
///////////////////////////////////////
المواطنون: نطالب الدولة بإلغاء الجمارك عن قطع غيار السماعات
د. حسن وهبة: الدولة تتكفل
بـ 90% من العمليات.. وسماسرة المرضى سبب المشكلة
رابط دائم: