رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس الهيئة الوطنية للثقافة فى ليبيـا لـ «الأهرام»:
مصر ركيزة الاستقرار فى المنطقة ونقود «معا» حربا ضد الإرهاب

حاوره فى تونس ــ محمد مطـر

الثقافة من قوتنا الناعمة فى مواجهة التطرف
لسنا بحاجة إلى قوى عظمى خارجية ولا نخشى على ليبيا من التقسيم

 

تاريخ وحضارة، ثقافة وفنون، فكر وابداع، أغنيات وأشعار، مشاركات ومنتديات، احتفالات ومهرجانات، أنشطة وبرامج، آثار ومتاحف، تطوير وتعليم، تواصل وتكامل. هكذا تحدث «حسن فرج ونيس» المسئول الأول عن المنظومة الثقافية فى ليبيا الذى عمل طويلا فى وزارة الثقافة مما أكسبه خبرات متنوعة أهلته للغوص فى المشاكل والهموم ووضع التصورات والحلول ومحاولة ترجمة الأحلام والنظريات إلى واقع ملموس حتى تولى حقيبة هذه الوزارة التى اصبحت فيما بعد تسمى «الهيئة الوطنية للثقافة فى ليبيا»، الرجل الذى تحدث إلى «الأهرام» أشاد بعمق العلاقات المصرية ـ الليبية ووصفها بأنها ضاربة فى جذور التاريخ، وأن انطلاقة جديدة ستشهدها العلاقات المصرية ـ الليبية فى مجالات الثقافة من خلال برامج ومبادرات وأنشطة واتفاقات مشتركة سترى النور قريباً.. وإلى تفاصيل الحوار.

...............................................

> كيف ترى المشهد الثقافى الليبى الآن؟

أولت حكومة الوفاق الوطنى جل اهتماها بالمشهد الثقافى فى ليبيا وعملت على دعمه وتنشيط برامجها إيمانا منها بأهمية الدور الذى تلعبه القوى الناعمة فى إعادة لحمة النسيج الوطنى الليبى على أثر اختلاف التوجهات وتباين الرؤى بعد ثورة فبراير، هناك جهود كبيرة تقوم بها الوزارة وشرعت فى عدة أنشطة وبرامج مختلفة لدعم الثقافة الليبية فى جميع المحافل العربية والاقليمية والدولية، هناك مشاركة للفن والآداب والعلوم والثقافة، لقد شاركنا بفاعلية فى معرض القاهرة الدولى للكتاب وهو عروس المعارض العربية والدولية، وكانت لدينا ندوات وأمسيات شعرية ومشاركة دور النشر الليبية التى عرضت أكثر من 400 مخطوط ليبى نادر وأكثر من 100 مخطوط وكتاب جديد للأدباء الليبيين، المشاركة فى معرض القاهرة أعادت الفن والتاريخ والحضارة والثقافة إلى الأذهان، هناك مشاركات ليبية فى معرض الكتاب بالمغرب ومعرض تونس ومعظم المعارض العربية والدولية.

> هل هناك مشاريع وبرامج محددة لدعم الفنون والآداب والثقافة فى ليبيا؟

نعم فقد أطلقنا مبادرة تحمل شعار «ثقافتنا تجمعنا» وهذه المبادرة حققت نجاحات كبيرة على المستوى الليبى ونشر الثقافة الليبية فى الخارج، أنتجنا العديد من المشروعات الصوتية والمرئية نهدف إلى تفعيل المكتبات المدرسية ونسعى إلى الاهتمام بالطفل والمرأة وأطلقنا مبادرة تحمل عنوان «اعرف حقك» نعمل جاهدين على اظهار الحركة الثقافية على النحو الذى يليق بها ويبرز المكانة التى تتبوؤها على الساحة الثقافية العربية.

> كيف يمكن من خلال التنسيق المشترك أن تكون الثقافة عنصرا فاعلا لإنهاء الأزمة فى ليبيا؟

نحن نحيى الجهود التى تقوم بها مصر وجيشها العظيم ونحن فى ليبيا عانينا ونعانى ويلات الارهاب والعنف ومازلنا نخوض غمار حرب ضروس فى مواجهة فلول متطرفة إرهابية، ولن نسمح بمحاولات العبث بوحدة وسلامة ليبيا أو بمقدرات الشعب الليبى، إن ليبيا لها قدرات كبيرة ولمواطنيها الحق فى مستقبل باهر ومضيء، ونحن نؤمن بأن القوى الناعمة هى سلاح فاعل فى وجه التطرف والارهاب والقوى الظلامية ومصر وليبيا فى خندق واحد ونعانى نفس الآثار، وهناك تنسيق وتعاون للوقوف صفاً واحدا للتصدى لهذا الخطر الداهم ليس على مصر وليبيا فحسب ولكن على المنطقة والأمة العربية، وهذا لن يتأتى إلا بسلاح المعرفة والعلم والانفتاح والحوار والتطور والتكنولوجيا ودعم الفنون والثقافة.

> لكن الجماعات المتطرفة الإرهابية تتحرك بحرية فى كثير من المناطق الليبية وظهور «داعش» بعد هروبه من سوريا والعراق قد يمثل تهديدا بتقسيم ليبيا، وقد يؤثر سلبيا على حماية الآثار والتراث فى بلادكم.. كيف ترى ذلك؟

إن ظهور «داعش» فى بعض الأماكن الليبية يمكن مواجهته من خلال الليبيين أنفسهم، ولابد من العمل على وقف تدفق المتطرفين إلى ليبيا والعمل على معالجة الهجرة غير المشروعة وفكرة تقسيم ليبيا مستبعدة جداً ومستحيلة نتيجة قناعة الليبيين العمل تحت مشروع وطنى جامع، والوضع الأمنى المرتبك الذى أعقب ثورة فبراير أدى إلى انتشار الفوضى والعبث بمقدرات الوطن ومنها سرقة الآثار وتشويه بعضها وهو ما دفعنا إلى سرعة استدراك الموقف والقيام بكل الاجراءات الاحترازية. لقد قمنا بالتواصل مع المنظمات المعنية بالأمر، لقد لاحقنا لصوصا وقراصنة ارتكبوا هذا الفعل الشنيع بالتهريب والاتجار فى الاثار والتراث الليبى، نعمل على استرداده، نجحنا فى البعض وما زلنا نتابع البعض الآخر، وهناك جهود كبيرة تبذل فى هذا الموضوع.

> كيف ترى تعليمات الرئيس عبد الفتاح السيسى بعلاج مصابى العمليات الإرهابية فى مستشفيات القوات المسلحة فى مصر؟

بالنظر إلى المكان والزمان والهدف والمستهدف فإن بصمة التنظيمات الارهابية واضحة وهى تسعى لاحداث أكبر ضرر، حادث الانفجار الأول فى مسجد «بيعة الرضوان» بينما كان المصلون يغادرون المسجد عقب صلاة العشاء تلاه الانفجار الثانى بعد تجمع المصلين والمسعفين حول جثث الضحايا لتنفجر السيارة الثانية بينهم وتوقع عشرات الضحايا والجرحى بينهم أطفال من العاشرة، دون أدنى حرمة للمساجد التى جعلها الله آمنة للمصلين، وهذا يؤكد منهج الجماعات الإرهابية الضالة وأنصارهم فى تكفير عموم المسلمين، التفجيرات الجبانة وسط المدنيين هى صناعة تفتخر بها الجماعات الارهابية التى تؤمن بالعنف سبيلا، وجاءت تعليمات الرئيس عبد الفتاح السيسى لعلاج المصابين لتكون بلسما للجراح وتؤكد معنى الاخوة والمحبة وان ليبيا هى الجزء الاصيل من أمن واستقرار ليبيا.

> تدعو إلى الحوار والانفتاح على الآخر.. هل ترى ما يحدث فى المنطقة العربية يعطى صورة جيدة لسماحة الاسلام والثقافة العربية؟

لابد من تقديم صورة زاهية وجميلة لوسطية الاسلام وسماحته التى تدعو الى المحبة والاخوة ولا تدعو إلى العنف والارهاب واسالة الدماء، لابد من أن نعمل على مد مزيد من جسور التواصل والتفاعل والكثير من الاقتراحات من أجل التواصل الحضارى والثقافى مع الآخر، إن منطقتنا كانت فى أزهى عصورها وتسامحها مع الآخر ومتقبلة للآخر، حيث سادت وقادت العالم.

> لكننا الآن أصبحنا فى مؤخرة الركب لا نملك قرارنا، ويأتى التغيير من الخارج مفروضا على دولنا.. كيف ترى ذلك؟

بيدنا لا بيد غيرنا يأتى التغيير للأفضل والاحسن، منطقتنا ليست بحاجة لقوى عظمى خارجية لايقاف انحدارها بل لقوى عظمى داخلية تستطيع التغلب على مواجهة الكراهية والتعصب التى تضرب نواحى الحياة فى كثير من دول المنطقة، لقد مرت المنطقة خلال السنوات الماضية بتجارب مريرة، حيث قتل مئات الآلاف وشرد الملايين بسبب التعصب والكراهية وعدم التسامح الطائفى والفكرى والثقافى والدينى، وهذا يجعلنا نرفض الكراهية ولا نسمح بها، وعلى الجميع العمل لبذل جهود كبيرة لاستشراف المستقبل وعلى الحكومات خلق بيئة يستطيع الناس من خلالها تحقيق أحلامهم وطموحاتهم وذواتهم، لابد من خلق معادلة التغيير التى تهدف إلى التنمية والتطوير من خلال منظومة من القيم تستشرف المستقبل وتسعى لتحقيق سعادة الجميع.

> كيف يمكن أن نبنى معادلة التغيير التى تهدف إلى التنمية والتطوير دون اصلاح التعليم؟

بالطبع واقع التعليم فى العالم العربى لا يرضى أحدا. لقد اشار البنك الدولى فى تقرير له عن واقع التعليم فى منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا إلى أن نوعية التعليم تراجعت بالمقارنة إلى مناطق أخرى فى العالم وأنها تحتاج إلى اصلاح عاجل من أجل التعامل مع حاجات التنمية وعلاج البطالة فى المستقبل. وطالب التقرير الدول العربية بأن تجعل التعليم أولوية متقدمة لأنه أساس لأى عملية تنمية اقتصادية واجتماعية فى المستقبل، نعم إن الوقت قد حان لأن تركز الدول العربية طاقتها فى مجالات نوعية التعليم وان تجهز الطلبة بما تتطلبه سوق العمل الحديث وأن ننمى فيهم القدرة على حل المشاكل والفكر الانتقادى والتجديد والابتكار، وما يزيد من أهمية اصلاح التعليم فى المنطقة أنها تضم نسبة كبيرة من الشباب، وسوف تحتاج إلى ما يقرب من مائة مليون وظيفة فى العقدين المقبلين وتعتمد التنمية الاقتصادية فى المنطقة على الاصلاح التعليمى بنسبة كبيرة.

> «الأقصر المصرية» تسلمت «شعلة الثقافة العربية» من «صفاقس التونسية» وستسلمها قريبا إلى «وجدة» المغربية، «بنى غازى الليبية» تم اختيارها عاصمة للثقافة العربية عام 2024.. كيف ترى أهمية هذه الاحتفالات وكيف تستعدون للحدث؟

هى فكرة جيدة جاءت بالاساس من اقتراح الوزيرة اليونانية السابقة «السيدة آناميرى كورى» بتنظيم العواصم الثقافية الليبية كعامل لاقتحام المدن الكبرى ضمن المسعى الهادف إلى ترقية الثقافة الاقليمية فى اطار الحوار بين الحضارات، ومنذ عام 1996 انضم العالم العربى الى هذه الاستراتيجية وكانت القاهرة هى العاصمة الثقافية الأولى، ونحن فى ليبيا لدينا برنامج كامل لاحتضان هذه التظاهرة الثقافية المميزة التى سوف نرسم بها لوحة ثقافية مليئة بالفنون والآداب والفكر والابداع ونحولها إلى باقات من الزهور وعقود الياسمين تتفاعل وتتناغم مع كل الشعوب العربية والصديقة والمحبة للسلام.

>وماذا عن القدس العاصمة الدائمة للثقافة العربية وكيف ترى القرار الأمريكى الأخير بشأنها؟

إن أى اعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل أو نقل سفارة أى بلد إليها سيكون أمرا باطلا وهذا الاجراء يؤدى إلى اشعال التوتر فى المنطقة وإلى إضعاف فرص التوصل إلى حل شامل ودائم وعادل يبنى على أساس حل الدولتين.. «القدس هى زهرة المدائن» وهى ملتقى الأديان السماوية الثلاثة، ينبغى أن تكون واحة للسلام والتعايش والمحبة وهى شقيقة المدينتين المقدستين « مكة المكرمة والمدينة المنورة» وهى التى شهدت الاسراء والمعراج النبوى، وهى التى عاشت أكثر منذ 1400 عام تحت الرعاية العربية الاسلامية مفتوحة للعالم ومنفتحة على كل الاديان والحضارات ومصدر اشعاع للفكر والروحانيات، القدس هى العاصمة التاريخية الأزلية لفلسطين، هكذا كانت وهكذا ستظل عبر الزمان مهما تراكمت الغيوم، فالشمس لابد أن تشرق من جديد، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الألكسو» تحتفل كل عام مع كل عاصمة ثقافة عربية بالقدس كعاصمة دائمة للثقافة العربية، ونحن سنفعل ذلك فى احتفالات «بنى غازى».

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق