جاءت تعليمات الرئيس عبد الفتاح السيسى بعلاج مصابى العمليات الارهابية فى بنغازى فى مستشفيات القوات المسلحة، وتقديم لهم الرعاية الصحية العالية، لتؤكد أن ليبيا هى جزء أصيل من الامن القومى المصرى ،ولا يمكن ان يتم فصلها عن مصر، لان الاستقرار فى ليبيا يعيد الانضباط للحدود المصرية الغربية، والقضاء على التنظيمات الإرهابية التى تم توطينها فى ليبيا، والتى تهدد بشكل رئيس الأمن القومى المصرى .
وتسعى الدولة المصرية للعمل على استقرار ليبيا والبعد عن الخلافات بين الاشقاء، وذلك لإعادة الامور الى نصابها، وايضا لمكافحة الارهاب الذى وجد من الأراضى الليبية بيئة خصبة من اجل ان ينتشر بها، بل إن ليبيا اصبحت قبلة لتنظيم داعش الارهابى بعد محاصرة التنظيم فى سوريا والعراق، بجانب تنظيم القاعدة، و جماعات اخرى عديدة.
ومن المعروف أن استقرار ليبيا وتوافق الفرقاء لا يأتى على هوى بعض الدول منها العربية أو الاقليمية ، والتى كانت سببا رئيسيا فى تحريك حلف شمال الاطلنطى لضرب ليبيا إبان حكم العقيد معمر القذافى بل ان احدى تلك الدول شاركت فى الضربة الجوية الأولى على ليبيا، كما أنها تسهم حتى اللحظة فى زيادة الفرقة بين الجميع وتدعم نقل الجماعات الارهابية الى ليبيا.لذا فإن الامن القومى المصرى يتطلب الآن جهدا كبيرا لحمايته فى ظل ما تموج به المنطقة من احداث ضربت استقرار العديد من الدول وبخاصة الدول التى على حدودنا ، ومن اهم تلك الدول ليبيا التى اصبحت بعد ثورتها مرتعا للارهاب والارهابيين، بالاضافة الى المصالح الغربية فى تلك الدولة التى تمتلك موارد طبيعية، وكان لتنظيم داعش الارهابى خطته البديلة لنقل قياداته ومقاره الى ليبيا نظرا للمجال الخصب التى أصبحت فيه تلك الدولة المغذى للإرهاب فى ظل الغياب الامنى للدولة وضعف الجيش الليبى بسبب الحظر الدولى على السلاح.اصبح الوضع على الارض فى غاية الصعوبة، فى ظل انقسامات بين القوى وصلت الى حد الصراع المسلح والحرب الاهلية، واستغلت الجماعات الارهابية ذلك من خلال بسط نفوذها على الارض وبدعم خارجي، أدى ذلك إلى اشتعال جميع المناطق فى ليبيا. ان تنظيم داعش الارهابى هو الخطر القادم من الغرب من الاراضى الليبية بعد نقل العديد من القيادات لها بمعاونة بعض الدول التى يتم الانتقال اليها ثم الدخول الى ليبيا، للتمهيد حتى يصل أبوبكر البغدادى الى ليبيا ليعلنها مقرا له، وبالطبع سيكون هناك دعم قوى لهذا التنظيم من قبل بعض الدول، فى الوقت الذى يسعى فيه التنظيم للسيطرة على آبار البترول الليبي.
والاسباب الحقيقية لنقل التنظيم الارهابى الى ليبيا الذى يسعى الى تحقيقه فى الفترة الحالية، لان ليبيا فى الوقت الحالى تعد بيئة ملائمة لتنفيذ داعش عملياتها من هناك، واستطاعت السيطرة على العديد من الأراضى بها، فإذا تمت المقارنة بينها وبين العراق وسوريا، سنجد ان فى تلك الدولتين يوجد نظام سياسى واضح، بالإضافة إلى قوات مسلحة قادرة على تنفيذ عمليات عسكرية قادرة على الدخول فى قتال شرس مع التنظيم، بالإضافة إلى الضربات الجوية لقوات التحالف الدولى التى تطارد عناصر التنظيم فى كل موقع، والتدخل الروسى فى الفترة الأخيرة الذى دمر العديد من قواعد ذلك التنظيم وبخاصة مخازن السلاح وقطع طرق الإمداد.إما بالنسبة الى ليبيا فكان هناك صراع واضح على السلطة - قبل تدخل الدولة المصرية - وتوجد شبه حرب أهلية بها ولا يوجد جيش نظامى متكامل يستطيع الوقوف فى وجه داعش، كما ان ليبيا تمتلك قدرة بترولية عالية سيسعى التنظيم الى السيطرة عليها كما فعل فى العراق وسوريا من اجل بيع البترول وشراء الأسلحة والمعدات العسكرية التى يقاتل بها، كما ان العناصر والجماعات المتقاتلة فى ليبيا ليست بقوة الجماعات الارهابية الموجودة فى سوريا أو القبائل فى العراق، لذا فمن السهل لتنظيم داعش الإرهابى السيطرة عليها وضربها بمنتهى السهولة والسيطرة على الوضع على الأرض لتكون له الغلبة فى جميع المواقف.ان نقل داعش قواعده وقياداته الى ليبيا سيشكل تهديدا مباشرا على مصر، حيث إن التنظيم يستطيع ان يصل الى الحدود الغربية فى ظل الفراغ الامنى والعسكرى الموجود فى ليبيا فى الوقت الحالي، وهو الامر الذى تضعه مصر فى الاعتبار من خلال تأمين المنطقة الحدودية بالكامل على الشريط الحدودى الذى يصل إلى الف كيلو متر، وتدعيمه بالطائرات والدفع بأحدث الأجهزة لمنع أى حالات تسلل عبر الحدود أو عمليات تهريب السلاح.ولكن النقطة المهمة هنا يجب على المجتمع الدولى ان يستوعب ما يفعله تنظيم داعش الارهابى فى الوقت الحالى وقطع جميع السبل امام نقل قيادته الى ليبيا، وعلى حلف الناتو الذى كان سببا فى تلك الفوضى داخل الاراضى الليبية منذ ان شن عملياته العسكرية ضد قوات النظام السابق وايضا تسليحه لجماعات مختلفة لمواجهة قوات الجيش الليبي، ان يتخذ الإجراءات المناسبة لمنع وجود التنظيم على الاراضى الليبية، لما سيكون له اثر خطير ليس على المنطقة ولكن ايضا على دول شمال المتوسط التى تعانى الآن الارهاب عن طريق ذلك التنظيم، وقد طالبت مصر أكثر من مرة بان يتدخل حلف الناتو لإعادة الاستقرار فى ليبيا الا ان الحلف لم يتخذ اى إجراء تجاه ذلك.على الجانب الآخر هناك ازمة حقيقية تسبب فيها مجلس الامن بحظر دخول السلاح الى ليبيا ولجميع الاطراف،مما كان له اثر سلبى على الجيش الليبى الذى يقوده اللواء خليفة حفتر لمواجهة الجماعات الارهابية المختلفة على أرض بلاده، وعلى الجانب الآخر تستطيع الجماعات الارهابية الحصول على السلاح من خلال سماسرة، والتهريب وهو ما لا يمكن السيطرة عليه.إن المرحلة المقبلة شديدة الخطورة ليس على مصر وحدها بل على المنطقة، ولكن مصر لديها القدرة على ضبط حدودها تماما بفضل القوات المسلحة الباسلة ولكن الأزمة الحقيقية تكمن فى تهديد الدول الاخرى مثل تونس وغيرها، الامر الذى يهدد المنطقة بأسرها من هذا التنظيم، ويجب على القوى الغربية اتخاذ القدرات العسكرية اللازمة تجاه هذا التهديد، وان يقوم الناتو بمسئولياته كاملة بدلا من التدمير الذى احدثه وجعل ليبيا ارضا خصبة للإرهاب.والاهم من كل ذلك ان يحدث التوافق المطلوب بين جميع الفرقاء فى ليبيا ويتم الالتزام بجميع الاتفاقات التى تمت فى مصر من أجل التهدئة اولا، ثم بعد ذلك لمواجهة خطر التنظيمات الإرهابية و مواجهتها بالشكل الامثل، من اجل عودة الاستقرار الى ليبيا مرة اخرى بعد تطهيرها، وايقاف الاطماع الخارجية بها.
[email protected]
رابط دائم: