رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

خائف من الماضى

عندما كنت طفلا كان لنا جيران طيبون, رجل فاضل وزوجة محترمة فى ملبسها وتعاملها, وأبناء ملتزمون يشهد لهم الجميع بحسن التربية والأخلاق الحميدة ويمدح الجميع هذه الأسرة الفاضلة, وذات يوم استيقظ سكان الشارع مفزوعين, فقد سقط لص فى اثناء تسلقه شقة جيراننا صريعا والتف الجميع حول جثته والدماء تسيل منها كالسيل, ووقف جارنا وزوجته يشاهدان الموقف من شرفة شقتهما, وكانت جميع الشواهد تدل على أن الصريع لص حاول تسلق البلكونة من أجل السرقة, وبعد أيام معدودات من تلك الواقعة إذا بجارى يحزم حقائبه ويصطحب بناته لجهة غير معلومة وهو ينظر إلى الأرض, ولا ينظر إلى أحد, وانتشر الخبر بسرعة الصوت بأن الرجل الذى سقط كان عشيق زوجة الرجل الفاضل وأنه فوجئ بقدوم الزوج مبكرا من عمله لشعوره ببعض الآلام، فاختبأ فى البلكونة, وهداه تفكيره لتسلق السطح عبر المواسير، ثم النزول إلى الشارع خصوصا أن جيراننا فى الدور الأخير من العقار، ولكن توازنه اختل وسقط صريعا.

لا ادرى لماذا ظلت تلك الحادثة عالقة فى ذهنى وتفكيري, فتغيب عنى لفترة محدودة ثم يستحضرها ذهنى من جديد, وبعد تخرجى فى الجامعة كدت أنساها, وكنت فى الوقت نفسه, أعيش حياة منحرفة, حيث كانت لى علاقات متعددة, وربما كان دلع والدى لى سببا فى تطور علاقاتى النسائية المحرمة بذلك الشكل, فلقد اشترى لى سيارة فارهة، وكان يمنحنى مصروفا كبيرا يكفى لتسديد إيجار الشقة المفروشة التى استأجرتها دون علم أحد لأقضى بها بعض الوقت مع من أصطادهن من الفتيات المنحرفات, ومن أرتبط معهن بعلاقات عابرة, وظللت على تلك الحال حتى فاحت رائحتي, وعلمت عائلتى بما أفعله وأزعجهم ذلك كثيرا.

وبعد أن تجاوزت الخامسة والعشرين التحقت بإحدى الوظائف وقررت أن أغير حياتى وبدأت أعود إلى رشدي, وفاتحتنى عائلتى فى موضوع الزواج, ولأننى فقدت الثقة فى الفتيات لكثرة مارأيته منهن, فقد قررت أن أتزوج بطريقة الصالونات، وليس عن طريق قصة حب كالقصص الوهمية التى كنت استغلها لإقامة علاقات غرامية، وأخبرت والدتى بأننى أرغب فى الارتباط بفتاة من أسرة محافظة ترتدى ملابس محتشمة بمواصفات معينة، ومن بيئة محافظة ومشهود لها بالأخلاق, طلبت ذلك والثقة لم تتمكن منى تجاه الجنس الآخر, واخبرتنى أمى بعد فترة بأنها وجدت طلبى عند إحدى صديقاتها, فابنتها من اسرة طيبة، وذات خلق ودين، وترتدى ملابس محتشمة جدا، ولا تخرج من بيتها إلا برفقة والدتها وللضرورة فقط، فاستبشرت خيرا وتوجهت بصحبة والدتى لكى اتعرف على الفتاة, ومنذ اللحظة الأولى التى شاهدتها فيها لمست وصف أمى للعائلة بالطيبة, والملابس التى توحى بالأدب والاخلاق حقيقة واقعة, ونظرات الخجل لا تفارق الفتاة التى كانت تنظر إلى الأرض أكثر مما تنظر لي, وعندما دققت النظر إليها أحسست باننى شاهدتها من قبل فى مكان ما, وعدت لأقول لنفسى يخلق من الشبه أربعين، وبعد تركيز شديد, تذكرت أنها واحدة من اللاتى قضيت معهن لحظات محرمة قبل أن ترتدى الملابس المحتشمة، وتلزم المنزل لانتهاء دراستها.

نعم هى التى كانت تدرس فى الجامعة، وكنت اصطحبها معى فى الشقة المفروشة، وتركنا أفراد العائلتين للتعارف ففاجأتها باسمها وبكل شئ بيننا, فتذكرتنى، وقالت لى إن عائلتها لا تعلم شيئا عن تصرفاتها السابقة, وأنها كانت تأتى معى لأنها أحبتنى فى حينها، وانها ابتعدت عنى عندما وجدتنى غير جاد فى الزواج منها، ولا أدرى لماذا ماتت ثقتى منذ تلك اللحظة فى جميع الفتيات, ولماذا تفرض قصة جارى نفسها على أحلامى فى النوم واليقظة؟

قل لى كيف يطمئن بالى لأى فتاة, بعد هذه التجارب المرة, وكيف اتأكد من أن ماضى من سوف أرتبط بها شريف, وغير ملوث, وكيف استعيد ثقتى الضائعة بعد قصة جارى وقصتى مع الكثيرات ومنهن من ساقنى الحظ للارتباط بها, وهى التى كانت ذات يوم من فتيات المتعة المحرمة؟

ولكاتب هذه الرسالة أقول :

ما تعيشه الآن من قلق واضطراب هو النتيجة الطبيعية لكل تصرفاتك الطائشة خلال فترة المراهقة والدراسة الجامعية, والتى أسهمت فيها أسرتك بتدليلك الزائد عن الحد, وتوفير كل ما طلبته منها من سيارة وشقة وخلافه دون أن تكون هناك متابعة دقيقة لما تفعله، وسيظل الخوف من الماضى مسيطرا على تفكيرك إلى ما لا نهاية, وسوف تستعيد صور الفتيات اللاتى يستجبن لرغباتك كلما تقدمت لإحداهن طالبا يدها, حتى لو أنها فتاة طيبة من بيئة صالحة، وبالطبع فإن هناك أسرا محترمة تربى بناتها على الفضيلة, ولا يعرفن الطريق الذى انجرفت إليه, لكن الشك يدفع الإنسان دائما إلى ارتكاب حماقات وينزلق به إلى ما لا تحمد عقباه.

والمرأة الصالحة تعرفها منذ البداية, فهى تبدو دائما واضحة للعيان ربما من أول نظرة, ومن العبث أن تراقب امرأة سيئة لأن من تريد ان تفعل شيئا سوف تفعله, وإنما هناك قواعد عامة تحكم اختيار الزوجة, وكلنا يعرف الحديث الشريف لرسول الله صلى الله عليه وسلم: «تنكح المرأة لأربع, لمالها وجمالها وحسبها ودينها, فاظفر بذات الدين تربت يداك»، وذات الدين ـ يا سيدى هى التى لا تعرف الخطيئة, ولا تمشى فى مسالك السوء, وما فترة الخطبة إلا لكى تتعرف عليها وتدرس جوانب شخصيتها، فالحقيقة أننى لا أرى للنساء حدا أوسط, فهن إما أن يكن ملائكة الفضيلة والعفاف, وإما أن يكن شياطين الرذيلة والعبث على حد تعبير كارتر، ومهما ارتدت المرأة الخاطئة من مظاهر التدين فإنها تبدو ظاهرة لكل من يحيطون بها.

ولعلك استوعبت الدرس وأيقنت أن الطريق الذى سرت فيه كان خطأ منذ البداية، وعليك أن تترك الماضى بكل ما فيه بعد أن تستوعب دروسه, وأن تنظر إلى المستقبل, وأن تحاسب من سوف ترتبط بها منذ اللحظة التى تتعرف عليها فيها، فكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.. هداك الله وأبعدك عن طريق الرذيلة وهو وحده المستعان.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق
  • 1
    ^^HR
    2017/12/08 09:01
    0-
    2+

    ولماذا تعفى نفسك مما كنت تفعله؟!...هل لأنك رجل وفقط؟!
    ألا يعيب الرجل السقوط فى الفواحش والوحل تماما مثل المرأة؟!....السؤال العكسى لك: وكيف تطمئن لك اى فتاة إن علمت بماضيك الاسود السئ؟!...هذا نموذج وتطبيق حى لقاعدة"كما تدين تدان" والآية"الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات"... رأيى أن تتزوج ممن شاركتها الاثم وتتطهرا وتتوبا سويا توبة نصوحا وتغفرا لبعضكما لعل الله يغفر لكما بعدها
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق