رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«وادى القمــر».. سفير الموت البطىء الى الآخرة
كارثة بيئية تهدد 60 ألف مواطن بـ «التحجر الرئوى والسرطان» بالإسكندرية

سامى خير الله
مداخن شاهقة تتطاير منها «أبخرة الموت» ليل نهار، فالأدخنة والأتربة السامة تتسلل الى صدور الأطفال فى هدوء ولا تترك الشباب ولا العجائز وطوابير .. مرضى الربو والسرطان وضيق التنفس تزداد كل يوم أمام الوحدات الطبية والمستشفيات.

صرخات من تحت التراب يرددها أهالى منطقة وادى القمر، غرب الإسكندرية، أو كما يطلق البعض عليها «وادى الموت» بعد أن تحولت إلى بؤرة من التلوث الكثيف المنبعث من المنطقة الصناعية التى تضم العديد من مصانع الأسمنت داخل الكتل السكنية، ومن بين هذه المصانع ولعل أخطرها مصنع «ت» للأسمنت، الذى تحول الى كارثة بعد أن كانت المنطقة مشفى يوماً من الأيام، وملتقى أصحاب الفكر الراقى والشعراء فى حقبة العشرينيات .

أنشئ مصنع «ت» للأسمنت، بمرسوم ملكى عام 1948ميلادية والذى تتطاير منه أطنان من الغبار، ويقع إلى الشمال من المنطقة السكنية فى وادى القمر غرب الاسكندرية ويفصل بينها وبين البحر، ويبعد السور الجنوبى للمصنع عن المنطقة السكنية بنحو 10 أمتار فقط هو عرض الشارع الفاصل بينهما.

أكثر من 60 ألف مواطن بالمنطقة يترصدهم المصنع يوميا بكم هائل من الانبعاثات والابخرة المسببة للإصابة بأمراض الجهاز التنفسى والربو والسرطان، والتحجر الرئوى .. يطلق عليه الأهالى «سفير الموت الى الآخرة».

عادل القاضى من سكان المنطقة قال لـ»الاهرام» أن الأهالى عبر سنوات طويلة مارسوا أشكالا عديدة للمناهضة والتعبير عن غضبهم من بينها الاحتجاج السلمى ضد المصنع، وقدموا الشكاوى ونظموا الوقفات الاحتجاجية وعقدوا مفاوضات مع المسئولين فى المصنع فضلا عن تصوير الأفلام الوثائقية، وصولا الى تقديم شكوى ضد مؤسسة التمويل الدولية التى تمول الشركة، ولكن فى النهاية دون جدوى .

أما عبد السلام فلفل ـ من السكان ـ فقال ان نضال الاهالى بالمنطقة التى يقطنها اكثر من 60 الف شخص مستمر منذ عام 1967 وهو تاريخ أول شكوى مكتوبة للمسؤولين، وحتى الآن مرورا بمقابلة كل وزراء البيئة ومحافظى الإسكندرية الذين تواردوا عليها ورئاسة الوزراء وتسليمهم ملفا كاملا عن الكارثة بوادى القمر ولكن للأسف الشديد لم يحرك أحد ساكناً .

وتابع «فلفل»: تحول المصنع من استخدام الغاز الاقل تلوثا إلى استخدام الفحم والقمامة ومخلفات الصرف الصحى وحرقهم على بعد 10 أمتار فقط من السكان، مما تسبب فى انتشار الأمراض السرطانية وأمراض الصدر بشكل عام، مضيفاً:«نعيش مأساة حقيقية».

وعلى الجانب الطبى قال الدكتور مجدى حجازى وكيل وزارة الصحة فى الاسكندرية أن أغلب الإصابات التى تتردد على الوحدة الصحية الموجودة فى منطقة وادى القمر تكمن فى الاصابة بحساسية فى الصدر والعين، والربو وبدايات تحجر رئوى بسبب الأتربة والانبعاثات والابخرة السامة التى ترسلها شركات الأسمنت عبر الهواء .

وأضاف «حجازي» فى تصريحات لـ«الأهرام» - أن الأبخرة المتصاعدة من مداخن شركات الأسمنت، تعد سببا رئيسيا فى إصابة معظم سكان وادى القمر بحساسية الصدر، بسبب وجود مادة تسمى بـ«الباى باص» والموجودة داخل مكونات الأسمنت، والتى لو تم استنشاقها بكميات كبيرة يتسبب ذلك فى الإصابة بالتحجر الرئوى على المدى الطويل لدى الشخص .

وكانت وزارة البيئة أصدرت تقريراً أكدت فيه أن التلوث البيئى ناتج عن الأحمال الثقيلة فى شوارع منطقة وادى القمر، وليس من عوادم المصنع.

وتبقى فى النهاية .. الكارثة الحقيقية التى تكاد تعصف بأرواح المواطنين ..مطلوب على وجه السرعة تحرك المسئولين من اجل نقل المصنع الى خارج الكتلة السكنية أو الزام المصنع بوضع مرشحات لتقليل الانبعاثات.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق