رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

علماء وكتاب وسياسيون وفنانون
الشرقية قلعة الفرسان .. ومنارة الإبداع

أعدت الملف : نرمين عبد المجيد الشوادفي
ما تبقى من منزل أحمد عرابى
تتواصل حملة الأهرام ورحلتها.. للتنقيب عن كنوز الفكر والسياسة والفن والإبداع.. والبحث عن آثارهم فى أماكن نشأتهم ومحافظاتهم.. لنتساءل: ماذا فعلنا بهم وبذكرياتهم ووصاياهم؟..

وكيف نعيد بهاء هذه الأماكن لتصبح مقاصد سياحية وعناوين للعرفان بالجميل؟.. وكنا قد بدأنا بمحافظة الدقهلية فى محطة أولى للرحلة.. واليوم يحط بنا الرحال فى محافظة الشرقية.. مع احتفالها بعيدها القومى غدا. على مدى تاريخها القديم والحديث قدمت محافظة الشرقية عشرات بل مئات الأعلام من النجوم والمشاهير فى مختلف المحافل والمجالات؛ دينيا وسياسيا وأدبيا وعلميا وفنيا ممن اثروا الوجدان المصرى والإنسانى واستطاعوا حصد تقدير الملايين من أبناء الشعب، فعلى طميها و بين جنبات قراها شب هؤلاء المبدعون، وارتووا من مياه نيلها، فكانوا خير سفراء لها ولم يبخلوا عليها بحبهم وكرمهم، حتى بعد أن غمرتهم الأضواء وباتت شهرتهم ملء السمع والبصر، لم يغيبوا عنها وانما فاضوا بحبهم لها وأهلها، وفى كل مرة كانوا يعودون يحفهم الحنين والذكريات لتحتضنهم بدفئها.. وفى هذا الملف، سعى «الأهرام» إلى سرد جزء من سيرة هؤلاء المشاهير لتزيح الستار عن بعض من ملامح حياتهم وما قدموه لبلدانهم، وقراهم فى محاولة لتعريف الأجيال الجديدة، علهم يقتدون بهم، من هؤلاء أحمد عرابى قائد الثورة العرابية وامام الدعاة الدكتور عبد الحليم محمود ورائد الاقتصاد المصرى طلعت حرب والعندليب عبد الحليم حافظ وطبيب الأدباء يوسف ادريس والمفكر خالد محمد خالد ومشهور احمد مشهور رئيس قناة السويس وسيد مرعى نائب رئيس الوزراء ورئيس مجلس الشعب الأسبق وأخرين لا يقلوا شهرة لم يتسع المجال لذكرهم مثل الشاعر مرسى جميل عزيز، إلى ثائر الكلمه أحمد فؤاد نجم، ودسوقى وعزيز وثروت وفكرى اباظة، و الداعية الدكتور أحمد عمر هاشم، والنمر الأسود أحمد زكى، والعباسى وعبد العاطى صائدى الدبابات، مازالت الشرقية تجود بأبنائها ومشاهيرها لتبقى دائما وأبدا منارة للمبدعين.

 


 

أحمد عرابي.. كرموه فى سيريلانكا والأرجنتين وأهملوه فى بلاده

«هو الزعيم  المصرى أحمد حسينى عرابي، القائد العسكري، و الثائر الأشهر ضد استبداد الحكام مفجر الثورة العرابية أول ثورة وطنية شعبية ضد الظلم والطغيان والتبعية للأجنبي،

 

وأول من نادى بتطبيق العدالة الاجتماعية ووقف ضد اضطهاد المصريين، صاحب الوقفه الشهيرة والتى مازالت ذكراها وكلماتها الخالدة عالقة فى النفوس والقلوب تتجدد مع ذكرى الانتصارات والثورات «لقد خلقنا الله أحرارا ولم يخلقنا تراثا أو عقارا، فوالله الذى لا إله إلا هو لن نورث ولن نستعبد بعد اليوم»

داخل قرية رزنة مسقط رأس الزعيم عرابى حيث يقع كل ماتبقى منه بخلاف سيرته «منزله ومتحفه » يرثيان حالهما بعد أن آل اليهما الإهمال وطوتهما ذاكرة النسيان شاهدان على عصور عده تعاقبت دون أن يكون لهذا الزعيم حقه من التقدير والتكريم، ولأن المقصد دائما لكل غريب هو متحف الزعيم، فسرعان ماتجمع الاهالى جواره ولأول مرة، من بين الوجوه التى اصطفت للقائنا لم نجد، وجه حفيده الذى حمل الكثير من ملامح عرابى الجد وشاربه، كأول من يلقانا ويستقبلنا ليحكى لنا عن تاريخه ويشكو ما تتعرض له ذكرى الجد الأكبر ، لم يكن حاضرا تلك المرة كعادته فقد انتقل هو ايضا للعالم الآخر قبل ان يخرج حلمه الى النور، ورغم أن تمثال عرابى ولوحة تحمل صورته يتصدران مدخل القرية فإن سوء حالة المتحف الذى يقع على بعد أمتار كانت كافية، عن أى كلمات، فبينما اتخذت سيريلانكا أو جزيرة سيلان حيث منفى الزعيم أحمد عرابى منذ مئات السنين من أول منزل أقام به على أرضها متحفا ومزارا علميا وتاريخيا لتعريف ابناءها بسيرته ومدى ما قدمه لوطنه من تضحية، كما وضعت اسمه على أحد جامعاتها تخليدا لذكراه وأقامت له الأرجنتين تمثالا ضخما فى أشهر وأجمل ميادينها اعترافا بقيمته كزعيم وطنى ودوره فى النضال من أجل التحرر ورفض التبعية يبقى متحفه داخل قريته بمحافظة الشرقية مجرد أطلال تكشف عن مدى الإهمال الجسيم واللامبالاه بآثارنا ومتاحفنا، فالمتحف الذى شيده الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بمدخل قرية هرية رزنة فى الستينات لتخليد ذكرى عرابى كمعلم مهم ومزار سياحى تاريخى يميز البلده ويخلد اسم ابنها وتم تزويده بمجموعة من الصورواللوحات والمقتنيات والتماثيل لقائد الثورة العرابية ومشهدا تمثيليا لمحاكاة الوقفة الشهيرة وبعضا من التماثيل لأعضاء مجلس قيادة الثورة وهو ما تم تطويره فى عهد الرئيس أنور السادات بتزويده بالإضاءة اللازمة و بعض المقتنيات ليكون فى استقبال رواد المحافظة من السائحين والشخصيات وكذا طلاب وتلاميذ المدارس قد تحول لأطلال شاهدة خاوية على عروشها الا من كومات الاتربة وبعض أوراق الأشجار والقمامه الملقاه هنا وهناك بعدما تم تفريغه تدريجيا من معظم المقتنيات كما يروى أبناء القرية،

يقول محمد مصطفى أحد الأهالي: كانت هناك سيارات تتردد بين الحين والآخر تقوم بنقل هذه الأشياء دون سبب واضح وتحديدا تلك الخاصة بمجزرة بحر البقر التى راح ضحيتها عشرات الأطفال من تلاميذ الإبتدائى بالحسينية وهى المذبحة التى أثارت الرأى العام العالمى وكشفت عن همجية ووحشية الصهاينة، بعدها تم غلق المتحف تماما منذ نحو التسع سنوات لإعادة انشائه بدعوى أنه آيل للسقوط، ورغم مضى السنين وتعاقب المسئولين والمحافظين على القرية لتفقد المتحف فى إطار الاحتفال بالعيد القومى للمحافظة اليوم نفسه الذى يواكب ذكرى الثورة العرابية والوقفة الشهيرة لزعيم الفلاحين الثائر الخالد، فإن جديدا لم يحدث وما زال الحال على ما هوعليه فلا المتحف سقط ولا تم تطويره.

أما عن المنزل فلم يكن الحال يختلف كثيرا فبالرغم من كونه أحد الآثار الخالدة التى يفوح منها عبق الماضى لاحتفاظه بشكله وطابعه القديم وبنائه اللبن المتواضع كحال البيوت الريفية المصرية فى ذلك الوقت فلا يوجد ما يشير الى كونه أثر أو ذو قيمة تاريخية إلا كتابات بسيطة دونت معظمها بايدى أطفال لتعلن للجميع أن هذا هو منزل الزعيم ابن قريتهم صاحب الوقفة الشهيرة التى طالما ظلت الرمز لرفض الهوان والاستعباد

ليس هذا فحسب فالبيت نظرا لمرور السنوات وتعاقب الأجيال والتطورات التى لحقت بالمنازل المجاورة وأعمال التعلية يكاد أن يردم أويندثر تحت كومات الرماد وربما أكوام القمامة التى تعلوه وتحيطه من كل اتجاه بعد أن غادر سكانه إلى العالم الآخر

ورغم أن المنزل يتبع لهيئة الآثار مباشرة منذ سنوات طويلة إلا أنه مهدد بالفناء والإنهيار لعدم تجديده أواتخاذ أى إجراء لإحلاله وتطويره وهو ما يحول دون تدخل أحد فى هذا الأمر إلا بعد استئذان ورد الآثار

فيما يؤكد عزت مصطفى أحد أهالى القرية ورئيس جمعية أحمد عرابى أن تجديد المتحف لطالما كان مطلبا لأهالى القرية وحفيده الذى توفى قبل أشهر لتبقى ذكراه خالده تتوارثها الأجيال وكذا سيرته وتاريخه مستطردا ان مصر كانت دائما فى قلب وعقل الزعيم ولم تبرح مخيلته ابدا طوال منفاه الذى قضى به نحو 20 عاما حتى إنه نقل معه أشجار المانجو من هناك لمجرد استشعاره حلاوتها وحسن مذاقها ورغبة منه أن ينعم ذووه بطعمها، كما كان يريد أن يلقى نحبه فيها ويدفن على أرضها، وكان يخشى ان يموت بعيدا عنها وهو ما افشى به لأسرته بعد عودته من المنفي.


 

الإمام عبد الحليم محمود.. «غزالى القرن العشرين»

لم يكن ارتباط الإمام الدكتور عبد الحليم محمود القطب والداعية الاسلامى الأشهر بقريته «السلام» ارتباطا تقليديا، و يكفى ان نذكر انه لايوجد بيت بقريته الا وأحد ابنائه يحمل اسم  عبد الحليم محمود تيمنا العلامة الكبير ليدلل على ما كان لهذا العالم من قدر ومكانه فى نفوس اهلها وذويه

فهو غزالى القرن العشرين إمام الصوفية وفيلسوف الفقهاء صاحب الاسلوب الفريد والفذ فى النفاذ لجميع القلوب والعقول وتوصيل أسس العقيدة ومبادئ الفقه والتفسير لذا كانت مكانته الرفيعة التى استطاع بها أن يحفر اسمه فى ذاكرة التاريخ وضمير وجدان الملايين من المسلمين فى مختلف بقاع الأرض بحروف من نور.

ولد الشيخ الجليل عبد الحليم محمود فى مايو عام 1910 لأسرة شريفة ميسورة عرفت بالصلاح باحد قرى مركز بلبيس وكان اسمها قرية «أبو أحمد » نسبة لجده الحاج أحمد قبل ان يتغير اسمها لـ « السلام » بعد نصر اكتوبر والذى كان الامام أول من بشر به لما رآه من رؤيا دلت على ذلك ، حيث كان دائم القربى لأهلها يشاطرهم مناسباتهم كلما تسنى له ، وكان القدوة لجميع ابناء البلدة والقرى المجاورة ولأنه لم يجمع من متاع الدنيا حيث كان زاهدا عابدا ظل يقطن شقه بسيطه بالايجار حتى توفى وهو لا يملك شيئا يذكر فقد تبرع شقيقه الشيخ عبد الغنى بالكثير من أملاكه وأراضيه لبناء المدارس والمساجد والمعاهد ومقار الخدمات كبنك القرية وغيره من الوحدات الصحية والاجتماعية لتحمل اسم الامام الراحل تخليدا له ولسيرته فيما بقيت منازل اسرته التى لم تبرح القرية وضريحه الذى شيد له بعد وفاته ملاذا ومقصدا لمريديه ومحبيه .

يقول حسين محمد عبد الحليم حفيد الامام كان جدى الاكبر ابو الامام شغوفا بالثقافه الاسلاميه وحضور حلقات الدرس لمختلف المشايخ بالأزهر والتنقل بينهم لينهل من العلم الوفير ويثرى معرفته ومن ثم ورث عنه ابناؤه حب العلم والاقبال عليه وحذوا حذوه وكان جدى الامام الدكتور عبد الحليم محود اكثرهم نهما فحفظ القرآن الكريم مبكرا والتحق بالأزهر وعمره 13عاما حتى اتم الخامسة عشرة ليعود ويلتحق بمعهد الزقازيق الازهرى ويحقق تفوقا ملحوظا ويعين مدرسا بالمعهد ، لكن حرص والده على المزيد جعله يعود للدراسة مرة اخرى بالأزهر حتى نال العالمية عام 1932 ليعلن بعدها عن رغبته فى السفر لاكمال دراسته العليا ومعرفة المزيد عن الاديان وتاريخها ودراسة الاجتماع وعلم النفس وبالفعل سافر على نفقته الى فرنسا ونجح فى الالتحاق بالبعثة الازهرية لما لوحظ عليه من دأب ليواصل مسيرته ويحصل على الماجستير والدكتوراه ويعود الى مصر ويتوالى تقلده المناصب بدءا من أستاذ بكلية أصول الدين جامعة الأزهر ثم عميدا للكلية وأمينا عاما لمجمع البحوث الإسلامية ثم وزيرا للأوقاف ويعد عهده فى الوزارة العهد الذهبى للمساجد حيث سعى للتوسع فى انشاء المساجد فى كل بقعه فى ارض مصر لتصل للآلاف وعمل على ضمها للأوقاف لضمان الاشراف الأمثل ثم توليه مشيخة الازهر ليبدأ فى نشر وارساء مبادئ وتعاليم الدين الاسلامى الصحيح وبث روح ونهج التربية الاسلامية السمحه من خلال التوسع فى انشاء المعاهد الازهرية التى وصل عددها فترة توليه لاكثر من 4الاف معهد ساعيا بذلك لمواجهة الفكر الشيوعى والمتطرف الذى كان قد اخذ فى الانتشار فى تلك الفترة كما عكف على إعادة تشكيل هيئة كبار العلماء من الأكفاء والعدول هكذا كانت حياته جهادا متصلا الى ان توفاه الله فى اكتوبر 1978 تاركا تراثا فكريا زاخرا ومازالت ذكراه يحتفى بها سنويا بقريته بحضور الآلاف من محبيه وطلابه ويحضرها كبار رجال الدولة والعلماء والدعاة.

وعن ابرز سمات الامام يقول اللواء محمد صالح ابن شقيقته إنه كان قويا مهابا غيورا على دينه ولم يكن يبالى بمنصب فيذكر انه اثناء توليه مشيخة الازهر وتحديدا عام 1974صدر قرار الرئيس بتنظيم شئون الازهر تضمن الحد من صلاحياته ما اعتبره الامام تدخلا من الرئاسة فى شئون الازهر و محاولة لتقليص دور المشيخة واختصاصاتها ومنحها لوزارة الاوقاف فتقدم باستقالته احتجاجا على هذا التدخل كونه ينال من قدر المشيخه والازهر ويعوقه عن اداء رسالته وبالفعل عزف عن الذهاب لمكتبه فما كان من الرئيس السادات ولقدر الشيخ الجليل ومكانته ونظرا لما كان للاستقاله من صدى وردود فعل الا ان تراجع معيدا الامر إلى نصابه ومقرا لحق المشيخة وشيخها فى كل ما يتصل ويتعلق بالشؤون الدينية وعلوم الإسلام ودراسته والمشتغلين به ، كذلك انتفاضته ضد قانون الاحوال الشخصية ورفضه تقييد الطلاق ومنع تعدد الزوجات وتأكيده انه لا قيود على المسلم الا ضميره وتعاليم دينه ولم يهدأ حتى أُلغى القرار

كذلك موقفه المشرف فى عقب اندلاع حرب اكتوبر حيث هب إلى منبر الأزهر ليلقى خطبته الشهيرة مناشدا جموع المواطنين والحكام من عرب وغيرهم الالتفاف والتوحد مبينا أن الحرب على العدو الصهيونى حرب فى سبيل الله كما كانت له مواقفه التى تسجل فى لوحة الشرف حيث كان عائدا من فرنسا وهو يرتدى البدله لكنه ما ان سمع بتهكم البعض على الازهريين حتى شعر بالاهانه والغضب وسارع لخلع البدلة وارتداء الزى الازهرى وحث زملاءه على ذلك ماكان محل استجابة واسعه كابلغ رد عما اعتبره اهانه.


 

عبد الحليم حافظ.. صوت الثورة القادم من «الحلوات»

اى دمعة حزن لا - توبة - نبتدى منين الحكاية - صورة - حكاية شعب - قارئة الفنجال - موعود -جبار- فى يوم فى شهر فى سنه - ضحك ولعب-وحياة قلبى وأفراحه  أغانى عديدة شدا بها العندليب عبد الحليم حافظ  استمرت وعاشت وشكلت جزءا كبيرا من نبض ووجدان الشارع المصرى فى الخمسينات والستينات والهبت حماسهم مع اندلاع ثورة يوليو حتى  قيل إن الثورة كانت اغانى عبد الحليم فى صورة كلمات والحان .

 

ورغم مرور عشرات السنين على وفاته الا ان ذكره مازالت باقية عالقة فى نفوس وقلوب محبيه ومعجبيه من كل انحاء العالم العربى كأحد أهم المطربين فى تاريخ الأغنية العربية، من خلال مئات الأغنيات العاطفية والوطنية والافلام التى مازالت تحى ذكراه

كان عبد الحليم الابن الأصغر لأربعة إخوة ذاق مرارة اليتم منذ ولادته فقد توفيت والدته بعد أيام من مجيئه للدنيا قبل أن يلحق بها والده ويتركاه وحيدا ويعيش بعدها فى بيت خاله ، ورغم ظروف مرضه ورحلته الشاقة مع المرض ومعاناته خلال فترة حياته القصيرة الا ان تلك المعاناه انعكست على فنه وزادت من عشقه له واخلاصه فى عمله حتى استطاع ان يسطر اسمه فى سماء الفن بل وزادت رصيده لدى جمهوره الذى طالما عشق اغنياته وهام حبا ووطنية مع ألحانها ، لكن كل هذا الحب لم يشفع لقرية الحلوات بمركز الابراهيمية مسقط رأس العندليب أن تحتضن أى ذكرى أو أثر يشير الى كونها قرية فارس الاغنيه حتى منزله فقد ظل الجدل قائما بعد بيعه وقيام صاحبه الجديد بتحويله الى مخبز لإعداد وبيع الخبز ، وكان عبد الحليم قد اختار البيت الذى شب وترعرع فيه صغيرا وهو بيت خاله متولى عماشة ليكون بيته الخاص على أرض قريته التى شهدت أيام طفولته وصباه قبل أن يسافر للقاهرة فأثثه على افضل ما يكون بعد ان مد له خط تليفون و أحدث الأجهزة حينذاك وأحاطه بالاشجار من كل جانب حيث كان يدفعه الحنين دوما إلى قريته ويهفو اليها رغم ما ذاقه فى طفولته من حزن وقسوة ومرارة اليتم فقد التحق بمدرستها وترعرع بها قبل ان ينتقل للعيش مع خاله بالزقازيق ، وكان حريصا أن يعوض أهلها كل ما حرم منه حيث كان اول من أدخل لها الكهرباء عن طريق محول اشتراه لها خصيصا لينير شوارعها وذلك قبل أن تدخل الكهرباء المركز أو القرى المجاورة كما عين خفيرا خاصا لحراستها من ماله الخاص و قام ببناء اول وحدة صحية بالقرية لتقديم العلاج اللازم لأبنائها بالإضافة لمساهماته العديدة فى بناء المستشفيات كالمبرة والجامعة وبعض المساجد والمشروعات الخدمية ، وبعد وفاته وانفاق كل ما لديه على العلاج وعدم قدرتها على البقاء فيه بمفردها لم تجد شقيقته الكبرى بدا من بيع المنزل لاحد معارفهم ببضع عشرات من الالاف وهو البيت الذى كان يوما مقرا لجمهورية الحلوات كما كانوا يحبوا ان يطلقوا عليها ويروى الحاج عبد الحميد أحد شيوخ القرية من اقارب أسرة عبد الحليم ان احتفالية سنوية كانت تقام بها كل عام لإحياء ذكرى العندليب يحضرها القيادات وكبار الشخصيات لما كان له من دور وطنى واجتماعى فى حقبة الثورة حيث ألهبت أغانيه قلوب العالم وزادت من ايمانهم وتعاطفهم والتفافهم حولها ولكن مع الوقت اختفت ولم نعد نحتفل بذكراه ويستطرد ان عبد الحليم كان مقربا من جمال عبد الناصر وكان مسموحا له دخول بيته فى اى وقت يشاء ودون تحديد موعد مسبق وكنا نشاهده كثيرا بالقرية حينما كان يأتى وكم من مرات شاهدناه يصطحب فيها نجوم الزمن الجميل ومنهم محمد الموجى وكمال الطويل وغيرهم لبيته قبل مرضه الأخير ورحيله عن دنيانا مارس 1977وعمره مازال 48عاما وكان يوما حزينا للقرية بأكملها ويضيف محمد ابراهيم احد اهالى الحلوات ان افلامه كانت تعكس ملامح شخصيته الحقيقية فقد كان هو ذاك الشخص البسيط الوديع الذى يخجل أن يعترف بحبه وهو الذى عاش حد الكفاف قبل ان يعرف الشهره وكان يصف نفسه بأنه ابن القدر ويضيف ان عبد الحليم كان له ترزيا خاصا فى الزقازيق عرف بانه ترزى عبد الحليم حتى بعد ما اشتهر كان هو من يصمم له ازياءه ويخيطها له من قمصان وبنطلونات وبدل الحفلات وكان يرفض ان يصنعها له اخر الا ماكان يشتريه جاهزا عندما يسافر خارج البلاد ويطالب الاهالى بشراء المنزل وادراجه ضمن خطة الثقافة وتحويله لمتحف ومزاركمعظم بيوت المشاهير أو مركز ثقافى يحمل اسمه و يتعلم به أبناء القرية الفنون والكمبيوتر وغيرهم قبل ان تمر السنوات وينطمس تاريخه وتضيع ذكراه خاصة مع وفاة كل افراد العائلة باستثناء عدد بسيط للغاية معظمهم من السيدات.


 

يوسف إدريس.. طفولته فى «البيروم» مصدر إلهامه

أديب الأطباء وطبيب الأدباء الذى ترك الطب ليمتهن الأدب، أمير القصة العربية، انه الكاتب والقاص  العالمى الذى ترجمت مؤلفاته إلى عدة لغات  بعدما  أثرى الأدب العربى بالعديد من الأعمال والروايات بلغت عشرين مجموعة قصصية وخمس روايات، بالإضافة للعديد من المقالات والمسرحيات ، صاحب «النداهة» و«الحرام» و«جمهورية فرحات» و«الفرافير»، والحاصل على العديد من الجوائز فى الادب بالداخل والخارج ،  ومنها جائزتا الدولة التشجيعية  عام 1966وعام 1991. 

إنه الاديب والروائى المصرى الدكتور يوسف إدريس.


ولد يوسف إدريس بقريته البيروم بمحافظة الشرقية فى 19 مايو 1927و تخرج فى كلية الطب عام 1951 و تخصص فى الطب النفسى حيث كان مغرما بعلوم الكيمياء وماتموج به النفس البشرية ورغم تفوقه ونبوغه العلمى وتحقيق حلمه فى الإلتحاق بالطب والتخصص فإن عشقه للكتابة كان اقوي، فكان ولعه بالأدب وفن الحكى والقصص اللذاين استقاهما من جدته والتى تربى فى أحضانها فى مرحلة الطفولة بالقرية سببا فى ترسيخ هذا الفن لديه وتمييزه عن غيره من الأدباء، حيث يروى ان والده كان دائم السفر والتنقل لعمله فى استصلاح الاراضى فتركه للعيش مع جدته بالقرية، ومن هنا بدأ تأثره الشديد بها والذى تجلى فى العديد من كتاباته واستخدامه للعامية المصرية فى أغلب حواراته، كذلك كانت رواياته وقصصه مستوحاة من الواقع وكانت زوجته تروى عنه أنه يتقمص شخصياته ويندمج ويتجاوب معها ، ورغم انتمائه لاسرة متوسطه تضم عددا من الأزهريين وتعليمه الحكومى إلا أنه كان حريصا على تلمس الالغام الاجتماعية المحرمة ، ويتعمد تفجيرها بقلمه ذى الاسلوب الخاص فى الرفض وعدم التقيد بكل ما يحد من حريته ،فى قريته «البيروم» مازالت المكتبة التى تحمل اسمه وتتصدر الطريق لمسقط رأسه احتفاء بأعماله وأدبياته التى طبعت وترجمت إلى 24 لغة عالمية كما يروى أمين المكتبة منها 65 قصة تمت ترجمتها للروسية، بالاضافة لتحول الكثير منها لأعمال مسرحية وسينمائية شهيرة كالحرام والنداهة ، حيث يحرص إلى أعمال العديد من مثقفى «البيروم» من الكبار الذين يعتزون بانتمائه لبلدتهم على التردد عليها والتزود من العلم - ايمن شعبان أحد ابناء مركز «فاقوس» الذى لا ينتمى للبيروم ومع ذلك حريص على زيارة المكتبة يقول إن إدريس ظاهرة أدبية فريدة و كاتب جريء قوى فى الحق وصاحب مواقف بدت فى مقالاته القيمة فى جريدة الاهرام وغيرها من الصحف، وكنا نفتخر كونه أحد ابناء «فاقوس» ونتبادل كلماته وسيرته حيث كان متفوقا ولامعا فى كتابة القصص القصيرة وكان يعتبرها بمثابة اقتناص للحظة كشف خارقة و يقول عنها أنه من خلالها يستطيع تلخيص بحر فى قطرة وتمرير جمل من إبرة ، وإنه بكتابتها أشبه بالحاوى الذى لا يملك سوى حبل طوله نصف متر لكنه يستطيع أن يحيط به الكون وهو من قال عنه الأديب العربى طه حسين أجد فى ادريس المتعة والقوة ودقة الحدس ورقة الذوق ويستنكر شعبان إهمال مكتبته حاليا التى بدأ يعلوها الغبار ويزحف عليها التهالك والقدم، مطالبا بمزيد من الاهتمام بها ووضعها على خريطة وزارة الثقافة وتنظيم زيارات للمدارس والجامعات لتعريف الأجيال الجديدة بالكاتب والأديب يوسف إدريس. كما يروى السيد محمد وعدد من شيوخ البيروم انه كان معروفا بثوريته ومعاداته لكل اشكال الاحتلال، وكان خلال وجوده بالجامعة يصدر دوريات مناهضة للنظام وكانت البداية لنشر قصصه القصيرة وشارك فى اول مجلة للجيش بعد الثورة ، وقد عمل فترة بالطب ومارسه قبل أن يختطفه الأدب ويترك مهنته للتفرغ للكتابة والابداع -- أما أكثر ما أثر فينا قبل وفاته حالة اليأس التى استبدت به وتجلت فى مقال له قبيل سنوات من وفاته بعنوان «يموت الزمار» تضمنت سطوره «أنا على استعداد لان أفعل أى شيء إلا ان أمسك القلم مرة اخرى واتحمل مسئولية تغيير عالم لا يتغير وانسان يزداد بالتغيير سوءا وثورات ليت بعضها ما قام».


 

حمدى وعبد الله غيث
عملاقا المسرح المصرى .. أولاد شلشلمون

ولد الشقيقان حمدى وعبد الله غيث بكفر شلشلمون مركز «منيا القمح» فى العشرينيات من القرن الماضى  لأسرة ثرية تمتلك مئات الأفدنة، وكان الشقيقان على النقيض من بعضهما بعضا.

الأكبر حمدى غيث كان جادا حريصا على العلم والدراسة رغم موهبته الفنية واستطاع أن يلتحق بكلية الحقوق ومعهد الفنون المسرحية فى آن واحد ليصقل موهبته فى التمثيل والتى كان شغوفا بها ليتخرج عام 1948بترتيب الاول على دفعته ويكافآ بمنحة الى فرنسا ما جعله يتخلى عن دراسة الحقوق ليعود ويبدأ مساره الفنى بفيلم صراع فى الوادى الذى نجح فى ترك بصمة خاصة له لتتوالى عليه الأعمال بعدها ومع ظهور فرق التليفزيون المسرحية تم تعيينه نائبا لرئيسها الراحل سيد بدير ثم يتقلد منصبه كمدير للمسرح العالمى والقومى ثم وكيلا للثقافة الجماهيرية.

أما عبد الله فكان طفلا شقيا كما يروى الحاج رمزى غيث عمدة كفر شلشلمون السابق وابن شقيق الراحلين والذى ورث عنهما حب الفن وسبق له المشاركة فى أعمال عدة بالمسرح القومية ويضيف لم يكن عبد الله يولى اهتماما كبيرا بالدراسة والمدرسة مثل شقيقه وكان يفضل عليها الذهاب لدور السينما أو المسارح مع أصدقائه وزملائه، فكان يترك المدرسة كى يتوجه بصحبتهم لحضور الحفلات الصباحية ومشاهدة الأفلام حتى حصل على التوجيهية واختار بعدها العمل بالزراعة ورعاية أرض والده ، لكن مع عودة الشقيق الأكبر حمدى وقناعته بموهبة شقيقه و ملاحظته لقدراته بها، فقد أصر على توجيهه لاستكمال تعليمه بمعهد الفنون المسرحية وبالفعل التحق به تحت رعايته وتخرج فى عام 1954 ليشارك فى بعض الأدوار، بينما كان اول ما لفت اليه الأنظار دوره التليفزيونى فى هارب من الايام ثم المشاركة السينيمائية فى فيلم الحرام .ويضيف العمدة رمزى غيث أن حمدى مع التزاماته ومسئولياته لم يتوافر لديه الوقت الكافى للقرية ومع ذلك لم يكن «يفوت» فرصة إجازة طويلة إلا ويأتى للاقامة بها ويلتقى الأسرة، أما عبدالله فقد كان الأكثر ارتباطا بالقرية وقام ببناء فيللا خاصة له بخلاف منزل العائلة وكان كثير التردد عليها والجلوس مع ابنائها من الفلاحين والمزارعين وافتراش الارض والحقل بصحبتهم ومشاركتهم طعامهم ومشربهم وحضور مناسباتهم بعد أن يرتدى الزى الفلاحى الشهير « الجلباب البلدى « الذى كان يفضله كثيرا عن البدلة حيث كان يردد أنه يشعر بالسعادة بينهم وكان حريصا على حضور العيد القومى للمحافظة والعيد الخاص بمركز منيا القمح ، و لم يكن يتوانى عن أى طلب يطلب منه لأى من ابناء القرية حيث كان معروفا بعلاقاته القوية بأبناء الدول العربية الذين كانوا يعشقون أعماله باللغة العربية الفصحى فكان وزيرا لخارجية شلشلمون لاستعداده الدائم لمساعدة ابناءالقرية بتوفير فرص عمل لهم فى كل أنحاء الوطن العربى ، ويضيف انه فى آخر ايامه كان يتمنى أن يعتزل الفن ويقيم بقريته ومازال منزله بالقرية شاهدا على حبه لها وارتباطه بها.


 

من «السعديين» جاء مشهور أحمد مشهور.. مهندس القناة

على بعد سته كيلو مترات من مدينة «منيا القمح» ونحو 23كيلومترا من مدينة «الزقازيق» ولد مشهورأحمد مشهوررئيس هيئة قناة السويس الأسبق  بقرية السعديين مركزمنيا القمح فى 1 أبريل عام  1918

وكان أحد المكلفين بتنفيذ قرار التأميم للقناه خلال الخطاب الشهيرللرئيس عبد الناصر بالمنشية بالاسكندرية فى 26 يوليو1956 ثم كأحد ثلاثة عهد إليهم بادارة هيئة قناة السويس بعد إعلان تأميمها وانسحاب المرشدين الأجانب لتفادى تأثر حركة الملاحة ليثبت كفاءة لايستهان بها أهلته فيما بعد لتولى رئاسة مجلس إدارة الهيئة عام 1965 بعد جدارته فى مهمته كمدير للتحركات ويستمر بعدها لفترة كبيرة ثم يعاد تعيينه مرة أخرى بقرار من الرئيس السادات بعد إجلاء الإحتلال واستردادها وإعادة افتتاحهافى 5يونيو 1975

يقول الحاج عبد الرحمن مشهور عضو مجلس الشعب السابق ونجل شقيق الراحل إن عمه تخرج فى كلية الهندسة بجامعة فؤاد الأول «جامعة القاهرة» عام 1942وعمل عقب تخرجه مهندسا بالسكك الحديدية ثم انضم إلى سلاح المهندسين بالقوات المسلحة وحصل على ماجستير العلوم العسكرية من كلية أركان الحرب وكان عضوا فى حركة الضباط الأحرار وأحد المشاركين فى ثورة يوليو 1952 حيث أوكل إليه المشاركة فى تحريك الكتيبة 13 من مركز تدريب المهندسين ثم التحفظ على كبار قادة الجيش.

كما كان قائد المقاومة الشعبية بمحافظة الإسماعيلية عقب عدوان يونيو 1967حيث نجح فى حماية معدات الهيئة وورشها وأفرادها طوال فترة غلق القناة بعد نقلها إلى أماكن بعيدة وتوجيهها لخدمة المجهود الحربى وتطوير الموانى والوحدات البحرية وكان صاحب دور كبير فى إعادة فتح قناة السويس للملاحة بعد النصر.


 

طلعت حرب أبو الاقتصاد المصرى.. ابن منيا القمح .. قضى على مقولة «المصرى لا يعرف إلا الاستدانة»

رغم تباين الاراء عن مولده  بين القاهرة ومسقط رأس والديه  بمركز «منيا القمح» الا ان الشراقوة يعتزون كونه ابن بلدتهم مهد ابيه وأمه  ويتشبثون بذلك ويصرون عليه ويفاخرون به،

ولد طلعت حرب فى 25 نوفمبر 1867 وحفظ القرآن فى طفولته ثم التحق بالمدرسة الثانوية بالقاهرة ومن بعدها بالحقوق الخديوية وحصل على الشهادة عام 1889 وكان من أوائل الخريجين كما عرف بتفوقه ونبوغه وثقافته التى لم تقتصر على القانون بل كان حريصا على دراسة الاقتصاد و الاطلاع على العديد من الكتب فى مختلف مجالات العلم والمعرفة واللغات ومنها اللغة الفرنسية التى نجح فى إجادتهاإجادة تامة.

ومع هيمنة الاقتصاد الاجنبى فى ذلك الوقت وعدم وجود أنظمة مالية وطنية كانت فكرة طلعت حرب تأسيس أول بنك مصرى للمصريين للتحرر من الاحتكار المصرفى الاجنبى ومع انتشار دعوته التف حوله الكثيرون ونجح فى تأسيس بنك مصر عام 1920، ولم يكتف بذلك بل ساعد على انشاء العديد من المشروعات الأخرى ومنها إنشاء أول مطبعة مصرية برأس مال قدره خمسة آلاف جنيه حينذاك لدعم الفكر والأدب و المقاومة الوطنية ، لتتوالى بعدها الشركات التى أنشأها البنك مثل شركة مصر للنقل البرى وشركة مصر للنقل النهرى وثالثة للملاحة البحرية ، ثم شركة الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى واستقدم طلعت حرب خبراء الصناعه من بلجيكا وأرسل بعثات العمال والفنيين للتدريب فى الخارج. كما شيد مصنعا لحلج القطن فى بنى سويف، و أنشأ العديد من الشون والمخازن لجمع القطن فى كل محافظات مصر، كما ساهم حرب فى إنشاء شركة مصر للتمثيل والسينما ومصر لأعمال الأسمنت المسلح بالإضافة لشركات عدة للصباغة والمناجم والمحاجر وتجارة وتصنيع الزيوت، والمستحضرات الطبية والألبان والتغذية ومصايد الأسماك والحرير والكتان والكيمياويات والورق والسياحة والفنادق والتأمين جميعها حملت اسم مصر ، كل ذلك لاذكاء الروح الوطنية وحث وتشجيع الكثيرين على فكرة الادخار لدى البنك وزيادة الودائع مقارنة بالبنوك الأجنبية العاملة فى مصر وانهاء مقولة الاستعمارالتى كانت تردد فى ذاك الوقت «المصرى لايعرف إلا الاستدانة» بعد تحفيز الادخار لدى المصريين و حتى الأطفال منهم فكانت فكرته توزيع حصالات على تلاميذ المدارس الابتدائية ليضعوا فيها ما يستطيعون لفتح دفاتر توفير بالبنك وبالفعل نجحت الفكرة و شجعت مشروعات «حرب» الوطنية على الاقبال على شراء المنتجات المصرية بدلا من البضائع الاجنبية وحث المواطنين والتجار والمصانع للتعامل مع الشركات المصرية خاصة مع تأسيس البعض لجماعة «المصرى للمصرى » ساعده فى ذلك النقراشى باشا رئيس الوزراء فى ذلك الحين بانشاء معرض صغير لتلك المنتجات فى النادى السعدى ،ثم جاءت فكرة شركة بيع المصنوعات المصرية لعرض تلك المنتجات لمنافسة الشركات الأجنبية مثل بنزايون و صيدناوى وغيرهما ،، ومع كل ما سبق كان يرى أن تجديد الاقتصاد فى بلد زراعى لن يتم إلا بازدهار الثقافة وانارة العقول بالأفكار الجديدة فأنشأ استديو مصر وكان أول انتاجه فيلما قصيرا لمدة عشر دقائق للإعلان عن المنتجات المصرية و نشرة أخبار أسبوعية عن أهم الأحداث فى مصر ثم أنتج أول أفلامه بقصة مصرية هى «وداد» بطولة كوكب الشرق أم كلثوم وأحمد علام ،، وعلى الرغم من النجاح الذى حققه بنك مصر والإنجازات الاقتصادية الهائلة ، إلا أن أزمات مفتعلة من قبل الاحتلال الإنجليزى وبوادر بدء الحرب العالمية الثانية أدت إلى حالة من الكساد الاقتصادى وتدافع الكثيرون لسحب ودائعهم مما تسبب فى أزمة بالبنك ذهب على اثرها طلعت حرب إلى وزير المالية للتدخل لمساندته وحل المشكلة باقراضه لكنه رفض بإيعاز من على ماهر باشا لمساندة حرب لخصومه من قبل ليشترط تقديم طلعت حرب لاستقالته لحل الأزمة فماكان من طلعت حرب إلا القبول من أجل إنقاذ البنك وقول جملته الشهيرة مادام فى تركى حياة للبنك فلأذهب أنا وليعيش البنك.


 

رحل سيد مرعى وعاشت فى العزيزية الحكايات والأساطير
القصر صار نقطة الشرطة والكتب والوثائق ذهبت لمكتبة الإسكندرية

المهندس سيد مرعى هو أول وزير للاصلاح الزراعى ثم مساعد رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الشعب الاسبق صاحب فكرة انشاء بنوك القرية واخضاع بنك التسليف للزراعه بدلا من المالية.. قصره مازال موجودا حتى الآن المهندس سيد مرعى هو أول وزير للاصلاح الزراعى ثم مساعد رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الشعب الاسبق صاحب فكرة انشاء بنوك القرية واخضاع بنك التسليف للزراعه بدلا من المالية.. قصره مازال موجودا حتى الآن ومنزله القديم تحول لمركز شرطة. 

 

ولد المهندس سيد مرعي فى 26 أغسطس 1913بمسقط رأسه بقرية «العزيزية» مركز منيا القمح بمديرية الشرقية والتى اشتهرت بكثرة متعلميها ومثقفيها،لأسرة ثرية وعاش بها أولى سنوات طفولته قبل أن يسافر مع والده وأشقائه للقاهرة وهو ما زال بعد صغيرا لم يتجاوز عمره 7 أعواما ويستقر هناك تاركين أراضيهم وأملاكهم بالعزيزية وفضل مرعى دراسة الزراعه لارتباطه بالأرض ورغبته فى رعايتها وعقب حصوله على بكالوريوس الزراعه عاد لأرضه يطبق ماتعلمه وفى عام 42 انتخب عضوا فى البرلمان و سرعان ما بزغ نجمه كشخصية ذات رؤية ثاقبة ودراية وجيهه بالكثير من الأمورما كشفته خطاباته عن تحديد الملكية والاصلاح الزراعى وكلف بأدوار سياسية هامة، ومع قيام الثورة وعلاقته ببعض قادتها تم اختياره عضوا باللجنة العليا للإصلاح الزراعى فى 1952 ومع نجاحه فى مهمته تم تعيينه رئيسا لمجلس إدارة بنك التسليف الزراعى والتعاونى عام 1955 ليواصل صعوده وتدرجه فى العديد من المناصب الهامة و تم تعيينه كأول وزير للإصلاح الزراعى ثم نائبا لرئيس الوزراء للزراعة والرى ووكيلا لمجلس الامه ثم مساعدا لرئيس الجمهورية عام 1973، وكان له دور بارز فى حرب اكتوبر وهى مهمة الاتصال والتنسيق مع العرب لأجل حرب البترول ثم رئيسا لمجلس الشعب حتى عام 1977 ليعود بعدها مرة أخرى مساعدا لرئيس الجمهورية ورئيسا لهيئة مستشارى رئيس الجمهورية عام 1980 عرف مرعى كما يؤكد أهل القرية ومنهم محمود مهدى بانغماسه بالسياسة لدرجة كبيرة وبصداقاته الوطيدة لعدد كبير من رجالها لكن بقدر تعمقه فيها وحنكته بقدرما كانت رغبته فى الابتعاد عنها وعدم الخوض فى أحاديثها. كما كانت علاقته طيبة بالفلاحين وكان حريصا دوما على الاختلاط بهم ومعرفة مشكلاتهم وهو من أخضع تبعية بنك التسليف والجمعيات الزراعية لوزارة الزراعه بدلا من المالية والشئون الاجتماعية، والتى كان يتطلب الامر موافقتهما على كل قرض أو اجراء لتلك الجمعيات كما كان وراء انشاء بنوك القرية و كان له قصره بالقرية الذى يتردد عليه بين الحين والآخر ويقيم به الولائم إما لأفراد الاسرة أو بحضور كبار رجال الدولة والمجتمع ، ومازال أهالى قرية العزيزية كما يؤكد محمد حارون يتناقلون القصص والحكايات عن زمانه وقصره واعتزازه بأصوله العربية وأنه تبرع بجزء كبير من ثروته للخدمات العامة كان اخرها منزله القديم وهو المقر المشيد عليه نقطة الشرطة حاليا وقد أهدى نجليه الدكتور نصر وحسن مرعى مكتبة الإسكندرية مجموعة كبيرة ونادرة من الصور والوثائق التى تحكى سيرة والدهما وتمثل حقبة هامة من تاريخ مصر المعاصر خلال فترة حكم الرئيسين جمال عبد الناصر والسادات وحتى وفاته فى 22 اكتوبر 1993. وقد تحول بيته القديم إلى مركز شرطه.

،كان المهندس سيد مرعى قد ولد فى 26 أغسطس 1913بمسقط راسه بقرية العزيزية مركز منيا القمح بمديرية الشرقية والتى اشتهرت بكثرة متعلميها ومثقفيها،لأسرة ثرية وعاش بها أولى سنوات طفولته قبل أن يسافر مع والده وأشقائه للقاهرة.


 

خالد محمد خالد .. ابن «العدوة» صاحب «من هنا نبدأ»

ولد الكاتب والمفكر الاسلامى خالد محمد خالد فى  15 يونيو 1920م بقرية  «العدوة» بمركز ههيا بمحافظة الشرقية والتحق فى طفولته بكتاب القرية  حيث لقن  مبادئ القراءة والكتابة و حفظ  قدرا من القرآن ولما عقد والده  العزم على أن يلحقه بالأزهر الشريف  حمله إلى القاهرة وعهد به إلى أخيه الأكبرالشيخ حسين  ليتولى تحفيظه القرآن كاملا كشرط أساسى للالتحاق  بالأزهر فى ذلك الوقت

 

حيث اثبت خالد براعه فائقة باتمامه حفظ القرآن فى وقت قياسى وهو 5أشهر فقط وظل يدرس فيه طوال 16عاما كان خلالها نموذجا للطالب النابه والنهم للعلم والمعرفه حتى تخرج وحصل على الشهادة من كلية الشريعة عام 1945وكان آنذاك زوجا وأباً لاثنين من الأبناء ثم التحق للعمل بالتدريس قبل ان يقع الاختيار عليه مستشارا للنشر بوزارة الثقافة التى كانت آخر ما عمل به حيث قرر ترك الوظيفه فى 1976ورغم انهيال العروض عليه لشغل وظائف قيادية بالدولة وتلقيه العديد من عروض السفر فإنه اعتذر عنها مؤثرا أن يمضى فى حياته المتواضعة التى غلب عليها الزهد وكانت مؤلفاته المتعددة التى بدأت ثائرة متدفقة وانتهت إلى الرسوخ واليقين،اشتهر خالد محمد خالد بتعطشه للمعرفه بكل فروعها وكذا نهمه للآداب والفنون والتعرف لمختلف الثقافات

وتميزت كتاباته بجمال الأسلوب وحسن التناول وترك ثروة علمية تزيد عن 30 كتابا - وكان عمله بالسياسة الذى رفعه لمرتبة عالية فكان مفوها عندما يتحدث فى القضايا السياسية ،و تغمر دروسه وخطبه القلوب بنشوة الإيمان عندما يتحول للوعظ ،حتى شغلته الآخرة ليتحول الى ناسك عابد لاهم له سوى ربه. وتروى آمال محمد الشوادفى ــ ابنة شقيقته ــ أن جمال عبد الناصر كان أحد المتحمسين له شخصيا وكان يشترى كتبه من جيبه الخاص ويوزعها على زملائه فى التنظيم قبل الثورة وكان يعرف ذلك جيدا ولو أراد خالى الاستفادة من ذلك كثيرا لفعل، لكنه على العكس ظل ينتقد الثورة كلما رأى ما يستحق الاعتراض ويطالب رجالها بتطبيق الديمقراطية وأصدر كتاب «الديمقراطية أبدا» بعد أشهر من قيامها وكان الصوت الوحيد الذى انتقد ما عرف حينها بقانون العزل السياسى، مطالبا باستبدال كلمة العزل «بالعدل» ومع ذيوع شهرته عقب كتاب «من هنا نبدأ» الذى نادى فيه بفصل الدين عن الدولة وترجم لعدة لغات وكان مادة لعشرات المقالات والابحاث والرسائل العلمية والذى استقبل بحفاوة غير عادية من أوروبا وأمريكا شعر بالخطأ وأن هناك ما يستغل كلامه فى اتجاه آخر وأخذ يعيد التفكير جديا فيما دعا إليه وقرر أن يعلنها على الملأ مؤكدا رجوعه عن رأيه دون خجل وهو الكاتب الكبير صاحب المشورة الذى يعتد برأيه ،، ولم يكتف بذلك بل راح يصحح خطأه عمليا بكل ما أوتى من قوة وبكل السبل عبر لقاءات فى الاذاعة والتليفزيون ومقالات فى الصحف حتى انتهى لكتابة كتاب جديد بعنوان الإسلام دين ودولة، حق وقوة ، ثقافة وحضارة ، عبادة وسياسة وأعلن فيه تصويب رأيه بعد تفنيده ، كانت هذه مواقف خالد محمد خالد وقد ترك ثروة علمية تتمثل فى أكثر من 30 كتابا أبرزها «خلفاء الرسول» و«رجال حول الرسول» الذى تناول فيه سيرة 60من الصحابة.

وتضيف ابنة شقيقته أنه مع كل هذه الشهرة وظروف عمله وانشغاله كان يتردد على بلدته العدوة ويجتمع بنا فى منزل العائلة للاستماع لمشكلات ابنائها ومحاولة حلها.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق