البكتيريا والميكروبات لا تسبب الأمراض للإنسان كما هو شائع، بل إن الكثير منها له وظائف هامة. حول هذا الدور النافع دارت ندوة نوادى علوم الأهرام في مجال الميتاجينومكس ودوره فى التشخيص المبكر للأمراض الوبائية التى تسببها الميكروبات، والتي تحدث فيها د. محمد الحديدى أستاذ مساعد المعلوماتية الحيوية بجامعة النيل، والذي أشار إلى أن كلمة «ميتاجينومكس» تعنى ماوراء علم دراسة الجينات الموجودة فى أى كائن حى دقيق من حيث تكوينه ووظيفته.
وهو مزيج من علم الكائنات الدقيقة (الميكروبيولوجى)، وعلم الجينات (الجينوم)، بالإضافة إلى علم المعلوماتية الحيوية (البيوإنفورماتيكس).
ويبلغ عدد الخلايا الميكروبية فى جسم الإنسان نحو 10 تريليونات خلية وتزن 3 كيلوجرامات أى أنها تزيد على ثلاثة أضعاف خلايا الجسم البشرى التى تبلغ 3 تريليونات خلية. وليست كل هذه الخلايا الميكروبية ممرضة بل إن أغلبها يفيد الإنسان ويحميه من الأمراض، فهى تعمل على إنتاج الفيتامينات وهضم الطعام وتقوية المناعة والوقاية من الإلتهابات الخطيرة. وللبكتيريا دور مهم فى البيئة أيضا حيث أنها عامل رئيسى فى عملية التمثيل الضوئى للنباتات. وأشار إلى أن دراسة الميكروبات قديما كانت تعتمد على الطرق التقليدية مثل الميكروسكوبات وتحضير المزارع البكتيرية فى المعمل والتى تكون على هيئة أطباق. في حين أن تشخيص الأمراض الوبائية باستخدام الميتاجينومكس يتم بأخذ عينة للمنطقة المراد دراستها ثم عزل الميكروبات الموجودة فيها وعزل مادتها الوراثية. ومن خلال أجهزة الكمبيوتر يتم تحويل قراءات الشريط الوراثي إلى شرائط تختلف أطوالها حسب نوع البكتيريا.
ويستطرد: تتيح لنا هذه السلاسل التعرف على نوع ووظيفة كل بكتيريا، وأخيرا ومن خلال جداول الإحصاء نقارن بين البكتيريا والفيروسات فى الأشخاص المرضى والأصحاء من حيث أنواعها وكمياتها، حيث يتيح لنا تحديد النوع والكمية معرفة المرض وبتعديل الكمية والنوع يمكننا علاج هذه الأمراض. ويؤكد د.الحديدى أن الميتاجينومكس تتيح لنا الكشف عن الكائنات الدقيقة والميكروبات المسببة للأمراض فى أسرع وقت حيث يصل زمن الكشف عنها إلى 21 ساعة، كما تتيح الميتاجينومكس الكشف عن جينات البكتيريا المسئولة عن مقاومة المضادات الحيوية والتى تحول دون علاج الأمراض.
وعلى جانب آخر وفى إطار البحث عن حلول جديدة لمعالجة الأمراض المعدية خاصة بعدما فقدت المضادات الحيوية الحالية فاعليتها فى علاج العدوى البكتيرية، أعد د. إباء الحصرى المتخصص فى الكيمياء الصيدلية والميكروبيولوجى بهيئة الطاقة الذرية، دراسة لمواجهة وعلاج الأمراض البكتيرية والفطرية المسببة للأمراض المعدية والتى تعتبر ثانى أكبر سبب للوفاة على مستوى العالم وتصيب الإنسان والنبات والحيوان، وذلك بالتعاون مع أساتذة فى تخصصات مختلفة بجامعة جنيف بسويسرا، وجامعة فورتسبورج بألمانيا ،حيث تمكنت الدراسة من التوصل إلى أكثر من مائة مركب ذى فاعلية كبيرة لمقاومة أنواع عديدة من البكتيريا المسببة للعديد من الأمراض المعدية. وأشار د. إباء إلى أن الميكروبات المسببة لهذه الأمراض لديها القدرة على التحول والتغيير من جيناتها لمقاومة المضادات الحيوية المعروفة. موضحاً أن الدراسة تتكون من ثلاثة بحوث تسير فى اتجاه متوازى للوصول إلى حلول جديدة لمكافحة الأمراض البكتيرية المعدية، فالبحث الأول يهتم بدراسة آلية جديدة للبكتيريا لمقاومة المضادات الحيوية ويدعم هذا البحث مؤسسة ألكسندر فون هومبولدت الألمانية. والبحث الثانى يهدف إلى تحضير مركبات عضوية جديدة كمضادات للبكتيريا المسببة للأمراض المعدية ويدعم هذا البحث هيئة الطاقة الذرية المصرية والجامعة الألمانية بالقاهرة وجامعة زرابروكن بألمانيا، أما البحث الثالث وهو عن المنتجات الطبيعية البحرية المضادة للبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية وهذا البحث تم بالتعاون مع جامعة فورتسبرج ومعهد جيومار بمدينة كيل الألمانية. وأكد الباحث بأننا قمنا بتحضير عدد كبير من المركبات العضوية لمقاومة أنواع مختلفة من البكتيريا المسببة للأمراض المعدية فى مصر وبخاصة أمراض «الإلتهاب الرئوى وإلتهاب الطبقات الداخلية للقلب». وأظهرت بعض هذه المركبات فاعلية عالية ضد هذه البكتيريا وذلك مقارنة بالمضادات الحيوية المستخدمة حالياً.
رابط دائم: