كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يُظهر محبته ووفاءه ولا يخجل من إظهار مشاعر الحب تجاه زوجاته، بل كان يعلن ذلك كي يُعلم الأزواج كيفية معاملة الزوجة والحث على قول الكلمة الطيبة،
لما لها من تأثير بالغ في نفسية المرأة، فيقول عن السيدة خديجة: “إنى رزقت حُبها”. وكان يفرح لفرحهن، ويتحمل من أجل سعادتهن، ويساعدهن في الأمور المنزلية، ولم تمنعه كثرة مشاغله ودعوته إلى الله من القيام بشئون المنزل، فكان يخيط نعله وثيابه إلى غير ذلك مما يحتاج إليه كيلا يشق على زوجاته، سُئلت السيدة عَائِشَةَ: مَا كَانَ النبيُّ يَصْنَعُ فِي البَيْتِ؟ قَالَتْ: “كَانَ فِي مِهْنَةِ أهْلِهِ، فَإذَا سَمِعَ الأذَانَ خَرَجَ”.
وضرب لنا رسول الله أروع مثال في تطبيق السلوك الإسلامي الحكيم، عندما تكلم الناس في عرض السيدة عائشة، فلم يطلقها وكان يستطيع فعل ذلك، ولكنه لم يلجأ إلى هذا الفعل؛ لأنه يعلم أن الزواج ميثاق غليظ يجب المحافظة عليه. ومن حسن أخلاق النبي وصبره وحكمته أنه بعدما سمع ما قيل عن السيدة عائشة في حادثة الإفك لم يتسرع بالحكم عليها، بل ذهب لينصحها ويذكِّرها بالله، فقال لها: “يَا عَائِشَةُ، إِنِّي بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ الله، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي الله وَتُوبِي إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ ثُمَّ تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ”.
لو اقتدينا بهدي النبي وسرنا على سنته في معاملته لزوجاته لوصلنا إلى درجة عالية من الرقي والاحترام في الأسرة المسلمة، فقد كان رسول الله يمزح معهن ويداعبهن ويتنزَّل لهن، لأنه يعلم أن هذا مما تطيب قلوب النساء به، وعلى الرجال والنساء أن يتخلقوا بأخلاق النبي في حياتهم الأسرية؛ استجابة لقوله تعالى: “لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا” [الأحزاب: 21]،
> دار الإفتاء
رابط دائم: