تقوم النيابة الادارية بدور أساسي ومحوري في مواجهة الفساد الذي يعد آفة الجهاز الاداري للدولة والذي يهدد مسيرة التنمية التي يتطلع اليها المصريون، وتستهدف النيابة الادارية في المقام الأول حماية المال العام وتنوب عن المجتمع في الإصلاح الاداري للدولة ولتفعيل ذلك علي أرض الواقع يجب أن يدعمه قانون جديد وقوي للنيابة الادارية يتيح لها التحقيق في جميع المخالفات التي يترتب عليها الاضرار بالمال العام، فتحدثنا مع المستشار علي رزق رئيس هيئة النيابة الادارية الذي اوشكت مدة ولايته أن تنتهي لنقتحم هذه القضايا ويقدم للقارئ رؤيته حول موقف الهيئة من قانون السلطة القضائية الجديد واسباب تأخير التعينات بالنيابة الادارية.
ماهو الجديد في مشروع قانون النيابة الادارية المقترح وهل القانون الحالي غير كاف؟
اجاب المستشار علي رزق: أهم مايميز مشروع قانون النيابة الادارية الجديد الذي تقدمنا به الي مجلس النواب هو التوسع في اختصاصات الهيئة بأن تختص الهيئة «وحدها» دون غيرها بالتحقيق في جميع المخالفات المالية التي يترتب عليها الاضرار بالمال العام أو اهداره أو اختلاسه أو الاستيلاء عليه، كما تتولي التحقيق وتحديد المسئوليات التأديبية في كافة المخالفات الادارية ليشمل اساتذة الجامعات والمستشفيات الجامعية، والقانون الجديد يؤدي الي استقرار العدالة التأديبية، لانه ينص علي سلطة النيابة الإدارية باصدار الجزاءات في المخالفات التي تقوم بتحقيقها وتكون نتيجة تحقيقات النيابة الادارية ملزمة للجهات الإدارية بما يحقق ضمانة الحيدة والاستقلال في اصدارالجزاءات لجميع العاملين، فلا يجب ان تكون اي مؤسسة او هيئة هي الخصم و الحكم في آن واحد، والنيابة الادارية هي خصم شريف لاي إدعاء، فضلا عن ان يكون لاعضاء النيابة الإدارية كل الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء السلطة القضائية وذلك تنفيذا لنص المادة 197 من الدستور، بالإضافة إلي وجود تعديلات كثيرة غير ذلك تحقق السرعة والعدالة في تحقيق المخالقات التأديبية، و هذه الاختصاصات المفترضة تمكنن=ا من اداء رسالتنا في مكافحة الفساد، الأمر الذي يحتم علينا اصدار قانون جديد للنيابة الادارية .
ماهو نصيب الهيئة حاليا في آليات التصدي للفساد في هيكلة جهاز الدولة الاداري ؟.. وكم قضية تنظرها النيابة متعلقة بالفساد؟
مما لا شك فيه ان الفساد يعتبر من اكبر التحديات امام عمليات التنمية الشاملة في كافة دول العالم و خاصة النامية منها، و من ثم اصبحت كافة سلطات وهيئات الدولة في مصر ملتزمة بتطبيق الاحكام بمنتهي الدقة لمكافحة الفساد و من بين تلك الهيئات النيابة الادارية باعتبارها الهيئة القضائية المعنية بذلك، وقد اناط الدستور بالنيابة الادارية كهيئة قضائية مستقلة التحقيق في كافة المخالفات المالية والادارية وحق مباشرة الادعاء التأديبي والطعون التأديبية امام محاكم مجلس الدولة، كما منحها سلطة توقيع الجزاءات التأديبية علي المسئولين متي ثبت ارتكابهم للمخالفات المالية او الادارية، فإذا كانت النيابة الادارية تحرص علي ملاحقة المخالفين و الفاسدين فإنها تحرص ايضا وبنفس القدر من الاهتمام علي حماية الشرفاء وبراءة ساحتهم متي اثبتت التحقيقات نزاهتهم واود ان اقول ان الفساد هو عدم وصول الخدمات العامة الي مستحقيها فهذا يعتبر خلل او فساد و دورنا مواجهة هذا الخلل بكل حزم .
وقد ساهمت النيابة الادارية في إعادة ٣ مليار و ٨٠٠ مليون جنيه للخزانة العامة للدولة عام ٢٠١٥ ، كما اوصت بتحصيل ١٠ مليار و ٥٨٣ مليون العام الماضي ٢٠١٦ ، وطبقا لاخر إحصائية فقد تم قيد ٢٠٥٧٢٦ قضية بالنيابة الادارية علي مستوي الجمهورية ترتبت عليها ضرر مالي، ووصلت اجمالي المخالفات المالية ٦٩٠١١مخالفة و ٨٢٢١٩ مخالفة ادارية لعام ٢٠١٦ .
هل العقوبات المتاحة للنيابة الادارية رادعة .. وهل تكفل إعادة الانضباط والنزاهة للجهاز الاداري للدولة؟
الدولة لديها إرادة جادة وحازمة في التصدي للفساد بشتي صوره والاصرار علي محاربته من خلال محورين الاول هو الجانب الوقائي من خلال وضع وسن تشريعات ناجزة في التصدي للفساد ومن اهمها اصدار قانون الخدمة المدنية وقانون الاستثمار ومحاولة إقرار نظام الشباك الواحد لترسيخ مبدأ الشفافية والنزاهة ، والمحور الثاني هو تفعيل دور الاجهزة الرقابية والهيئات القضائية المعنية بالتحقيق في المخالفات بشتي صورها ومتابعة أداء المرافق العامة في تقديم الخدمات للمواطنين، وتقوم النيابة الادارية بتطبيق القانون، والقانون محكوم بعقوبات محددة، اتمني ان يكون هناك جزاءات رادعة خصوصا وان الفساد قد انتشر وتعد العقوبات والجزاءات المنصوص عليها بالقانون غير كافية لردع او اقتلاع الفساد من جذوره، ولذلك طالبنا في القانون الجديد بتوسيع سلطة الجزاءات وتغليظ العقوبات علي المخالفين وقمنا في هذا الشأن بتقسيم النيابة الي ثلاثة اقسام، قسم للتحقيق وهو الذي يقوم بإجراء التحقيقات، وقسم للتأديب وهو الذي يقوم بوضع الجزاءات التأديبية وقسم قضائي للسماح بالتظلم لمن وقع عليه الجزاء او العقوبة، اما بالنسبة لتغليظ العقوبة فنحن نصل بها الي الحد الاقصي.
ـ بطء إجراءات التقاضي .. كيف يؤثر علي العدالة الناجزة؟ وكيف تتعاملون مع هذا الامر؟
بادرت النيابة الادارية باتخاذ اجراءات وتدابير عديدة لتحقيق العدالة الناجزة خلال الفترة الماضية بهدف سرعة انجاز القضايا وفي سبيل ذلك تم وضع رؤية واضحة للاجراءات التي يتبعها اعضاء الهيئة لانجاز عملهم بالاضافة الي اعادة هيكلة الجهاز الاداري بالنيابة الادارية عن طريق تعيين حوالي 2000 موظف للارتقاء باعمال الهيئة كما تم استحداث وحدات جديدة مثل وحدة قضايا الاستثمار والتي تتولي التحقيق في المخالفات التي تعوق الاستثمار والمستثمرين وتعمل علي انجاز القضايا دون التقيد بالروتين تحفيزا للمستثمرين علي ضخ استثماراتهم وتذليل العقبات الادارية التي تعوق اعمالهم ووحدة التحليل الاحصائي ومتابعة لجان التأديب والتي تهدف الي تحليل الجرائم والاضرار المالية للوقوف علي اهم الطرق والاساليب للحد من هذه الجرائم و الوصول لعدالة ناجزة.
ما هو موقف النيابة الادارية من قانون الهيئات القضائية الجديد؟
ان قانون الهيئات القضائية تم بالفعل إقراره بمجلس النواب وصدق عليه رئيس الجمهورية ومن ثم اصبح واجب النفاذ ونحن ملتزمون بتطبيق القانون وانتهي المجلس الاعلي للنيابة الادارية بالموافقة عليه وبادرت الهيئة بتنفيذه وارسال الترشيحات الي رئاسة الجمهورية باقدم ثلاثة نواب لرئيس الهيئة ليختار رئيس الجمهورية منهم رئيس الهيئة القادم وفقا للقانون .
ضمن هذه الترشيحات الثلاثة اثنان منهم سيتم بلوغهما سن التقاعد بعد اشهر قليلة في حال تنصيبهما .. هل هذا مخالف للقانون ؟
اختار المجلس الاعلي للنيابة الادارية هذه الترشيحات الثلاثة، وفعلا الاول في حال اختياره يظل في منصبه ٧٠ يوما فقط والثاني يمكث ٨٠ يوما، والثالثة و هي المستشارة محاسن لوكا في حال تنصيبها تظل مدة عام ونصف تقريبا، و هذا ليس مخالفا للقانون، فنحن قمنا بتنفيذ احكام ونصوص القانون .
هل هناك علاقة مباشرة بين الهيئة والجهاز المركزي للمحاسبات ؟.. وماهي أسباب الأزمة التي نشبت بينكم وبين الجهاز؟
اعتبارا من ان النيابة الادارية هي الجهة المختصة وجوبيا بالتحقيق في كافة المخالفات المالية والادارية فبالضرورة يتم إخطارنا بأي مخالفات مالية يتم اكتشافها من قبل الجهاز المركزي للمحاسبات لتحديد المسئولية التأديبية، اما بالنسبة للازمة، فليس هناك ازمة لان الامر محسوم حيث كان الجهاز المركزي يريد إخراج بعض المخالفات المالية من سلطة النيابة الادارية او انه يشارك النيابة في توقيع الجزاءات، وهذا غير لائق فلا يجوز إخطار الجهاز المركزي للمحاسبات عند توقبيع الجزاء، فرفضنا ذلك بشكل تام، ويعد إقرار الجزاء من جهة النيابة الادارية قرارا قضائيا وللجهاز المركزي حق الطعن عليه و ليس التعقيب عليه او تعديله اوتغييره .
ـ هل هناك أوجه تعاون أو تنسيق بين الهيئة وجهاز الكسب غير المشروع؟
بالتأكيد هناك تعاون بين الهيئة وجهاز الكسب غير المشروع وذلك في حالة وجود مخالفات تسببت في ضياع او الاستيلاء علي اموال بمبالغ كبيرة، يتم حينها ابلاغ الجهاز بما لديه من سلطة بحث وسلطة رقابية تمكنه من الوقوف علي حقيقة هذه المخالفات ولا يوجد مؤسسات مستثناة من احكام قانون الكسب غير المشروع .
لماذا فشلت الدولة في استرداد الاموال المهربة للخارج الي الآن ؟
لم تفشل الدولة في استرداد الاموال المهربة، فهناك لجان تعمل بجهد لاستردادها، ولكن يحتاج الأمر الي بعض الوقت .
«الموظف العام».. كلمة مطاطة أليس من الأفضل الربط بين المال العام ورقابة النيابة الادارية ؟
المعيار الموضوعي لدينا هو «مال الدولة» فأي مخالفة مالية تخص ذلك فهي من اختصاص النيابة الادارية بكافة صور الاهمال او الاضرار به سواء كان موظفا عاما اوغير ذلك، بالنسبة للموظف العام المرتكب للمخالفة يتم احالته للجهة التأديبية وفي حالة عدم خضوعه للقانون الاداري للدولة يتم ابلاغ النيابة العامة لانها اصبحت جريمة تمس المال العام سواء اختلاسا او سرقة، ويحكمنا في توقيع الجزاءات مجموعة من العوامل مثل حجم الضرر الواقع وحجم المال العام، ايضا عوامل اسرية .
ماهي مشكلة الموظفين الذين تم فصلهم من النيابة الادارية.. و الي أين وصلت؟
تم تعيين عدد من الموظفين في العام الماضي في وظيفة كاتب رابع كما تم رفع دعوي بالقضاء الاداري من احد المتضررين وحكمت المحكمة بالغاء المسابقة وتنفيذا لحكم القضاء تم الغاء المسابقة، الا انه نظرا لظروف العمل بالنيابة حيث يشكل الموظفون بهذه الوظيفة قوة عاملة فلا استطيع منعهم عن العمل بشكل مفاجئ واستمروا في عملهم واخذوا مرتباتهم الاساسية من اموال النيابة الي حين اعلنا مسابقة اخري بشروط جديدة تلافينا فيها العيوب السابقة.
هناك ثلاث او اربع دفعات تعيينات بالنيابة الادارية تم فتح الباب لهم بداية من دفعة 2012 حتي 2015 ولم تظهر نتيجة اي منهم الي الآن.. ما السبب؟
انا قصدت بالاعلان عن تعيينات هذه الدفعات من 2013 و 2014 و2015 سرعة تعيين الخريجيين وإلحاقهم بالنيابة الادارية وهذا شئ محمود منا، لكن تعيينهم يتوقف عليه العديد من الاجراءات وانتهت جميع الاجراءات المتعلقة بنا من اختبارات ومقابلات ولكن هناك تحريات امن عام وامن وطني وامن قومي وبمجرد اكتمال التحريات يتم اصدار القرار .
عند حدوث اي مخالفة بالمصادفة امام مواطن .. لمن يلجأ ؟
و ماهي المنظومة التي تتبعها الهيئة لتلقي الشكاوي ؟
يلجأ المواطن للنيابة الادارية فورا في حالة اكتشاف اي مخالفة، فهناك مكاتب كثيرة بجميع محافظات مصر ومقسمة علي ربوعها الي قسم اول وثان وثالث ورابع، وادعو المواطن الشريف إلي ان يتوجه الي اقرب فرع للنيابة الادارية او باي وسيلة اخري حيث تم تخصيص رقم خط ساخن وهو 16117 لسرعة الابلاغ عن الشكاوي و يقدم بلاغ حيال اي مخالفة او اهدار للمال العام. وعندما يتضمن البلاغ مخالفات واضحة يتم التحقيق فيها فورا دون اي تهاون، فضلا عن اعفاء الشكاوي من اي رسوم تماما، و في ذلك انشأت النيابة الادارية وحدة متخصصة للشكاوي تتبع رئيس الهيئة مباشرة وتتيح هذه الوحدة لاعضائها عدم الالتزام بالضوابط الشكلية في التحقيقات المعتادة وتعطي مرونة في انهاء المنازعات فور حدوثها بين الجهات الادارية والمواطنين، كما يمكن الفصل فيها بالطرق الودية وجاري دراسة تنفيذ امكانية تقديم الشكاوي من خلال الموقع الرسمي للنيابة الادارية عبر الانترنت، هذا فضلا عن دور مركز المعلومات في التحقيق بالمخالفات المنتشرة علي مواقع التواصل الاجتماعي والبرامج التليفزيونية فعندما تعرض مخالفة ما .. اوجه اعضاء النيابة بالتوجه لموقع المخالفة للتحقيق و اجراء معاينة فورية للوصول الي الحقيقة في اسرع وقت ويصب ذلك كله في تحقيق عدالة ناجزة .
متي سيتم افتتاح مبني النيابة الادارية ب 6 اكتوبر ؟
اتمني ان يتم افتتاح مبني النيابة الادارية الجديد ب 6 اكتوبر بداية الشهر المقبل حيث اننا قمنا بتوفير المخصصات المالية الازمة.
رابط دائم: