المراهنة على مصر لا تعرف حدودا حتى لو اقتضى الأمر مواجهة القريب الذي لا يريد أن يستوعب أهمية مصر ودورها الإقليمي وحجمها الاستراتيجي.. لا يمكن السماح للعابثين بالأمن القومي أن يستهدفوا مصر وأن ينجوا بفعلتهم.
نذكر بما قاله العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله، حيث قال بعد ثورة 30 يونيو 2013 «إن مصر هدية.. وفرطت منا.. ولا يمكن أن نسمح بأن نفرط فيها مرة أخرى».
هكذا كان يرى الملك عبدالله مصر، فدافع عنها، وهاجم الإخوان، وضغط على قطر ليحد من مؤامراتها ضد مصر بالإضافة إلى ما قدمه من دعم اقتصادي وسياسي ودبلوماسي. وما زال العالم يتذكر بيانه ضد الإرهاب. فقد وقف مع مصر في خندق واحد ضد إرهاب المتأسلمين والمتآمرين.
من حقنا أن نسأل: أين تعهدات قطر بأن مصيرا واحدا يجمع الخليج ومصر؟ كل ما فعلته قطر منذ تعهداتها الشهيرة عام 2014 هو الإمعان في تهديد الأمن القومي العربي من بوابة مصر ومن بوابات أخرى.
من يتابع الإعلام القطري أو الإعلام الإخواني الذي تموله قطر، يجد أنهم لم يتوقفوا أبدا عن استهداف الاستقرار في مصر والمنطقة. أحرجوا حتى الوسطاء من أصحاب النوايا الطيبة ممن تدخلوا لكي يمنحوا قطر وقيادتها «الجديدة» فرصة إصلاح ما سبق.
لكن كثيرة هي علامات الاستفهام التي قفزت وتقفز إلى عقل كل عربي مما تقوم فيه قطر هي وقناتها الجزيرة والمنابر الإعلامية المدعومة من الدوحة فى خدمة الإخوان المسلمين. فقادة التنظيم الإرهابي مرحب بهم في الدوحة. ودعم قطر للإخوان معروف. وقناتها الجزيرة تقدم بانتظام ضيوفا مرتبطين بالتنظيم. وعلى مدار سنوات، ظل الزعيم الروحي للتنظيم يوسف القرضاوي، يطل من خلال برنامج خاص على القناة. وأية صورة نراها عن مصر في الجزيرة هي صورة تحريض وتهديد واستفزاز.
قطر بارعة في اللعب على كافة الأطراف، فهي لا توفر لحماس فقط مكانا لقادتها ولكن الكثير من تمويلها. ويدعم الإخوان في المنطقة، ويعمل ممولو القاعدة وطالبان والجماعات الإرهابية الأخرى في قطر بحرية.
لكن حان أوان وقفة القطع مع قطر. فدول الخليج، والسعودية والإمارات خاصة، تقف اليوم كما عهدتها مصر. تتحد مع أرض الكنانة في موقف لا يحتمل الأخذ والرد لخلق حلف عربي قوي يواجه التحديات الأضخم في تاريخ المنطقة. كنا ننتظر من قطر أن لا تهاجم الأشقاء. فالعرب لا يتحملون فُرقة أكثر مما خلقتها الفتن في ما بينهم.
أن مصر ستحيا حرة وعصية على الانصياع ولن تتمكن قطر من «عقابها» لأنها لفظت الأخوان. هل نسيت الدوحة صفح الكبار حينما قرروا طي صفحة الماضي رغم فداحة ما كان يخطط له مراهقو السياسة والمتآمرون على أمنها وقيادتها؟
للأسف، اقترن اسم قطر بكل حادث إرهابي، وقد أمعنت في تمويل «الربيع العربي» الذي خرب دولا شقيقة ودمرها عن بكرة أبيها، واقترن اسمها بتمويل ومد داعش وجيش النصرة وغيرهما من جماعات الإرهاب الخسيس بالأموال.
اقترن اسمك يا قطر بقنوات تركيا الإخوانية التي تدافع عن تجار الدم واقترن يا قطر بكل إساءة تتعرض إليها مصر العظيمة وجيشها. لقد أصبح اسم قناة الجزيرة العميلة أكبر منك يا قطر في ظل حكمها الحالي.
كلنا يعلم أنك تمولين الإرهاب والإخوان في مصر والحوثيين في اليمن وداعش في العراق وسوريا وليبيا. كلنا شهدنا وسمعنا الغزل بإيران. كفى كرها لبلاد العرب والحقد عليهم. الأموال لا تصنع دولا فكل البلاد التي تحاولين بقنواتك هدم استقرارها لا يهمها ما تسعين إليه، حتى الإمارات الحبيبة لم تسلم من شرك وها أنت تكيلين لها التهم جزافا، رغم الإيهام بالتقارب.
الموقف القطري المأزوم والموتور صفحة حان أوان إغلاقها في تاريخنا الحديث. ما عادت منطقتنا تحتمل مؤامرات الصغار.
لمزيد من مقالات مهرة سعيد المهيرى رابط دائم: