ظل السؤال المدهش فى الشارع العربى والإسلامى طوال الوقت والذى لم يجد إجابة قاطعة: لماذا لم تنفذ داعش ولو عملية واحدة ضد إسرائيل رغم وجودها المتاخم للدولة العبرية على مسرح الأحداث ولم تكن التحليلات السياسية او مقالات الرأى كافية لإقامة الدليل على وجود خيط ما يربط بين تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام والموساد الإسرائيلى او حلقات صناعة القرار السياسى داخل إسرائيل،
ولكن جبهة سوريا هى التماس الحقيقى بين داعش وإسرائيل والتى تكشف إلى اى حد يوجد الطرفين على مسافة امتار بين الداخل السورى حيث تنشط خلايا داعش وهضبة الجولان التى تحتلها إسرائيل منذ عام 1967 وتتمركز فيها وحدات الجيش الإسرائيلى، ورغم التهديد الذى اطلقه ابوبكر البغدادى زعيم داعش بأن ارض فلسطين سوف تكون مقبرة لليهود بعد ان تناثرت الأخبار عن علاقة الدواعش بإسرائيل، لم يشهد مسرح الحرب المتأجج أى تقاطعات بينهم وبين الجيش الإسرائيلى.
حتى خرج علينا موشيه يعالون وزير الجيش الإسرائيلى السابق من خلال القناة العاشرة العبرية ليؤكد أن تنظيم «داعش» قدم اعتذارا لإسرائيل - دون أن يحدد كيفية ذلك- على إطلاقه قذائف من سوريا سقطت على شمال إسرائيل بشكل خاطئ، مضيفا أن تنظيم داعش أعلن اعتذاره عقب قصف المدفعية الإسرائيلية لهذه المناطق التى أطلق منها 3 قذائف صاروخية سقطت فى أراض غير مأهولة بالسكان ولم تتسبب فى حدوث أضرار بشرية أو مادية. وانتقد «يعالون» خلفه «افيجدور ليبرمان» وزير الجيش الإسرائيلى الحالى وقال إنه من الخطر على أمن إسرائيل أن تنجر خلف مواجهة غير محسوبة فى سوريا، نافيا أن تكون هذه المواجهة مع تنظيم «داعش» الإرهابى، وأن الجيش الإسرائيلى عندما رد بقصف المناطق العسكرية السورية لكون الجيش السورى هو المسئول عن هذه الاراضى ارتكب خطا فادحا.
علاقة مخابراتية
فى مكايدة بين وزراء الجيش الإسرائيلى السابق والحالى ينكشف المستور بعد ان علقت الصحف العبرية على تصريحات يعالون بإنها مبارزة انتخابية يهدف بها الوزير السابق الى تشويه خليفته امام الرأى العام العالمى وحتما سيستخدمها فى اى عملية انتخابية قادمة ضد حزب «إسرائيل بيتنا» الذى يتزعمه ليبرمان. لكن الواقع يؤكد ان شخصية بحجم يعالون لا يمكن ان تلقى بمعلومات كاذبة بهذا الشكل على سبيل الكيد الانخابى او المغايظة بين وزيرين سابق وحالى خصوصا ان الكثير من الدلائل تشير الى وجود قناة ربط بين التنظيم الإرهابى ودولة إسرائيل فى حدها الأدنى علاقة مخابراتية.
إن اعتذار تنظيم داعش الإرهابي لإسرائيل عن إطلاق النار مرة واحدة بالخطأ باتجاه الجولان، لهو أمر يثير الريبة حول طبيعة العلاقة بين الطرفين، ويثير مزيدًا من الشكوك حول شبكة علاقات التنظيم في المنطقة، التي توفِّر له الغطاء ليظل على قوته أمام التحالف الدولي الذي يستهدف القضاء عليه، ورغم توعد زعيم داعش أبو بكر البغدادي بتحويل فلسطين إلى «مقبرة لليهود»، فإن متحدثًا باسم التنظيم، يدعى نضال النصيري، أعلن أن تحرير فلسطين ليس من «أولويات الجهاد المقدس». ومنذ ظهور تنظيم «داعش» فى عام 2014 وسيطرته على أجزاء من الأراضى السورية والعراقية لم يطلق طلقة واحدة تجاه إسرائيل ، كما أنه لم ينفذ أى عملية فى قلب إسرائيل مثل العمليات التى ينفذها ضد الدول العربية والأوروبية ويعلن مسئوليته عنها، وتعتبر إسرائيل دولة غير مشاركة فى التحالف الدولى ضد «داعش» لكنها تزعم بين الحين والأخر بأنها تمد دول التحالف بمعلومات استخباراتية عن التنظيم تسمح بتسديد ضربات عسكرية ناجزة.
من مكتب نيتانياهو
وقبل حديث يعالون ببضعة أشهر خرج من مكتب نيتانياهو من يؤكد وجود اتصالات مع تنظيم الدولة للتفاوض حول تسليم مائة مجاهد بين صفوف التنظيم من عرب 48 عندما قلل إيتان بن دافيد مدير مكتب مكافحة الإرهاب التابع لمكتب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو من احتمالية تنفيذ تنظيم داعش هجمات ضد إسرائيل، كاشفا النقاب فى حوار مع مجلة «ديفتس إسرائيل» على أن أجهزة المخابرات الإسرائيلية تقود مفاوضات مع التنظيم لاستعادة الذين إنضموا للتنظيم من عرب إسرائيل، وقال إن هناك 100 من المواطنين العرب انضموا لتنظيم داعش متوقعا عودة بعضهم بعد هذه المفاوضات، مضيفا أن الوضع في اسرائيل ليس كما في اوروبا التي يوجد بها عدد كبير من عناصر داعش الذين نشأوا داخل هذه الدول، مؤكدا أن إسرائيل ليست هدفا الآن لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادى .
كما حذر رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الجنرال هرتسي هاليفي، في كلمة ألقاها في اجتماع مغلق بالمنتدى الأكاديمي التجاري بجامعة تل أبيب، من ضعف تنظيم «داعش» وتقليص «الدولة» التي أقامها التنظيم، وهو الأمر الذي لن يكون في صالح إسرائيل بحسب ما أوردته الصحافة العبرية فى تسريبات نقلتها عن مصادر من داخل المنتدى.
الشبهات قديمة
ما دفع به يعالون لم يكن مدهشا لكثير من المراقبين الذين يشاهدون تنظيما راديكاليا اسلاميا متشددا لم يقترب من إسرائيل ولم يمس او يهدد امنها على اي من المستويات فقبل عام كشف المحلل الأمريكي كيفين باريت، المتخصص بالدراسات الإسلامية، عن مفاجأة مدوية مفادها أن تنظيم «داعش» هو صنيعة إسرائيل، يقاتل بالنيابة عنها، من أجل القضاء على حركات المقاومة المعادية لها في المنطقة، وإشاعة الفوضى في الدول العربية. ونقل موقع «فيترانس توداي» الأمريكي، في تقرير له عن باريت قوله «إن المذابح التي ينفذها داعش مشابهة للمذابح التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين، وتابع الموقع أن ما يؤكد أيضا أن «داعش هو جيش من المرتزقة تابع لإسرائيل، أنه لم يقم بمهاجمتها بل وتستقبل مستشفيات إسرائيل جرحى التنظيم الذين يصابون في سوريا.
رابط دائم: