لا يمكن أن يُصدِّق أحد فى العالم ما يعرفه المصريون جيداً من أن هناك شققاً فاخرة فى قلب القاهرة تؤجَّر شهرياً بما يعادل رُبع دولار فقط لا غير! وأن مجمل إيرادات العقار الواحد من هذه العقارات الفخمة نحو ثلاثة دولارات فى الشهر! وأما إذا قيل إن هذه العقارات تقع فى أحياء مثل مصر الجديدة وجاردن سيتى والزمالك ووسط البلد، فمن المؤكد أن أحداً لن يُصغى للقائل وقد يُبلِغ عنه المصحة للعناية بقواه العقلية! فهل يمكن أن يكون حلّ هذا الوضع السريالى بالترقيع وبالتدريج فى الزيادة بنسب معقولة؟ وما هو المعقول، إذا كانت نسبة ألف بالمائة تجعل القيمة دولارين ونصف الدولار؟ أى 40 جنيهاً تقريباً بعد التعويم؟ فى حين أن العقارات الحديثة الملاصقة، والتى هى بمواصفات أقل فى كل شىء، تُؤجَّر فيها الشقة شهرياً بآلاف الجنيهات وبمدة محددة يُعاد بعدها التقدير حسب أسعار السوق المستجدة؟ فهل السكوت على هذه الاختلالات يدخل فى باب الحفاظ على الاستقرار؟ وهل المأساة التى يعيشها ملاك العقارات يمكن أن تُعتَبَر من أمارات الاستقرار؟ وبغض النظر عن الملاك، فهل هذه أفضل استفادة على المستوى الوطنى من هذه الثروة العقارية؟ أليس من الأفضل أن تُستَغل أفضل استغلال لتعود، على الأقل، بأعلى أرباح، لكى تحصل الدولة على ضرائب أكبر؟ ألا يمكن، مثلاً، وضع قواعد مُلزِمة تُجِيز عرض هذه الشقق للتنازل مقابل أموال يحصل منها المستأجر الحالى على نسبة معتبرة مقابل إخلاء العين للمالك، على أن يجرى عرضها وفق القانون السائد؟ أو أى حل آخر.
يقول الدكتور مصطفى محمد بكرى، وهو طبيب بالمعاش ومن أصحاب أحد هذه العقارات المبنية فى مصر الجديدة أوائل خمسينيات القرن الماضى، إن الساكن لديه يدفع شهرياً خمسة جنيهات وثمانية قروش على سبيل الحصر! مما يجعل السكان يشاكسون فى دفع تكلفة أعمال الصيانة وغيرها، بمنطق المقارنة بين استكثار المطلوب منهم بالقيمة الإيجارية شبه المجانية، مما تسبب فى تدهور العقار وتدنى مرافقه، وتفشى القذارة..إلخ!
[email protected]
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب; رابط دائم: