رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الملف السرى لـ «إحتكار» البطولات الإفريقية

وقع الاتحاد الإفريقى لكرة القدم (كاف) منذ أيام عقود بيع حقوقه التسويقية لشركة «لاجاردير» الفرنسية حتى عام ٢٠٢٨، أى لمدة ١٢ عاما، مقابل مليار دولار أمريكى، فى الوقت الذى أثارت فيه إحدى الشركات المصرية جدلا إعلاميا نظرا لتجاهل عرضها الذى يزيد على قيمة التعاقد مع الشركة الفرنسية بمبلغ ٢٠٠ مليون دولار( ١٫٢ مليار دولار)، وهو ما فتح باب التساؤلات من جديد حول العلاقة بين الكاف وهذه الشركة الفرنسية؟.. وماهية الدور الذى تفعله الشركة المصرية رغم علمها بأن الموضوع منته لصالح «لاجاردير» منذ عام؟!

لقد أحاطت السرية كثيرا بعملية البيع تلك عبر سنوات طويلة، وتم كشف ذلك فى «الأهرام» قبل عشر سنوات تقريبا، من واقع تقارير مالية رسمية توضح مدى ضآلة المقابل المادى للبيع لشركة بعينها، ولفترات طويلة رغم أن مدة أعضاء اللجنة التنفيذية للكاف أربع سنوات فقط، ناهيك عن طريقة السداد التى تمنح الشركة الوقت للبيع وجنى الأرباح والاستفادة من فوائد المال فى مشروعات أخرى قبل سداد حقوق الكاف بالتقسيط المريح.. وأمام هذا الجدل الدائر حاليا، وخاصة فى ظل ما قالته الشركة المصرية فى بيانها: «حان الوقت لتنظيف عالم كرة القدم.. وإنهاء سنوات من الاحتكار والفساد فى هذا المجال»!!.. لذلك نفتح الملف السرى لبيع حقوق البطولات الإفريقية.

إدريس عكى .. الرجل الخفى !

أعلنت الشركة الفرنسية «لاجاردير» فى شهر يونيو من العام الماضى (عبر موقعها الرسمى) بأن الاتحاد الإفريقى باع حقوقه التسويقية والإعلامية لها لمدة ١٢ عاما جديدة، وأنه سيتم تجديد العقود مقابل مليار دولار، وبهذا تصبح الشركة الفرنسية مسئولة عن حقوق التسويق والبث التليفزيوني الخاص ببطولات القارة الأفريقية حتى ٢٠٢٨، بين مسابقات دوري الأبطال والكونفيدرالية، إلى جانب بطولات كأس الأمم الأفريقية.. وأخيرا التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم، ولذلك فإن أى تفاوض على الحقوق يتم من خلال مخاطبة الشركة الفرنسية أولا.

من واقع هذا التعاقد يتأكد استمرار سيطرة القناة الرياضية القطرية على إذاعة البطولات الإفريقية بشكل حصرى، وخاصة أن شركة قطر القابضة تمتلك حصة مالية فى شركة «لاجاردير» منذ عام ٢٠١٢، وقالت الهيئة المنظمة للبورصة الفرنسية، إن شركة قطر القابضة زادت حصتها إلى نسبة تزيد على 10% فى مجموعة لاجاردير الإعلامية الفرنسية التى تملك مجلات شهيرة مثل «آل (هى)» و»بارى ماتش»، إلى جانب شركة «سبورت فايف» التى تعمل في مجال التسويق الرياضي، وهذه الشركة (سبورت فايف) أنشئت عام 2001، واستحوذت عليها شركة «أدفنت» الدولية عام 2004، ومن ثم بيعت إلى «لاجاردير» في نوفمبر 2006، حيث وصلت قيمة الصفقة وقتها إلى 865 مليون يورو.

يضاف إلى ذلك أن ناصر الخليفى رئيس القناة القطرية الرياضية قد أعلن رسميا فى الأول من نوفمبر الماضى، بأنه تم تجديد التعاقد على البطولات الإفريقية!! .. وهنا اثير الجدل حول الهدف وراء عرض الشركة المصرية فى ظل انتهاء التعاقدات منذ فترة طويلة.

إدريس عكى (مغربي الأصل) هو المدير العام لـ«سبورت فايف» في أفريقيا، حضوره دائم في كل الاستحقاقات الأفريقية والبطولات، اختير من أكثر الشخصيات تأثيرا في كرة القدم الأفريقية رغم عدم ظهوره في الإعلام بشكل واضح لدرجة وصفه بـ «الرجل الخفى» الذى لا يعرف الكثيرون عنه سوى اسمه فقط، كما وصفته إحدى الصحف ب «العلبة السوداء» لسبورت فايف بعد اختياره من طرف مجلة «فريوند» الألمانية الشهيرة، ضمن أكثر 50 شخصية مؤثرة على مستوى الرياضة العالمية .

بدأ عكى (البالغ من العمر ٥٧ عاما) معاونا لـ»جان كلود دارمون»، في مجال التسويق الرياضي، ويعتبر دارمون مؤسس سبورت فايف، لأنها أتت من شركة تابعة له، ولعلاقته القوية بعيسى حياتو، يتبين سبب وجود إدريس عكي على رأس سبورت فايف في أفريقيا وولاء الاتحاد الأفريقي للشركة ذاتها.

وتردد اسم إدريس عكى كثيرا فى مصر والعديد من دول شمال إفريقيا كثيرا خلال السنوات الماضية، وذلك بسبب ما تتعرض له شركة «سبورت فايف» من انتقادات داخل أفريقيا بسبب الحدة في التعامل مع القنوات الناقلة والعروض المُقدمة لها، وبسبب عدم القدرة على الدفع مقابل الحصول على حقوق المباريات وحتى المباريات الخاصة بفرقها الوطنية، مثل ما حدث بين مصر والشركة، في عام 2013، حين عرضت مصر أكثر من العرض المُقدم من الجزيرة الرياضية بمليون ونصف ولم تحصل على الحقوق وقامت بإذاعة المباراة مما تسبب في غرامة مالية قدرها 2 مليون دولار على الاتحاد المصري بسبب إذاعة المباراة بدون الحصول على حقوق البث الخاصة بها.

الحقوق الافريقية.. وقواعد الشفافية

تباينت الآراء فى الفترة الماضية حول حقوق الرعاية الخاصة بالاتحاد الافريقى لكرة القدم، فى ظل المنافسة بين الشركات التى تسعى لاستغلال تلك الحقوق فى الاثنتى عشرة سنة القادمة، سواء بين الشركة المصرية التى تواردت الأخبار عن تقديمها عرضا يصل إلى مليار و250 مليون دولار، وهو بالطبيعة عرض مالي كبير يفوق بكثير العرض الذى تقدمت به الشركة الفرنسية صاحبة تلك الحقوق فى الفترة السابقة والتى أشارت الاخبار الى توقيع الاتحاد الافريقى معها... وهذا العرض يرتبط بالحقوق التسويقية التى تملك الشركة الفرنسية منذ ما يقرب من 25 سنة .وهنا يجب أن نشير إلى مجموعة من الضوابط القانونية وهى أن الاتحاد الأفريقى هو اتحاد قارى يخضع للنظام الدولى مثله مثل الاتحاد الدولى ليس مثل الاتحادات الوطنية التى تخضع لنظام وقوانين الدول فيما يتعلق بنظم المناقصات والمزايدات ومن ثم فإن الضوابط الوطنية فى مثل هذه الأمور لا تنطبق عليه فكونه لا يقوم بإجراء مزايداة علنية ليس خطأ إجرائيا، لأنه لا توجد نصوص جازمة فى هذا الشأن وخاصة فى اللوائح الدولية والقارية .ولكن يحكم هذا الإجراء لائحة القيم للاتحاد الدولى لكرة القدم و التى تنص فى كثير من بنودها على ما يرتبط بعدم تحقيق الفساد المالى، وكذلك أيضا بتطبيق معايير النزاهة والشفافية فيما يتعلق بالإجراءات والتعاقدات المالية وخاصة فى هذا الشأن، اذا كانت هناك عروض مالية مقدمة من شركات، فإن المبادئ الدولية تؤكد ضرورة العرض المتكامل لكل العروض والوقوف على مدى أفضليتها من كافة الجوانب .ولكن هنا يجب ان نشير إلى أن العرض المالى ليس المعيار الرئيسى فى عملية إقرار التعاقد، فمعيار سابقة أعمال الشركة واحترافيتها ومكانتها الدولية والتزامها المالى والتعامل المسبق مع الاتحادات تمثل معايير هامه فى عملية الاختيار.




وهنا يجب ان نشير إلى مجموعة من النقاط الهامة التى تؤكد على فكرة الشفافية و التى لا تتعارض مع المبادئ القانونية التى تقرها الاتحادات الدولية والقارية فى ظل الاعتماد على مبادئ القوانين الدولية .كان الأصل ان يقوم الاتحاد الأفريقى لإشراك الجمعية العمومية المتمثلة فى الاتحادات الوطنية نظرا للملكية المشتركة لهذه الحقوق لان الاتحاد الأفريقى كافة مسابقاته لن تحقق النجاح إلا من خلال الدول سواء على مستوى المنتخبات وعلى مستوى الأندية وعملية الاشراك هنا تمثل نوعا من فكرة الشفافية والنزاهة المالية التى أقرتها لائحة القيم فى الاتحاد الدولى، الأمر الذى يمثل إجراءات غير احترافية.

من هنا فإن عدم إجراء الاتحاد الأفريقى لمزايدة علنية ليس خطأ قانونيا، لأنه لايوجد نص يفرض ذلك .ولكنه أخطأ فى عدم مناقشة كافة العروض بصورة تمثل شفافية مطلقة ولم يسمح لاستطلاع آراء الاتحادات الوطنية فى فكرة وفلسفة الحقوق والاستغلال الأمثل لها وفقا لقواعد النزاهة والشفافية للاتحاد الدولى لكرة القدم .ومن ثم فإن اللجوء للجنة القيم ومن بعدها المحكمة الرياضية الدولية استنادا على عدم اتباع الاتحاد الأفريقى لمبادئ الشفافية إذا ارتأت الشركات المتقدمة بعرض مالى لاستغلال الحقوق أمرا قانونيا جائزا وفقا للقواعد الدولية شريطة امتلاك الحجج القانونية القوية لإثبات الحق.

الأمر الآخر يجب على الجمعية العمومية للاتحاد الأفريقى لكرة القدم ان يكون لها دور فعال وخاصة فى عملية التقليل من المدد الزمنية لبيع الحقوق التسويقية، حيث ان قيمة رأس المال المدفوع الآن ستكون قليلة جدا بعد مرور أثنيا عشرعاما، الأمر الذى يؤثر على القيم المالية للمسابقة وهذا خطأ كبير تقع فيه الاتحادات الدولية والقارية. .كما ان الجمعية العمومية يجب ان تؤكد على منع الاحتكارية ومعرفة الاسس التى وفقا لها تم تحديد القيمة السوقية لتلك الحقوق.

د. محمد فضل الله

مدير برنامج القانون الرياضى بالجامعة الأمريكية

 


البيع بقرار «سيادى» لم يعد مقبولا !

أعتقد أن المشكلة تتمثل فى غياب الشفافية وعدم الشرح والمصارحة، والمسئول عن هذه الأشياء هو الإتحاد الإفريقى، فمن الجائز أن تكون الشركة الفائزة بهذا العقد هى بالفعل الأحسن والأجدر والأشمل (لأن الأمر يشمل حقوق الإعلام والإعلان)، ولكن غياب المعلومات عن المعنيين والمتابعين يفتح الباب للشكوك والشبهات.




لو تم الإعلان عن حيثيات وأسباب الإختيار مع مقارنة مبسطة بين العقود لشرح هذه الأسباب، لربما كان الأمر مقبولا أكثر، لكن طريقة الإعلان عن الشركة هى سبب كل هذه الأقاويل (بجانب أسباب أخرى قد تكون مجهولة لنا)، وربما عقد مؤتمر صحفى كان يفى بالغرض. الحقيقة أنه خلال الـ ١٥ سنة التى قضيتها كمدير للعلاقات العامة والإعلام بالاتحاد الإفريقى (الكاف)، كانت عملية اختيار الشركة الراعية لحقوق والإعلانات تتم عن طريق تشكيل لجنة مصغرة برئاسة رئيس الاتحاد الكاميرونى عيسى حياتو هى من تنهى الأمر، وبعدها يتم عرض اسم الشركة الحاصلة على الحقوق على اللجنة التنفيذية للموافقة فقط، أما حيثيات وكيفية الاختيار كان ذلك غير معروف، وأرجح أن طريقة الإختيار لم تتغير خلال هذه السنوات الطويلة، وأن رئيس الاتحاد ولجنته المصغرة هى المسئولة عن إختيار الشركة بموافقة ومباركة اللجنة التنفيذية لإعطاء العقد صفة الشرعية. والآن .. مع اشتداد التنافس بين الشركات، وزيادة المبالغ المعروضة، أصبحت الشفافية مطلوبة بشدة أكثر من أى وقت مضى، فما كان مقبولا فى الماضى كقرار سيادى داخل «الكاف» لا نقاش فيه، أصبح الآن أمرا مطلوب شرحه وتوضيحه للجميع وهذه مسئولية يتحملها رئيس الاتحاد.

د.فيكين جيزيميان

مدير العلاقات العامة والإعلام السابق بالكاف

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق