رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

بعد 60عاما من قرار التأميم و46 سنة من رحيله
صدور المجلد الثالث من أوراق جمال عبد الناصر الخاصة

صدر المجلد الثالث من كتاب «جمال عبد الناصر.. الأوراق الخاصة» الذي أعدته الدكتورة هدى جمال عبد الناصر، حيث سبق أن صدر المجلدان الأول والثانى بعد مرور ستين عاما على ثورة 23 يوليو 1952. وقد جاء المجلد الجديد للكتاب الصادر عن «المكتبة الأكاديمية» مواكبا للذكرى الستين لقرار الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في 26 يوليو 1956 بتأميم الشركة العالمية لقناة السويس ومقدمات هذا القرار وما أعقبه من أحداث أهمها العدوان الثلاثي على مصر الذي قامت به بريطانيا وفرنسا وإسرائيل.

وأوراق عبد الناصر في الكتاب وثائق وكتابات وخطابات ومذكرات تستعرض تاريخ ثورة 23 يوليو التى بدّلت نظام الحكم فى مصر وما قامت به من تغييرات هائلة، من بينها أنها أعلنت الجمهورية وحددت الملكية الزراعية ونجحت فى توقيع اتفاقية الجلاء مع الانجليز، وبدأت مصر تتسلم القاعدة البريطانية فى منطقة قناة السويس، ثم مضت الثورة فى تحقيق باقى أهدافها. فبعد القضاء على الاستعمار، ثم القضاء على الاقطاع، والقضاء على الاحتكار وسيطرة رأس المال على الحكم، وتوفير السلاح لإقامة جيش وطنى قوى، وإنشاء المشروعات والتوسع فى الخدمات لتحقيق العدالة الاجتماعية، اتجهت الثورة الى تحقيق مبدئها السادس وهو تحقيق حياة ديمقراطية سليمة . وبالفعل قرر مجلس قيادة الثورة ترشيح جمال عبد الناصر لرئاسة الجمهورية فى 16 يناير 1956، ليكون بالاستفتاء عليه فى 23 يونيو، أول رئيس للجمهورية المصرية ينتخبه الشعب . وفى نفس التاريخ تم الاستفتاء على الدستور الجديد.




مقدمات الصراع السياسى والعسكرى:

ومع ظهور بوادر الاستقرار وتركيز النظام على التنمية الاقتصادية وتحقيق العدالة الاجتماعية، بدأت مقدمات الصراع فى الداخل والخارج . فلقد تزايد نشاط الشيوعيين والإخوان المسلمين والحزبيين القدامى ضد الثورة، مما أدى الى صراعات قادت الى اعتقال للناشطين منهم.

أما خارجيا، فقد اشتد قلق الغرب من عدة مظاهر.. أولها تغلغل النفوذ السوفيتى فى الشرق الأوسط بعد صفقة الأسلحة التشيكية، ثم إصرار مصر على رفض مشروع أيزنهاور، وحث البلاد العربية على مقاطعته. واستمرت اسرائيل من جهة أخرى فى اعتداءاتها على غزة ومنطقة الحدود المصرية الشرقية، مما دعا مصر الى اتخاذ إجراءات عسكرية دفاعية، وبحث الدفاع الجوى السلبى عن مصر كلها، والقيام بعمليات فدائية على مدى واسع. وفى نفس الوقت كانت الحكومة المصرية ماضية فى التحضير لمشروع السد العالى. وتم اتفاق مبدئى فى 16 ديسمبر 1955، أعلنته وزارة الخارجية الأمريكية، يقضى بأن يتولى كل من البنك الدولى والولايات المتحدة وبريطانيا تمويل مشروع السد العالى بتكلفة 1.3 مليار دولار، وبالكتاب تقرير البنك الدولى عن المشروع وعن الاقتصاد المصرى فى 28 فبراير 1956. إلا أن مصر فوجئت فى 20 يوليو 1956 ببيان صادر من وزارة الخارجية الأمريكية بسحب تمويل السد العالى، عددت فيه أسباب ذلك القرار، وكان أولها جسامة المشروع، وطول فترة بنائه بما يتراوح بين اثنتى عشر وستة عشر عاما . هذا بالإضافة الى زعمها أنه يؤثر فى حقوق بلاد أخرى فى مياه النيل . وأخيرا اختتم البيان بفقرة مهينة تدعى أن مصر غير قادرة على تركيز مواردها الاقتصادية فى هذا البرنامج الإنشائى الضخم.

وفى رد للحكومة المصرية فندت جميع المزاعم الأمريكية بخصوص المشروع، وأرفقت بالرد شهادة البنك الدولى فى تقريره عن السد العالى فى 28 فبراير السابق الإشارة إليه. وفورا انضمت بريطانيا الى الولايات المتحدة فى سحب تمويل المشروع، وهاجمت صفقة الأسلحة التشيكية.

معركة تأميم قناة السويس:

وفى 26 يوليو 1956 - أى بعد ستة أيام من سحب الغرب تمويل مشروع السد العالى - فاجأ جمال عبد الناصر العالم فى خطاب جماهيرى .. «قرار من رئيس الجمهورية بتأميم الشركة العالمية لقنال السويس البحرية ... شركة مساهمة مصرية، وينتقل الى الدولة ما لها من أموال وحقوق وما عليها من التزامات».

وقع الخبر على الدول الغربية كالصاعقة وسرعان ما صدر التصريح الثلاثى عن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، مدعيا أنه كان لشركة قناة السويس دائما طابعا دوليا، وأنه بتوقيع الدول الكبرى لاتفاقية القسطنطينية فى 1888 تأكيد على ذلك، وعلى حرية الملاحة فى القناة. وقد أغفل التصريح الثلاثى بذلك ما نصت عليه الاتفاقية المذكورة من «أن القناة جزء لا يتجزأ من مصر» وأن شركة قناة السويس شركة مساهمة مصرية، تدار وفقا للقانون المصرى وأن الحكومة المصرية ستتسلم إدارة القناة عندما ينتهى أجل امتيازها فى 1968. وقد تجاهل التصريح الثلاثى كذلك أن شركة قناة السويس لم تكن مسئولة فى أى وقت من الأوقات عن حرية الملاحة فى القناة التى تنظمها اتفاقية 1888 وحدها.

وقد رفضت مصر اقتراح الدول الثلاث بإنشاء إدارة تحت الاشراف الدولى لتأمين العمل فى القناة بصفة دائمة، واعتبرته «استعمار مشترك» يهدف الى التدخل فى الشئون الداخلية لمصر . وقد صحب التقرير الثلاثى إجراء يهدف الى إرهاب مصر، وهو تجميد الدول الثلاث للأموال المصرية فى بنوكها، كما أعلنت كل من بريطانيا وفرنسا تعبئة الاحتياطى العسكرى، وقامتا فعلا بتحريك قواتهما وأساطيلهما. وتوالت المؤامرات لإيقاف الملاحة فى القناة، وصدرت تهديدات سياسية، فتمت الدعوة الى مؤتمر لندن الذى مثل 17 دولة من منتفعى القناة، وظهرت الأصوات بفرض العقوبات الاقتصادية على مصر. وبالكتاب تقدير موقف بقلم الرئيس لمواجهة تلك المؤامرات، بتاريخ 5 أغسطس 1956، أكد فيه على أن مصر ستدافع عن سيادتها وحقوقها فى ملكية القناة وفى إدارتها. وبخط الرئيس كتب خبرا حول الرسالة التى تلقاها من منزيس، رئيس وزراء استراليا، يطلب موافقته على الاجتماع مع لجنته بالنيابة عن 17 دولة لعرض وجهات نظرها بخصوص قناة السويس.

إن قصة العدوان الثلاثى معروفة، فبناء على التآمر فى اسيفرب قامت إسرائيل بالهجوم العسكرى على سيناء فى 29 أكتوبر. وفى صباح اليوم التالى تقدم الأسطولان البريطانى والفرنسى لاتخاذ أوضاع الحصار البحرى على امتداد المياه الإقليمية لمصر فى البحرين الأبيض والأحمر. وفى يوم 30 أكتوبر وجهت بريطانيا وفرنسا إنذارا الى مصر وإسرائيل للفصل بين القوتين المتصارعتين حول قناة السويس، مع تدعيم إسرائيل فى الخفاء.وقد هددت كلتا الدولتين باحتلال ثلاث مدن مصرية هى بورسعيد والإسماعيلية والسويس وقد رفضت مصر الإنذار واعتبرته اعتداء على سيادتها وحقوقها.

وفى مجلس الأمن استخدمت بريطانيا وفرنسا لأول مرة حق الفيتو، لعدم إدانة اسرائيل بالعدوان وفى نفس الوقت بعث الرئيس جمال عبد الناصر برسالة الى الرئيس الأمريكى آيزنهاور ينبئه بخطورة الموقف وبأن مصر قررت الدفاع عن سيادتها وأراضيها ضد العدوان البريطانى الفرنسى، وأن الحكومة المصرية قررت طلب معاونة الولايات المتحدة لصد العدوان البريطانى الفرنسى ضد حرية الشعب المصرى.

الهجوم على مصر.. العمليات العسكرية والحملة الإعلامية :

وفى 31 أكتوبر بدأ هجوم بريطانيا وفرنسا على مصر من البحر والجو وأغرقت طائراتهما السفن فى قناة السويس، وبذلك توقفت الملاحة فيها. وقد هاجم المعتدون بورسعيد فى 5 نوفمبر، وأنزلوا قوات مظلات، وتم عزل المدينة . وبالكتاب عدة وثائق متعلقة بالترتيبات العسكرية ضد الإنزال الجوى للعدو فى عمق مصر، وتقدير موقف منطقة بورسعيد والقوات الموجودة بها، وتوزيع السلاح على الفلاحين والعمال. وقد بذلت الولايات المتحدة كل جهد داخل الأمم المتحدة لإيقاف إطلاق النار وانسحاب القوات المشتركة فى العدوان .

وبالكتاب مسودة خطاب الرئيس إلى الشعب من الجامع الأزهر، بعد قبول وقف إطلاق النار فى 9 نوفمبر .. «فرض علينا القتال ولكن لن يفرض علينا الاستسلام».

وانطلق الرئيس يصف فى خطابه المقاومة المستميتة للشعب فى بورسعيد، وكيف أن خطة المعتدين انهارت أمام مقاومة الشعب المصرى، وأكد أن القومية العربية كانت فكرة فأصبحت عملا. وفور الهجوم على بورسعيد جرت حرب عصابات على طريق التقدم إليها، واشتدت المقاومة الشعبية ضد الغزاة، ودار القتال فى الشوارع ومن منزل إلى منزل، وتم إخلاء النساء والأطفال من المدينة، وكانت تلك بحق «معركة الشرف فى بورسعيد».

وفى 5 نوفمبر أرسل شكرى القوتلى برقية من موسكو إلى جمال عبد الناصر، يبلغه فيها باستعداد الحكومة السوفيتية بأن تقدم لمصر كل ما تحتاج اليه من معدات وطائرات وأسلحة.

وفى اليوم التالى وردت برقية ثانية من شبيلوف، تؤكد أن الحكومة السوفيتية مصممة على اتخاذ إجراء فعالا وسريعا إزاء العدوان الثلاثى. وفى 8 نوفمبر وردت برقية ثالثة من خروشوف، تؤكد بأن الاتحاد السوفيتى سيتدخل إلى جانب مصر ضد بريطانيا وفرنسا، إذا دعا الأمر.

التحرك السياسى بعد العدوان ومعركة الانسحاب:

نجحت مصر بقيادة جمال عبد الناصر فى حرب دارت منذ تأميم قناة السويس.. حرب سياسية وإعلامية فى داخل مصر والعالم العربى وفى المجتمع الدولى ضد الاستعمار والصهيونية.

وبالكتاب مسودات لتصريحات وبيانات كتبها جمال عبد الناصر بخطه، ولكنها لم تكن بالضرورة تنسب إليه.

ولقد كان موقف الولايات المتحدة المعارض للعدوان الثلاثى على مصر حافزا للتقارب بين البلدين . وفى نفس الوقت فإن آثار المساندة الشعبية العربية بدأت تظهر، فعقد فى القاهرة اجتماع للأقطاب الأربعة.. مصر والسعودية والأردن وسوريا، بعد زيارة للملك سعود للولايات المتحدة.

وقد أسفر هذا الاجتماع عن توثيق عُرى التضامن بين الدول الأربع، والاتفاق على سياسة موحدة تكفل احترام سيادتها ومصالحها، والعمل على انسحاب إسرائيل فورا الى ما وراء خطوط الهدنة، وتخليص قطاع غزة من الاحتلال الصهيونى، والتمسك بحقوق عرب فلسطين كاملة .

لقد حققت مصر نصرا سياسيا وإعلاميا نتيجة للعدوان الثلاثى، بل لقد حققت نصرا عسكريا فى معارك متفرقة بسيناء قبل صدور الأوامر للوحدات العسكرية هناك بالانسحاب لملاقاة الغزو البريطانى الفرنسى.

ومرفق مع الكتاب وثيقة من 317 صفحة من وزارة الخارجية المصرية عن معركة الأمم المتحدة منذ تأميم قناة السويس فى 26 يوليو 1956، مرورا بالعدوان الثلاثى فى 29، 30 أكتوبر 1956 وحتى ديسمبر 1957.





الكتاب: جمال عبد الناصر .. الأوراق الخاصة

المؤلف: د. هدى عبد الناصر

الناشر: المكتبة الأكاديمية 2016

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق