فجع العالم الإسلامى بنبأ رحيل الشيخ عبدالحكيم عبداللطيف شيخ عموم المقارئ المصرية وعضو لجنة اختبار القراء بالإذاعة والتليفزيون،
وشيخ مقرئى الجامع الأزهر لأكثر من أربعين عاما، وموجه أول بالأزهر، ورئيس لجنة التحكيم فى المسابقة العالمية للقرآن الكريم، وهو حائز على أعلى وأقدم الأسانيد القرآنية لإجازة التلاوة والقراءة بشهادة المملكة العربية السعودية، وينتهى سنده إلى الصحابة الكرام الإمام على بن أبى طالب وعثمان بن عفان وأبى بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
المصريون أعلام التلاوة
ومن أشهر أقوال الشيخ عبدالحكيم عبداللطيف إن المصريين هم أعلام التلاوة فى العالم كله، وأن أفضل جيل قرأ القرآن فى مصر هو جيل الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، وأن مصر غنية وقادرة على إنجاب جيل من القراء العظام، ولكن الأمر يحتاج إلى من يكتشف وينقب عن المواهب، ويساعدها ولايحاربها،
ولد الشيخ عبدالحكيم عبداللطيف بمنطقة الدمرداش أمام مسجد المحمدى يوم 17 سبتمبر 1936 ونزح والده من الصعيد فى عمر 17 سنة وكان والده من أكبر تجار الأخشاب والحديد والمقاولات فى العمائر الكبيرة وله محلات بقالة.
وتربى الشيخ عبدالحكيم تربية دينية، وحفظ القرآن كله منذ الصغر، ومن أبرز مشايخه وأساتذته الشيخ مصطفى منصور الباجورى شيخ مقرأة مسجد الإمام الحسين فى القاهرة فى فترة السبعينيات، والشيخ محمد مصطفى الملوانى بجهة منشية الصدر، والشيخ أحمد محمد عبد العزيز الزيات، والشيخ محمود على بسة المدرس بمعهد القراءات وكان مقره بمسجدى محمد بك أبو الدهب والجامع الأزهر، وأيضا من المشايخ الذين تتلمذ على أيديهم الشيخ عامر السيد عثمان، وعثمان السيد مراد مدرس القراءات بالجامع الأزهر، والشيخ أحمد مصطفى أبو حسن ومحمد بكر والدكتور محمد عيد عابدين.
ومن مؤلفاته: إكمال كتاب «الكوكب الدرى» الذى لم يكمله الشيخ قمحاوي، وشرح «منظومة قراءة الكسائى» للشيخ الضباع، سماها: حديقة الرائي.
مدرسة محمد رفعت
وكان دائما يقول أن منهجه ومدرسته هى نهج الشيخ محمد رفعت صاحب الصوت الملائكي، وكان يتأثر لسماع صوته فيبكى دائما حينما يسمعه، (على حد قوله) وعمل قارئا فى الحفلات خلال فترة الخمسينيات، وفى الأذان ينتمى إلى مدرسة الشيخ أبو العينين شعيشع، وأحب الشيخ عبدالحكيم مدرسة الشيخ محمد سلامة ومصطفى إسماعيل، فكان يزور هذه المدرسة من آن لآخر.
الشيخ محبا للزعماء
وكان الشيخ محبا لبعض الزعماء فقد أحب الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وقال إنه دائما يتذكره ويدعو له بالرحمة والمغفرة، وذلك لأنه كان تقيا وابن بلد، كما انه كان يختم القرآن فى رمضان أكثر من خمس مرات، ومواظبا على الصلاة، وكان يعرف لأهل القرآن قدرهم، كان حريصا على راحة الشعب كله، والأسعار فى عهده لم تشهد ارتفاعا مثل الذى نراه حاليا، وعلى الرغم من ذلك لم يحظ بمقابلة الرئيس السادات ولو مرة واحدة.
أفضل جيل
كما قال الشيخ عبدالحكيم فى مذكراته إن أفضل جيل للتلاوة (جيل الأربعينيات والخمسينيات) من القرن الماضي، وأعلام هذا الجيل أخلصوا فى حفظهم وأيضا فى تلاوتهم للقرآن، ولذلك كتب الله لهم الخلود فى قلوب وآذان الناس داخل مصر وخارجها حتى فى البلد الذى نزل به القرآن الكريم، كما كان الناس يقدرون قارئ القرآن، ولم تشهد تلك الفترة أى مفاصلات فى أجر القارئ، وذلك لأن من شأن القارئ ألا يأخذ على قراءته شيئا من المال، ولكن الوضع اختلف تماما فى الوقت الحالى عن تلك الفترة. و يذكر أن الشيخ عبدالحكيم عبداللطيف قد زار جميع الدول العربية والإسلامية وأيضا الدول الغربية وروسيا وأمريكا واستراليا وبنجلاديش، وقرأ بهذه الدول القرآن، وقال إن هناك إقبالا شديدا من الناس على حفظ وسماع القرآن الكريم حسا ومعنى، لدرجة أنهم كانوا يبكون، ويتمنون المزيد من القراءة وإعادة الآيات حتى يتمتعوا بسماعها وخاصة من جزء فى صلاة التراويح خلال شهر رمضان فى إحدى المرات.
ولأن القارئ يمثل داعية للإسلام وبلده، ويمارس جميع مهام الداعية، عليه أن يكون ملما بالأحكام الشرعية والفقه، وتنوع أساليب الدعوة وفنون الخطابة، وبالفعل أكد الشيخ ــ رحمه الله ــ أنه فعل ذلك فى كل دولة ذهب إليها فى رمضان.
نصائحه الإخلاص والتقوى
ومن أشهر نصائح الشيخ عبدالحكيم عبداللطيف للقراء بصفة عامة الإخلاص وتقوى الله فى السر والعلن، وعدم المتاجرة بكتاب الله تعالى، وعلى كل داعية أن يطور نفسه ويجيد اللغة حتى إذا سافر إلى أحد البلدان بأن يخاطب الناس بلغتهم متمكنا من اللغة حتى يفهم الناس معنى الإسلام وسماحته ووسطيته، ويجب الاستعانة بدعاة من الغرب، اعتنقوا الإسلام وأصبحوا دعاة ناجحين فى الإسلام، ولديهم الرغبة والقدرة على تحمل تبعات الدعوة إلى الله تعالى، وهى من أفضل الطرق التى يتم من خلالها الإسهام فى تصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام فى الغرب.
وكان الشيخ عبد الحكيم عبداللطيف، شيخ عموم المقارئ المصرية، قد توفى مساء يوم الجمعة عن عمر يناهز 80 عامًا، بعد رحلة عامرة بعلوم القرآن وأقيمت صلاة الجنازة عليه عقب صلاة الظهر يوم التروية الموافق السبت الماضى 10 سبتمبر، رحم الله شيخنا الجليل.
رابط دائم: