رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

دور التجار فى انتشار الإسلام بأفريقيا

حورية توفيق
بالرغم من أن أفريقيا كانت أول مقصد للهجرات الإسلامية قبل قيام الدولة الاسلامية فى المدينة، إلا أن الإسلام لم ينتشر فى القارة السمراء إلا بعد دخول المسلمين مصر، البوابة التى انطلق منها الإسلام إلى شمال أفريقيا كما مرَّت المسيحية عبرها من قبل.

وقد سلك الإسلام عدة طرق انتشرمن خلالها فى أفريقيا، وكانت الفتوحات إحدى هذه الطرق التى توقفت فى الشمال من الصحراء الكبرى بالرجوع الى ما ذكره د «حسين مؤنس» فى كتابه «الإسلام الفاتح». وأقام التجار العرب والبربر علاقات تجارية مع سكان جنوب الصحراء الكبرى قبل ظهور الإسلام، وكانت هناك قوافل تجارية كبيرة، ووصف «ليفتزيون» التجار بأنهم « بمثابة أدوات لنشر الإسلام لما وراء حدود التوسع العسكري».

ويعتقد ترمنجهام أن «الإسلام والتجارة يرتبطان إلى حد كبير بطرق التجارة الموصلة بين بلاد المغرب وبلاد غرب أفريقيا عبر الصحراء الكبري، وعلى طول ساحل المحيط الأطلسى قامت هذه الطرق بدور مهم فى نشر الإسلام فى السنغال وأعالى النيجر ومنطقة «بحيرة تشاد»، كما ذكر «حسن أحمد محمود» فى كتابه «الإسلام والثقافة العربية فى أفريقيا». ولقد لفت التاجر المسلم نظر الأفريقيين بحرصه على أداء الطاعات والفروض مثل الوضوء والصلاة والزكاة والسمو العقلي، مما جذب قلوب الأفريقيين، وساعد على ذلك الاحتكاك المباشر بالمجتمع الأفريقي، حيث كان هؤلاء التجار يتزوجون فى الأماكن التى يتاجرون فيها، لأنهم يمكثون هناك فترات طويلة، فأصبح بيته يمثل مركزا إسلاميا، ونتيجة لهذا الاستقرار تكونت الأحياء الخاصة بهم فأقاموا فيها المساجد والمدارس لتعليم القرأن الكريم، فكان التاجر يقوم بدوره الدعوى بجانب نشاطه التجاري، وكانوا يستقدمون العلماء والفقهاء لتعليم سكان هذه المناطق أمور الدين، وأكثروا من بناء المساجد والمدارس والزوايا مع زيادة عدد المسلمين من الأفريقين، وتم إرسال أبنائهم للتعليم فى القاهرة والقيروان وبغداد وفاس، مع توفير احتياجاتهم من الأموال كما استخدم التاجر دكانه لتعليم الأطفال المسلمين والوثنيين ليلا.

وشكل التجار طبقة قريبة من البلاط الملكي، وتمتعوا بحرية الإقامة، واتخذهم الملوك مستشارين، ما أدى إلى انتشار الإسلام سريعا إلى إسلام الملوك وحاشيتهم. فمع انتشار الإسلام زادت التجارة وأصبحت طبقة التجار تتمتع بمزايا كثيرة فى المجتمع الأفريقى الغربي.

يقول «ابن حوقل»: «عرفت التجارة مع أفريقيا منذ أمد بعيد»، ولما ظهر الإسلام وأصبح التاجر مسلما زاد النشاط التجارى بين شمال الصحراء وجنوبها، كما زاد النشاط الذى كان يقوم به العرب فقد عنى المسلمون بالطرق والأمن وحددوا المكاييل والموازين والمقاييس، وأشاع التاجر حوله جوا من الثقة فوجد ترحابا أينما حلّ، وأصبح بيته منارة للفكر الإسلامى بما يحمله من مدنية وحضارة.

كما انتشر التجار العرب فى شرق أفريقيا من قبل ظهور الإسلام، ومع دخول جيش الفتح الاسلامى من مصر ومحاولة المسلمين فتح بلاد النوبة ومعاهدة البقط التى عقدت بين والى مصر عام 31ه ومملكة النوبة المسيحية والتى نصت فى أحد بنودها على حرية التجارة بين البلدين مما سمح لانتقال تجار الملسمين فى شمال السودان وبمرور الوقت انتشر الإسلام فى السودان ووصل إلى جنوبه نتيجة انتقال الدين الإسلامى والثقافة الإسلامية عن طريق مخالطة اهل السودان بالتجار المسلمين. وبرز دور تجار الكارمية، وهى التجارة القائمة على البهار وهم خليط من التجار الهنود والعرب و تجار غرب أفريقيا، واختلفت الآراء حول التسمية غير أن القلقشندى رأى «أنه مأخوذ عن «الكانم» أى بلاد وسط أفريقيا، وحرف إلى كارم، وأطلق على تجار البهار المقيمين فى مصر ونسبوا إليه، وكان مركزهم فى مدينة قوص، وتعود نشأتهم الى عصر الدولة الفاطمية، وازدهر دورهم فى عهد المماليك، التى عملت على حمايه تجارتهم كما ذكر «محمد عبد الغنى الأشقر» فى كتاب «تجار التوابل فى مصر» فى العصر المملوكي. وكانوا على قدر من الورع والتقوى ومثالا للصدق والأمانة، وقاموا بتدريس علوم الفقه والتفسير والافتاء كما وضح ذلك «عبد الله سالم بازينة» فى كتابه «أفريقيا جنوب الصحراء» كما خرج معهم جماعات صوفية لدعوة الناس إلى الإسلام، وساعد الكارمية على ربط العلاقات التجارية بين مناطق جنوب الصحراء وخاصة بلاد «البرنو والكانم والهوسا» بشكل خاص مع بلدان شمال أفريقيا، خاصة ليبيا ومصر، وساهموا فى نشر الإسلام بين الأفارقة وأقاموا ببناء العديد من المنشأت.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق