رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الديانات فى أفريقيا السوداء

محمود مناع
صدر هذا الكتاب قبل 70 عاما، وهو رصد للأحوال الدينية بأشكالها المختلفة فى الفترة التى عايشها المؤلف عن قرب. ومؤلفه «Hupert De Schamp» عمل أستاذا بمعهد الأجناس البشرية ومعهد الدراسات السياسية بجامعة باريس وشغل منصب حاكم المستعمرات الفرنسية فى غرب أفريقيا.

وكتاب «Les Religions De L afrique noire» مترجم إلى العربية منذ 2011، ويتناول «أفريقيا السوداء»، وفق العنوان الأصلي، أى أفريقيا جنوب الصحراء، وترجمه إلى العربية «حمدى أحمد صادق»، وصادر من المركز القومى للترجمة، وما ينبغى التأكيد عليه كما ورد على لسان «مصطفى لبيب» مقدم الكتاب أن يتم أخذ التطورات اللاحقة فى الحسبان عند دراسة الواقع الراهن. ويدور موضوع الكتاب الرئيسى حول تنوع صور الحياة الدينية عند الأفارقة والاعتقاد بالقوى الحيوية ومكانة الأسلاف التى تتمثل فى ممارسات وطقوس ووسائل من شأنها تحقيق الترابط بين الأحياء والأموات وهو ما يتناوله القسم الأول من الكتاب تحت عنوان «العقائد الموروثة» وهو ما سيتم التركيز عليه فى هذا العرض ، أما القسم الثانى فيتناول الديانات السماوية المسيحية والإسلام وكيف ظل الموروث الدينى القديم حيا فى قلب الشخصية الأفريقية.

والمؤلف يؤكد عبادة الأفارقة للحيوان والنبات مما جعلهم يسمون أنفسهم بأسمائها والأصل عند الأفارقة الذى يجب وضعه فى برواز كبير هو الاعتقاد بوجود إله عال، خالق الكون، وهو بعيد عن عالمهم ويصرف الأمور كلها ويكون الاتصال به عن طريق الآلهة الصغرى أو الرسل، وكذلك هناك طائفة تهتم بأعمال السحر والكهانة تقوم بدور الطبيب فى القبائل وتبيع التعاويذ والتمائم للشفاء من الأمراض والنجاح، واستعان المؤلف بأقوال من سبقوه للدلالة على أن قبائل أفريقيا السوداء الزنوج" يرتكز نظامها الاجتماعى والسياسى والاقتصادى على فكرة دينية بالأساس وأن ما يتم تناوله من أفكار ورؤى وصور ذهنية ثابتة فى العقول دون الأفريقية التى تشير بأن الشعوب الأفريقية متجردة وبعيدة عن الفكرة الدينية فهذا قول مغلوط لأن الواقع يؤكد أن الشعوب الأفريقية من أشد شعوب الأرض تدينا كما أثبت «موريس دلافوس» فى كتابه «حضارات الزنوج فى أفريقيا».

ورصد الكتاب محاولة الأوربيون تسمية الديانات الأفريقية على ضوء واقع شاهدوه وإن اختلفوا، فمنهم من سمى هذه الديانات عبادة التماثيل فى البداية لأنهم رأوا الأفارقة يؤدون طقوسا لدمى وتماثيل صغيرة، لكن ذلك لم يكن صحيحا لأن هذه التماثيل كانت تمثل الأجداد والآباء، ويؤكد المؤلف خطأ هذه التسمية عندما قارن بين هذا الادعاء وما يطلق على الكاثوليك بأنهم عُباد الصليب، وأطلق البعض أيضا على الديانات الأفريقية «عبادة الحياة» ثم «عبادة الطبيعة». وبعد ذلك حقق المؤلف التشابه بين الديانات الأفريقية التى وصفها بالوثنية ليس على سبيل الاحتقار أو الزراية لكن لوصف الحال تماما مثل الديانات الأخري، ديانة الإغريق القدماء وديانة قدماء المصريين وديانات الرومان واصفا كل هذه الديانات ومعها الأفريقية بأنها شيدت مدنيات وحضارات عظيمة، ويرى المؤلف أن الديانات الزنجية تعبر عن ثبوت الروح الدينية فى النفس الزنجية كما أنها تؤكد أن الإنسان جزء من الطبيعة التى يعيش فيها ويحترمها وأن ما يشاع بأنها ديانات الخوف والفزع فإن هذا قول مغلوط لأن الأفريقى يستمد حياته وقوته وكيانه من قوى الطبيعة ودائما يحافظ على صلته مع الموتى من الآباء والأجداد لأن ذلك يؤدى فى النهاية إلى الترابط والامتداد والاتصال بين كل أفراد المجتمع وبالتالى يكون الشكل النهائى هو المزيد من الترابط والصلة والتماسك والأخلاق ورجاحة العقل ودقة النظام الاجتماعى وعمق الاستمتاع بالحياة وحسن السلوك والفطرة من خلال شعائر وعادات ومهارات وأساطير ممتدة ولا تقف. والديانات الأفريقية فى القسم الأول تؤكد عمق الإحساس والانتماء والإيمان بديانات الأفارقة والإيمان الكامل بالقوى الحيوية والترابط الشديد بين الأحياء والأموات والكتاب يمتلأ بنماذج وأشكال العبادات ووسائلها ومظاهرها عند الكثير من القبائل الأفريقية وأشهرها «البانتو» و«والبامبارا» و«اليجون» و«الزولو» و«الهوسا» و«الآشانتي» و«الماندانج» و«السارا» و«الأوبانجي» و«المانجا» و«الدامارا» وقبائل أعالى النيل والعديد من القبائل الأخري.

والديانات الأفريقية قامت على واقع أفريقى خالص يمتزج فيه الواقع والبيئة مع الخيال ما أدى فى النهاية لترك تراث هائل من الحضارة والثقافة والأخلاق توارثته الأجيال ومازالت. وسنتناول القسم الثانى بشىء من التفصيل لاحقا.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق