رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

فضل ليلة النصف من شعبان

لشهر شعبان ـ بصفة عامة ـ منزلة عظيمة, وللعبادة فيه مكانة كريمة, وكان الرسول صلي الله عليه وسلم يكثر من الصيام فيه, لأنه شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان, وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلي الله تعالي فيحب أن يرفع عمله وهو صائم. ومن الله سبحانه في هذا الشهر المبارك علي الأمة فجعل فيه ليلة مباركة ألا وهي ليلة النصف من شهر شعبان, وقد ورد في هذه الليلة أحاديث كثيرة منها ما هو صحيح ومنها ما هو حسن ومنها ما هو ضعيف, وللأسف تمسك بعض الناس بالضعيف وتركوا الصحيح والحسن أو كأنهم لم يصل إليهم الا ما هو ضعيف. ومن أجل ذلك أردنا تصحيح بعض المفاهيم وبيان ما ورد في فضل الليلة حتي يعرف الناس الحق فمن الأحاديث الصحيحة الثابتة ما جاء عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (يطلع الله علي عباده ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه, الا لمشرك أو مشاحن).

وعن عائشة رضي الله عنها, قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (ان الله تعالي ينزل ليلة النصف من شعبان إلي سماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب), ومعني النزول هو نزول أمره ورحمته فالله منزه عن الجسمية والحلول, فالمعني علي ما ذكره أهل الحق نور رحمته, ومزيد لطفه علي العباد وإجابة دعوتهم وقبول معذرتهم: فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب وخص شعر غنم كلب لأنه لم يكن في العرب أكثر غنما منهم, وقال ابن تيمية: ليلة النصف من شعبان روي في فضلها من الأخبار والآثار ما يقتضي أنها مفضلة.

وعن علي كرم الله وجهه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها, فان الله تعالي ينزل فيها لغروب الشمس إلي سماء الدنيا فيقول: ألا من مستغفر فأغفر له, الا مسترزق فأرزقه, إلا مبتلي فأعافيه ألا كذا ألا كذا حتي يطلع الفجر).

وللدعاء في هذه الليلة فضله, عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: أتاني جبريل ـ عليه السلام ـ فقال: هذه الليلة ليلة النصف من شعبان, ولله فيها عتقاء من النار بعدد شعور غنم بني كلب, لا ينظر الله فيها إلي مشرك ولا إلي مشاحن, ولا إلي قاطع رحم ولا إلي مسبل, ولا إلي عاق لوالديه, ولا إلي مدمن خمر قالت: فسجد ليلا طويلا وسمعته يقول في سجوده: أعوذ بعفوك من عقابك وأعوذ برضاك من سخطك, وأعوذ بك منك, جل وجهك, لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت علي نفسك قالت: فلما أصبح ذكرتهن له, فقال: يا عائشة تعلمتهن؟ فقلت: نعم فقال: تعلميهن وعلميهن, فان جبريل عليه السلام علمنيهن وأمرني أن أرددهن في السجود رواه البيهقي في شعب الإيمان.

ومن أهم الأحداث التي رويت في هذه الليلة أن الإمام النووي في الروضة رجح ان تحويل القبلة كان في ليلة النصف من شعبان, وجاء تحويل القبلة من بيت المقدس إلي البيت الحرام استجابة لرغبة رسول الله صلي الله عليه وسلم, خاصة بعد أن أكثر اليهود اللغط بسبب اتجاهه إلي بيت المقدس فكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يقلب وجهه في السماء فأنزل الله عليه قوله تعالي: (قد نري تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره).

وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم قد صلي الركعتين الأوليين من الظهر فاتجه في الركعتين الآخريين إلي المسجد الحرام, وهكذا نري ان لهذه الليلة المباركة وهي ليلة النصف من شهر شعبان منزلة كريمة فهي ليلة من ليالي التجلي وقبول الدعاء, وهي التي حولت فيها القبلة إلي الكعبة المشرفة علي أرجح الآراء, فجمعت هذه الليلة خصائص التكريم والتعظيم, فالاحتفاء بها والتقرب إلي الله تعالي فيها والدعاء أرجي للقبول لما ورد فيها من فضل عظيم وأجر كريم.


لمزيد من مقالات د.احمد عمر هاشم

رابط دائم: