رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

بريد الجمعة يكتبه : أحـمــد البــرى
كأس السـعادة!

تنهال على «بريد الجمعة» رسائل القراء التى يروون فيها تجاربهم فى الحياة بكل ما تحمله من دروس وعبر يستفيد منها الآخرون فى مواجهة ما يمرون به من شدائد ومتاعب.. ومنهجى دائما فى تناول قضايا القراء ومشكلاتهم أنه لا يأس مع الحياة، وان كلا منا مطالب بأن يتطلع إلى الأمل وهو يستشرف المستقبل، وان يفكر بجدية فى أى مشكلة يواجهها، ويفاضل بين البدائل المتاحة لحلها، وأن يدرك أن المشوار مهما يكن طويلا يبدأ بخطوة واحدة، وإليكم الرسالة التالية:

أنا سيدة فى الثالثة والخمسين من عمرى، نشأت فى أسرة بسيطة بقرية صغيرة فى محافظة الشرقية لأب فلاح يمتلك أرضا زراعية هى رأسماله وشغله الشاغل، ويستعين فى فلاحتها ببعض العمال والمزارعين، وأم ربة منزل كرست حياتها لتربيتنا أنا وأشقائى الأربعة «ولدان وبنتان»، وترتيبى الثالثة بينهم، وعشنا حياة مستقرة، واستمتعنا بمباهج الحياة، وتخرج شقيقاى فى الجامعة، واستقرا فى وظيفتين حكوميتين بجانب مساعدة والدنا فى الزراعة، أما أنا فقد اكتفيت بدبلوم التجارة المتوسط لرغبة أمى التى كانت ترفض ابتعادى عنها حتى ولو للدراسة الجامعية، إذ كان الأمر يتطلب وقتها أن أنتقل إلى الزقازيق للإقامة فيها أو أن أتأخر فى بعض الأيام التى تكون فيها المحاضرات فى الفترة المسائية ورضيت بذلك، وتبعتنى شقيقتاى فى الحصول على الدبلوم نفسه.

وما إن أنهيت دراستى حتى انهال علىّ العرسان.. الكل يطلب يدى، فلقد حبانى الله بقدر كبير من الجمال، وتتمتع أسرتى بسمعة طيبة، ونتصف بالأخلاق الحميدة، ولم أنجرف فى علاقة عاطفية مع أحد، وادخرت مشاعرى لمن سيكون شريكى فى الحياة، وكان علىّ أن أختار واحدا ممن يتقدمون لى، ومع كل طارق لبابى تدور المناقشات بين أبى وأمى وأخوتى، وتنتهى إلى رفض العريس لأسباب متعددة منها ما يتعلق بأهله، ومنها ما يتصل به شخصيا، ثم جاءنى شاب يمت لنا بصلة قرابة، وحاصل على دبلوم المدارس الصناعية ويعمل خراطا، ومن أسرة تماثل أسرتنا، ويعمل والده نقاشا وله ثلاثة أشقاء. تخرجت الكبرى فى معهد فوق المتوسط وتزوجت فى محافظة أخرى، ويليه ولدان كانا وقتها فى المرحلة الثانوية، وقد تعلقت به من أول نظرة كما يقولون، وأحسست بأنه الزوج المناسب الذى طالما حلمت به، ولا أعرف لذلك سببا، فلقد وجدتنى أقول لهم: إننى سأتزوجه، وما إن سمع أبى كلامى حتى ثار ضدى وضربنى فى مختلف أنحاء جسمى وركلنى بقدميه، وحاولت أمى وأخوتى إثناءه عن موقفه لكنه لم يلن أبدا، وبلغ ما حدث لى فتاى، وجاء أبوه وأمه وبعض الأقارب من العائلة وحاولوا كثيرا أن يعرفوا سبب عناد أبى، لكنه قال لهم إننى مازلت صغيرة على الزواج، وعاد أهل فتاى من حيث جاءوا، وهم لا يدرون ماذا سيقولون لابنهم، ولا بماذا يبررون رفض أبى له، ومر أسبوع كئيب لم أسمع فيه أى خبر، ولم أعرف ما دار فى بيته، وعقدت العزم على أننى لن أتزوج سواه، وفكرت مليا فى الطريقة التى أقنع أبى بها انه الشخص المناسب لى، وفى الوقت نفسه أحافظ على صورة أهلى فى مجتمع الأرياف الذى يعيب على الفتاة التى تتزوج بمن ترغب فيه دون إرادة أسرتها، ويصفونها بـ«الجامدة» و«البجحة»، وفجأة جاءنى خبر أفزعنى وسقطت فور سماعه على الأرض مغشيا علىّ، وهو أن فتاى أشعل النار فى نفسه، بعد أن سكب على جسمه كله كمية كبيرة من الكيروسين، وقد نقله أبوه إلى المستشفى فى حالة خطيرة وتجمع أهل القرية لاستطلاع ما حدث، وعلموا بحكايتى أنا وفتاى، ولاموا أبى على موقفه، فالشاب الذى رفضه من عائلتنا، ويتمتع بكل الصفات الحسنة، كما أن راحتى النفسية إليه كفيلة بإقامة أسرة مستقرة يسودها الحب والطمأنينة، وشاءت الأقدار أن تجد كلماتهم صدى لدى أبى هذه المرة، ولكن بعد أن أحس أنه سيفقدنى ولم نكن نعلم حجم الاصابات التى لحقت بفتاى، وأسرع الجميع إلى المستشفى الذى يخضع فيه للعلاج، أما أنا فقد حملتنى أمى وأختاى إلى طبيب مجاور لمنزلنا، ففحصنى ووصف لى بعض المهدئات، قائلا لهن إننى تعرضت لصدمة عصبية شديدة، وشرحن له حكايتى، وقلن إن أبى وافق على زواجى من فتاى، وكنت أسمع كلماتهن كالحلم، وأردد فى نفسى، أين هو الآن ربما يكون قد فارق الحياة؟!

وشاء الله أن يتجاوز فتاى مرحلة الخطر على حياته، لكن جسمه كله صار مشوها وأجريت له عشرات العمليات الجراحية وانتهت جميعا بنسب تحسن بسيطة خصوصا فى يديه، فلم يعد قادرا على ممارسة عمله فى الخراطة، نتيجة بتر بعض أصابعه، وامتد التشوه إلى وجهه الذى يغطى معظمه برداء لا يخلعه أبدا، ولم يهمنى ذلك أو أتوقف عنده، وأصررت على إتمام زواجى به، إذ أراه روحا لا جسدا، وإذا كانت النيران قد التهمت أجزاء من جسمه، فإنها لم تستطع أن تقترب من روحه، وظل كما هو الشاب الوديع الحالم الذى ملك قلبى وعقلى، وتدخل المقربون من أسرتينا فى اتمام حلمنا المؤجل، وانتقلت إلى بيتى الذى طالما حلمت به مع حبيبى، وسط دموع الأهل والأصدقاء، وكانت دموعا مختلطة بين الفرح والحزن.. الفرح بأننى تزوجت فتاى بموافقة أهلى ومباركتهم لى، والحزن على حالة حبيبى الصحية، وما سيواجهه من متاعب وآلام وعقبات فى عمله وحياته، كان الجميع يعيشون فى دواخلهم فى بحر من التساؤلات. بينما كنت أحلق فى عالم آخر من الأحلام، وكنت على يقين بأن الحب يصنع المعجزات، وأن ما صار إليه زوجى سيكون دافعا لى للوقوف إلى جواره ومؤازرته فى تجاوز المصاعب، والوصول إلى مرحلة الطمأنينة والاستقرار، وتحقق لى ما أردت، فمنذ اليوم الأول لزواجنا احتويته ومنحته الحب والحنان، ووفقه الله إلى وظيفة حكومية فى مدرسة صناعية ضمن الخمسة فى المائة للمعاقين، وساعدنا أبوه فى تدبير أمورنا، وظللتنا السعادة، ولا أبالغ إذا قلت لك إن العاهات التى أصيب زوجى بها لم تؤثر فى نفسى بالسلب أبدا، وكلما نظرت إليه ازددت حبا له، وكان السؤال الوحيد الذى يجول بخاطرى ولا أجد له إجابة هو: لماذا يتعنت الأهل فى الوقوف ضد رغبات بناتهم أو أبنائهم فى الزواج بمن يحبون، ماداموا لاينكرون على من ارتضونه شريكا فى الحياة، خلقا ولا دينا، ويجيئنى الجواب من رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه وإلا تفعلوا تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير»، وسيطر هذا السؤال علىّ فى أحيان كثيرة، وكنت أسأل نفسى لماذا ياربى أتذكر هذا الموقف، وقد مرت عليه سنوات طويلة؟ ويغلبنى البكاء، فأنصرف إلى حجرة داخلية أو إلى المطبخ كى لا يلمح زوجى ولا أبنائى دموعى التى لن أستطيع أن أبررها لهم.

ورزقنى الله بثلاثة أولاد «ولد وبنتين»، سهرت على راحتهم، وبذلت كل ما فى وسعى لإسعادهم، وقد رحل حماى وحماتى عن الحياة، ومن قبلهما أبى وأمى، ولا ينقطع سؤالى عن أخوتى، وسؤالهم عنى، وكذلك أخوة زوجى، ونتبادل الزيارات فى الأعياد والمناسبات الاجتماعية، وتخرج ابنى الأكبر فى كلية عملية، والتحق بشركة قطاع خاص، ويحمل نفس صفات أبيه من الأخلاق الحميدة، وخفة الظل، وذات يوم قلت له: «عايزة أفرح بك». فابتسم وأطرق فى الأرض وقال لى «ماشى ياماما»، وأحسست أنه تنفس الصعداء، إذ كان يريد أن يفاتحنى فى رغبته بأن يتزوج من فتاة أحلامه، لكنه لم يجد الفرصة لذلك، وقد وفرت عليه الكثير بمبادرتى، وأمسكت بيديه وأجلسته على الأريكة بحجرة المعيشة إلى جوارى، وطلبت منه أن يحكى لى كل ما يريده، وأننى سأبذل قصارى جهدى لتحقيق رغبته، فأشار علىّ بفتاة من معارفنا، تدرس بالسنة الرابعة فى إحدى الكليات، ولها شقيقان أصغر منها، ويعمل أبوها موظفا فى إحدى الجهات وكذلك أمها، وفاتحت زوجى فى أمر ابننا، فأثنى على أسرة الفتاة، وطلب منى أن أفاتح والدتها أولا. فإذا وجدنا قبولا منهم فسوف نبدأ إجراءات الخطبة والاتفاق على ترتيبات الزفاف، وشددت الرحال إلى بيتهم، والتقيت والدتها التى قابلتنى بترحاب شديد، وأبلغتها بسبب زيارتى لهم من غير مناسبة، بأن سعادتنا ستكتمل لو ارتبط ابنى بابنتها، فلم تبد أى إجابة، وتركت الباب مفتوحا لمراجعة ابنتها وزوجها، ومرت أيام، ولم يأتنا أى نبأ لا بالموافقة ولا بالرفض، ثم عرفت عن طريق ابنتى أن الفتاة موافقة على ارتباطها بابنى وسعيدة به، لكن أباها يرفض هذه الزيجة دون إبداء الأسباب، ولما طال الوقت سألنى ابنى عما حدث، وقال إنه يشعر بأن هناك شيئا ما أخفيه عنه، فنفيت تماما اننى أخفى عنه أمرا كهذا، ووعدته بأن أعاود تكرار الزيارة من باب تأخرهم فى الرد علينا، وعدت إلى بيتهم من جديد، وطرحت السؤال بشكل مباشر على والدة الفتاة فردت علىّ بالرد المعتاد فى حالة الرفض: «هو إحنا «مش حنلاقى أحسن منكم، بس أبوها شايف إن هى لسة طالبة، وأنه مابيفكرش يجوزها دلوقتى».. ففهمت الرسالة، وأدركت أن ما حدث معى عندما رفض أبى فتاى قد يتكرر مع إبنى، وأخفيت الأمر عنه ومازلت أماطل فى الرد عليه، ولا سبيل أمامه للقاء فتاته، أو الحديث معها، وكل ما يعرفه أنها موافقة عليه، وأن المسألة برمتها مسألة وقت، ثم يتحقق حلمه فى الزواج منها.

إننى أعيش كابوسا مخيفا، وأصحو من عز النوم على تهيؤات بأن ابنى حدث له مكروه أو أنه كرر ما فعله أبوه عندما أشعل النار فى نفسه، وكان ماكان من تداعيات صحية ونفسية. ولو أن ابى وافق عليه منذ البداية لما حدث ذلك، وقد أدركت الآن سر الهاجس الذى يطاردنى منذ سنوات وأخشى أن يصاب ابنى بمكروه، لو عرف الحقيقة، وأن زواجه من فتاته لن يتم لتعسف أبيها الذى لو حكم عقله لما وقف ضد سعادة ابنته، ولسألها إذا كانت ترغب فى الزواج به أم لا؟ فالفتاة هى التى تحدد مدى قبولها من تقدم طالبا يدها، ولا يتم إجبارها على أحد، لأن الزواج بالاكراه محكوم عليه بالفشل، ولا سبيل إلى نجاح أى زيجة إلا بالحب والراحة من كل طرف تجاه الآخر.

فماذا أفعل لاقناع أسرة فتاة ابنى بقبوله زوجا لها، وأظنهم يعلمون جيدا قصتى وكيف اننى نلت موافقة أهلى ولكن بعد أن تعرض زوجى لما حدث له، إننى أرجوهم عبر بابك الشهير أن يعيدوا النظر فى موقفهم، وأن يبحثوا عن سعادة ابنتهم، فهى فى النهاية التى سوف تشرب «كأس السعادة» أو تتجرع «كأس المرارة»، ولن تهنأ إلا مع من اختاره قلبها وعقلها، ثم هل من سبيل لكى يتفهم ابنى الموضوع، ولا يقدم على تصرف يؤذيه كما فعل ابوه من قبل حتى لو من باب الحب؟ أرجوك دلنى على الحل السليم لهذه المشكلة التى تقض مضجعى، وتحيل حياتى إلى جحيم، ولا أجد إلى تجاوزها سبيلا.

ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

يخطئ من يظن أن السعادة فى امتلاك الأموال والعقارات، إذ أن السعادة الحقيقية فى الرضا والطمأنينة وراحة البال، فمن ينظر إلى الماديات ويتعلق بها، ولا يلقى بالا للأخلاق، يدرك، إن آجلا أو عاجلا، أن نظرته خاطئة، ووقتها ربما يكون أوان تصحيح أفكاره قد ولي، وحدث ذلك مع كثيرين التمسوا السعادة فى المال والجاه فلم يصيبوها، بينما من سعوا إليها عبر القناعة والرضا بما قسمه الله حققوها، ونالوا إلى جانبها الماديات أيضا.

وليكن قدوتنا فى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذى عاش فقيرا، وكان كثيرا ما يشتد به الجوع، ولا يجد ما يسد به حاجته إلى الطعام، لكنه قضى حياته فى نعيم لا يعلمه إلا الله، وفى انشراح وارتياح، واغتباط وانبساط، وهدوء وسكينة، حيث يقول تعالي: «ووضعنا عنك وزرك الذى أنقض ظهرك»، «وكان فضل الله عليك عظيما».

ولقد أدركت ذلك بحسك الجميل الراقي، فلم تلتفتى إلى ظروف فتاك المادية التى أحسب أنها كانت السبب فى رفض أبيك الزواج منه فى البداية، وقبل أن يتعرض لواقعة الانتحار القاسية التى لا يقره عليها أحد، وأصررت على الزواج منه، وتحديت الجميع بأنه هو الوحيد الذى دخل قلبك ولا ترين فى الدنيا زوجا غيره، بمعنى أنك انسلخت من كل من حولك وحلقت معه فى عالم الود والحب والإخلاص، ووقتها أقر أبوك بالدرس الكبير الذى يجب أن نتعلمه فى حياتنا من قوله تعالي: «وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله».. هذا هو المنهج الربانى الذى يساعد على قيام حياة زوجية ناجحة، ولنا فى قصتك مع زوجك أسوة بالحالة المثالية التى ينبغى أن تبنى عليها الزيجات السعيدة، وليتعلم منها أهل فتاة ابنك، فينزلوا على رغبتها، أما عن ابنك فلتخبريه بحقيقة الأمر، وعليه أن يدافع عن اختياره وأن يذهب هو بنفسه إلى والد فتاته، ويصارحه بكل شيء، فالكلام المباشر يخرج من القلب إلى القلب، وليتسلح بالحكمة والبراهين القوية للتعبير عن مدى حبه لها، وهناك العديد من الأمثلة الواقعية فى كل زمان ومكان للتدليل على أن الحب يصنع المعجزات، وأن السعادة فى التآلف والتفاهم، وليست قوالب جامدة بحسابات المال.

أيضا لفتاة ابنك دور مهم فى التقريب بينه وبين أهلها، فتخبرهم بما تعرفه عنه من مزايا، ولتحاول أن تقيم حوارا جيدا وهادئا بينه وبين أهلها، فالفتاة التى تتزوج بمن أحبته ستظل مرتبطة به إلى الأبد مادامت متأكدة من حبها له، وحبه لها، بل وتضحى من أجله بكل شيء، ولا تطلب لنفسها مأربا شخصيا.. وأسوق إليكم هذه القصة الواقعية التى دارت أحداثها فى اليابان بين شاب وفتاة تربطهما قصة حب رائعة، وكان يجدان ملاذهما من عناء العمل فى الحدائق، ولا يفترقان عن بعضهما إلا عند النوم، وذات يوم ذهب الشاب إلى الاستديو الذى يعملان به لتحميض بعض الصور، وقبل أن يخرج منه رتب كل شيء ووضعه فى مكانه من أوراق ومواد كيماوية لأن حبيبته لم تكن معه، نظرا لارتباطها بموعد مع أمها، وفى اليوم التالى حضرت الفتاة إلى العمل، وأخذت فى تحميض الصور ولكن حبيبها أخطأ فى وضع الحمض الكيميائى فى مكان غير آمن، وحدث ما لم يكن فى الحسبان، إذ رفعت الفتاة رأسها لتأخذ بعض الأحماض، وفجأة وقع أحدها على عينيها وجبهتها، فصرخت، وهرع إليها كل من فى المحل ونقلوها إلى المستشفي، وأبلغوا حبيبها بذلك، فأدرك أنها فقدت بصرها.. وهنا مزق الصور التى تذكره بها وخرج من الاستديو، واندهش أصدقاؤه من معاملته القاسية لمن جمعته بها قصة حب رائعة، وحزنوا على ما فعله، وذهبوا إلى الفتاة فى المستشفى للاطمئنان عليها فوجدوها فى أحسن حال، ولم يحدث لعينيها أى أذي، وقد أجريت لجبهتها عملية تجميل وعادت مثلما كانت سليمة البصر، جميلة الوجه، وعقب خروجها من المستشفى ذهبت إلى الاستديو، وانسالت الدموع على خديها من موقف حبيبها غير المخلص الذى لم تتصور أبدا أن يصنع ما صنع، وأن يتركها فى هذه الحال الصعبة، ولم تجده فى الاستديو ولا فى منزله، وأخيرا ذهبت إلى المكان الذى طالما جمعهما معا فى الأوقات الجميلة، وهناك وجدته جالسا على كرسى وسط الأشجار والطبيعة الخلابة، فجاءته من خلفه، وهو لا يعلم، ونظرت إليه بحسرة وألم على تركه لها فى محنتها، وأرادت الفتاة أن تتحدث معه، فوقفت أمامه وهى تبكي، لكنه لم يهتم بها، ولم ينظر إليها.. أتدرون ماذا حدث؟.. إنه لم يرها لأنه أعمي، وعرفت ذلك عندما نهض من مكانه متكئا على عصا خشية السقوط على الأرض، وعرفت الفتاة الحقيقة بأن حبيبها ذهب إلى المستشفى وكتب تعهدا على نفسه بأنه يرغب فى نقل عينيه إليها، وفضل أن ترى هى الدنيا، لا أن يحياها هو بنور عينيه، وأنه ابتعد عنها بعد أن أصبح ضريرا ولن ينفعها بشيء، ولكى تكمل حياتها مع شاب آخر يستطيع إسعادها، ولما عرفت الفتاة صنيعه وقعت على الأرض من هول الصدمة، والتقى الاثنان على الحب الأبدى الذى لا يتصور أحد أن يصل بأى حبيبين إلى هذه الدرجة!

وعلى شاكلة هذه القصة الواقعية هناك الآلاف من قصص الحب التى تضرب أروع الأمثلة على أن التآلف بين الرجل والمرأة هو أقوى عامل يساعد على استقرار الزواج والحياة، وليكن منهج ابنك فى الحياة هو نفس منهجك الذى مازلت تنعمين بالسعادة فى ظله، برغم ما جرى لزوجك، وليعلم أهل الفتاة التى يرغب فى الزواج منها أنه لا شيء يعادل السكينة والطمأنينة، فليوافقوا على تزويجه ابنتهم لابنك ماداموا لا يعيبون عليه خلقا ولا دينا، وأرجو منه ألا يقلق أبدا، وأن يدرك أن الله سبحانه وتعالى سوف ييسر له أمره، فعليه أن يدعوه بأن يوجهه الوجهة الصحيحة التى فيها صلاح له فى دينه ودنياه، وأذكره بقول الشاعر:

ولرب نازلة يضيق بها الفتى

ذرعا وعند الله منها المخرج

ضاقت فلما استحكمت حلقاتها

فرجت وكان يظنها لا تفرج

فلا تقلقى يا سيدتي، وصارحى ابنك بالأمر كله، وثقى بأنه سوف يتخذ القرار الصحيح، وأنه سيضع كل شيء موضعه السليم، فالعاطفة وحدها لا تصلح للحكم على الأمور من جانب واحد، وما دام الاثنان يحبان بعضهما فسوف تنقشع «سحابة الصيف» التى تمر بقصة زواجهما، والمهم المصارحة من كل الأطراف بالمواقف، والسعى إلى تضييق الفجوات، إن وجدت، ولو أدرك والدا هذه الفتاة أنها تحبه، وأن حياتها مع غيره لن تكون سعيدة، فسوف يتنازلان عن موقفهما منه، فلتبدأوا خطوات جديدة بزيارتهم، والحديث المستفيض الذى يضع النقاط على الحروف، وسوف ييسر الله له الأمر، وهو وحده المستعان.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق
  • 10
    خايف عليكي يابلدي
    2016/05/20 17:04
    0-
    2+

    أنت إمرأة قوية ؟!
    قصة جميلة ولكنها ليست سائدة ونادرة التكرار ولكن قصتك وسط بلدتك أظهرتك بالقوة والتحدي ثم أنت ياأختي كان لك الدور الأكبر في تربية أولادك وهذا ما يخشاه أهل البنت من الحماة المسيطرة أو أنه ابن أمه بدليل انه ارسلك انت للتحدث في الموضوع ولم يذهب هو اذا كانوابوه لا يستطيع .. اري أننا نربي شبابا لم يفطم بعد للاسف ..
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق
  • 9
    بنت
    2016/05/20 16:30
    0-
    26+

    ولو واحد انتحر علشان يتجوزنى مش هتجوزه
    لانه كدا انسان ضعيف ومش راجل ولا يتحمل المسئولة وعلشان بنت بنهى حياته ؟؟ مايلزمنيش راجل ضعيف الشخصية بالشكل ده لو قابلتنا مشكلة فى حياتنا بنتحر ولا يموت نفسه تانى يخربيت الهبل امال انا احس بالامان ازاى ومع مين فين السند فين الظهر وذنبى ايه اتجوز رجل مشوه فى جسمه وفى عقله بلا هبل ..من فضلك انشر بلاش هم
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق
  • 8
    دكتورة منال
    2016/05/20 13:29
    0-
    7+

    ليه كل ده
    اختي الفاضلة ,, لا يوجد في الحياة كلها شئ يستحق ان يموت من اجله احد كافرا ,, ايوه الانتحار كفر وهكذا هو ديننا ولكن للاسف الشديد بدأنا نتعامل مع حالات الانتحار بتعاطف غريب ويمكن للاعلام والدراما دور في هذا التعاطف وبدلا من التوضيح للناس معني ومصيبة وتبعات وعقاب الانتحار اصبحنا نزينه وكأنه حل لكل مشكلة ,, قولي لابنك واللي لسه كل علاقته بقتاته انه شافها فأٌعجب بيها يحاول مع والدها وافق خير وبركة ولو موافقش البنات ما أكتر منهم ,,واضح انه ورث ضعف والده مش بس اخلاقه الحميدة كما تقولين وواضح انك مكبرة الموضوع جدا ,,واتسائل لو كان ابنك مدمن او بلطجي كنت هتعملي ايه ؟؟ جحيم ايه بس اللي بتتكلمي عنه احمدي ربنا وبلاش سطحية وعذرا اذا كان كلامي فيه شئ من القسوة
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق
  • 7
    شريف شفيق
    2016/05/20 12:53
    0-
    7+

    هو انتى متأكدة ان الواد مخه تعبان زى ابوه !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
    خايفة على الواد ليحرق نفسه زى ابوه ماعمل !!!ده تصرفات مجانين وكان يجب عليك الا تتزوجى من هذا الرجل الذى لم يجد طريقة ليتمسك بك بها الا انه يحرق نفسه ..........هذا ضعف فى التفكير حتى لو كنتى ملكة جمال الكون ....هذا الزوج غييييييييييير طبيعى .
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق
  • 6
    ابو العز
    2016/05/20 10:44
    0-
    2+

    اتركي ابنك يواجه الحياة بمفرده ..
    لو استمرت على هذا النحو كانت الدنيا امتلأت كقبر روميو وجولييت ..
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق
  • 5
    Ashraf hassib
    2016/05/20 10:20
    6-
    9+

    الضعف و القوة
    انك لسيدة رائعة لكن لا تؤاخذيني فما فعله زوجك من اجلك أمرا ليس سويا بل هو ضعف قد أتى على نفسه لكي يقبل على فعل خطير الا وهو معصية الله لانه في النهاية قد اقدم على الانتحار اما ما تفعلينه انت الان لتحقيق رغبة ابنك حتى لا ينتحر مثل أباه فهو امر غير منطقي فإنك تشجيعه على التمسك بمنطق الضعف اما ان يأخذ ما يريد او يلحق الأذي بنفسه وهو مبدأ مرفوض والا أصبح مبدأ موروثا في العائلة كلها ولكن علمي ابنك مبدأ القوة وهو ان ليس كل ما يتمناه سيأخذه حتى ولو على حساب استقرار واقتناع الآخرين وذلك باستخدام أدوات الاستعطاف و الشفقة وعلميه ايضا ان القوة في السعي ليس بإجبار الآخرين على الرضوخ بمبدأ ارهابهم وتحميلهم مسئولية الذنب تجاهه يا سيدتي ما تشجعين ولدك عليه هو ان ينال ما يريد باي وسيلة الا وهي الضعف فعليك ان تمنحيه العقل في تدبر اموره بالقوة و المثابرة واعلمي ان حياة الزوجية لا تعني شخصين فحسب ولكن تعني حياة كاملة قد يراها الآخرين بشكل مختلف و حسابات غير التي تحسبينها انت وابنك. وفقك الله
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق
  • 4
    المهندس محمود عبدالحميد محمد بالقاهرة
    2016/05/20 09:54
    20-
    6+

    هل ما زال فى الدنيا مغفلين يحاولون الإنتحار من أجل الحبيبة ؟؟؟؟
    هل ما زال فى الدنيا مغفلين يحاولون الإنتحار من أجل الحبيبة ؟؟؟؟ ٤٠ % من حالات الزواج تنتهى الطلاق ،أى لم يعد أحد يحتمل الآخر فيتركه لغيره ،فكيف يمكن أن يعقل أن يتشبث شخص بآخر حتى الموت وهو يعلم مقدما أن إحتمال البقاء معه ٦٠ % فقط (مجرد البقاء) ولا أقول إحتمال السعادة فكل من لم يطلق ليس بسعيد ، فى حين أن ٤٠ % نصيبهم من التعاسة مؤكد ومضمون حسب الإحصائيات ،ولو يعلم الشباب أن ٨٠ % من المتزوجون لم يتزوجوا بأول إختيار لهم لعلم أن الزواج مجرد إختيار وإختبار ،وليس هو الدنيا كما كنا نظن ونحن صغارا المهندس محمود عبدالحميد محمد بالقاهرة
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق
  • 3
    ^^HR
    2016/05/20 06:41
    3-
    3+

    الحياة لاتسير نسخا طبق الاصل ومافعله الاب من حرق لنفسه هو من قبيل الاستثناء لا القاعدة
    وإلا فماذا يفعل الزمن والتطور ونمو ثقافة الآباء فى اتربية وترشيد الابناء؟!..... مافعله الاب يظل من عداد ماتفخر به الام كرمز لشدة الحب دون سواها رغم أنه غير مقبول فى حد ذاته عرفا ودينا وصبرا وتحملا وثباتا ،،، الخلاصة لاتستميتوا فى الطلب والالحاح فالامور تجرى بمقادير والزمن كفيل بطى الصفحات خيرا او غيره
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق
  • 2
    عيد الله عطا
    2016/05/20 03:19
    1-
    1+

    علشان نجيبك على سؤالك وهو اعمل اية حتى يتحقق حلم ابنى حاجة واحدة فقط وهى.........
    فقط تخبريهم بما حصل مع حبيبك وزوجك عندما رفض ابوكى ووافق بعدخراب مالطة قصرا وغصب عنة ويجعلوها بجميلتها كما يقول المثل
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق
  • 1
    emad
    2016/05/20 01:25
    0-
    2+

    علي صفحه بريد الجمعه-احمد البري الاهرام الاسبوعي
    اي جحيم يا اختي كل شئ قصمه و نصيب وازيلي كل هذه الوساوس من رأسك فهي من الشيطان فعلي ابنك ان يذهب اليهم ويعرف سبب الرفض وعلي البنت ان تقنع اباها ان كانت متمسكه بفتاها وتري انه الزوج المناسب لها وعلي الاهل ان لا يقفوا حجر عثره في طريق سعادتها وسوف يدبر الله لهم امرهم طالما يتقون الله فسوف يجعل لهم من هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ان شاء الله
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق