رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

قصص شعبية من الأدب المصرى القديم

◀ السيد نجم
لم تتوج القصة الشعبية فى عصر من العصور، قدر ما لاقته في الأدب المصرى القديم، وقد بقيت حتى سُجل بعضها على جدران المعابد، بل ونجد بعضها حتى الآن في رصيدنا القصصي الشعبي إلى الآن.

وانتبه الباحثون لأهمية القصص الشعبي، وعلى رأسهم «سليم حسن» وخصص لها في موسوعته «مصر القديمة» ملفاً مهما، حاول فيه تقديم أكبر قدر منها. واهتم عالم المصريات المعروف « ل. ج. ماسبيرو» بها لدرجة أنه أعد لها كتابا كاملا بعنوان ا القصص الشعبية في مصر القديمة ب عام 1882م، ولأهميته قال عنه العالم الفرنسي «جوستاف لوفيفر»: «إن القصص في الأدب الإغريقي لم تكن إلا نوعا من سمر الأطفال، بينما كانت في مصر القديمة أعمالا أدبية».

وتوقف هنا أمام القصص التي عبرت عن الانتماء ومقاومة الغُزاة، ومنها قصة «فتح جوبي»، أو «الاستيلاء على يافا» وهي تتغني بالبطل المنتصر، وبالانتصارات الكبرى، وتعد من أشهر النماذج وتتميز بحيوية سردية وجاذبية، وتبرز دور القائد ا دجهوني ب الذي اشتهر بالدهاء في فتح مدينة «يافا»، حيث قام بإرسال الكثير من جنوده إلى داخل المعسكر في سلال كبيرة ( ولاحقا استفاد الزبير بهذه الحيلة في دخول حصن بابليون، وكذلك استخدمت في خدعة حصان طروادة ).

وفي قصة «مخاصمة حور وست» وقد وصلت إلينا كاملة، وكتبت في عهد «رمسيس الخامس». وتعتمد فكرتها على صراع «حور» مع عمه «ست» على وظيفة «إله الموتى »، الذي استمر ثمانين عاما، و«أوزوريس» هو الذي أوجد هذه الوظيفة قبل أن يكون الحاكم الأول لمصر، وكان لابد ان يُعرض الأمر على محكمة الآلهة، وفاز بها «حور» تعبيرا عن انتصار الحق.

وقصة «الفلاح فصيح » وهي مكتوبة في حوالي أربعمائة سطر. ولها أسماء متنوعة، منها «شكوى الفلاح»، و«مرافعة الفلاح»، و «الفلاح الفصيح»، وكذلك اختلفت هوية بطل القصة بين فلاح و تاجر ملح، وهناك من قال إنه من وادي النيل، وذهب آخر إلى أنه من واحة «سيث»، وفحواها أن رجلا اسمه «خو نانوب» جاء من واحة الملح ( وادي النطرون ) لبيع الملح، وشراء ثمار الوادي، وفي الطريق بالقرب من مدينة «نينسو» اعترضه شقي واستولى على حميره بما تحمله. فقصد حاكم المنطقة الدولة وقدم شكواه في تسع رسائل تتسم بالبلاغة والحجة والمرح، ولم يجيبوه لشكواه فورا، وماطلوا للاستزادة من رسائله، وقاموا بالاستجابة له وحل مشكلته لاحقا، وبقيت رسائله الفصيحة للتاريخ.

وقصة «الحنين إلى الوطن» أو «سنوحى»، والتي أجمع علماء المصريات على أنها أفضل ما يمثل الأدب المصري القديم. وهي ترصد حكاية الحرب مع اللوبيين، وكان «سنوحى » تحت قيادة ولى عهد مصر وقتها، وتُوفى الملك، ورحل ولى العهد لتولى شئون البلاد، وهاجر سنوحى إلى سوريا، وأقام هناك وتزوج، ونصبته إحدى القبائل شيخا عليها، وبعد سنوات طويلة غلبه الحنين إلى وطنه، وطلب الإذن بالعودة، فوافق الملك، وأعاده إلى قيادة الجيش، وهو أقصى ما تمناه سنوحى، فغادر سوريا مسرعا إلى مصر، ليدفن فيها.

وقصة «الصدق والكذب» التي تتناول فكرة العدل في شكل صراع بين الشقيقين «صدق» و «كذب»، وتنتهي القصة بمعاقبة «كذب» بضربه مائة جلدة، ويُحكم عليه بعمى عينيه، ويصبح بوابا لمنزل «صدق»، ليسود العدل.

وكل هذه القصص تظهر أن الإنسان المصري القديم كان يتمتع بمنظومة قيم رفيعة في حياته، من الانتماء إلى الوطن، إلى إيمانه بالعدالة والحق، وانتصاره للإنسان في ثنايا قصصه الشعبي.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق