إثيوبيا متحف الشعوب والسلالات، فهى تملك الكثير من القوميات التى تحتوى على عدد كبير من القبائل، وهى مقسمة إلى تسع دول فيدرالية عرقية «تيجراي، وعفار، وأمهرة، وأوروميا، والصومالي، وبنى شنقول، وقماز، وإقليم قوميات وشعوب الجنوب، وجمبيلا، وهرارى».
وأيِّ من الأقاليم التسعة يضم عددا من القوميات، تختلف نسبتهما عن بعضهم بعضا، وهذا الاختلاف كان سببا فى تميز بعض القوميات عن غيرها فى المكانة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية داخل الإقليم.
و«بنى شنقول/ البرتا» من القبائل الحدودية بين إثيوبيا والسودان، وهى كانت أرضا واحدة تعيش عليها مجموعة من قبائل البرتا أو بنى شنقول أو الفونج قبل التقسيم الذى لم يهتم بالحدود القبلية، فتسبب بتقسيم القبائل والجماعات العرقية الواحدة إلى رعاية دول مختلفة.
وقد تعددت الأسماء التى أطلقت على هذه القبائل، ففى إثيوبيا تعرف بـ «بنى شنقول»، وهى كبرى القبائل كثافة سكانية فى إقليم بنى شنقول قمز، وتمت تسميته باسمها طبقا للدستور الفدرالى الإثيوبى الذى ينص على تسمية الأقاليم بأكبر جماعة عرقية فيها. أما فى ولاية «النيل الأزرق» السودانية الحدودية مع أقليم «بنى شنقول» بإثيوبيا فتعرف باسم «البرتا»، وأيضا باسم «الفونج» عند مجموعة قليلة جدا منهم.
ويسكن إقليم «بنى شنقول» منذ فجر التاريخ قبائل زنجية أفريقية تشكل القوميات الخمس الرئيسية، وهى «البرتا» فى غرب ووسط الأقليم، و«القمز» فى الشمال، و«الشناشة» فى الشرق، و«الكوما والماو» فى الجنوب.
و«بنى شنقول» ليس الاسم الأصلى للجماعة، بل تمت إضافة كلمة «بني» للدلالة على الانتماء إلى العرب والإسلام، والاسم الأصلى هو «بلا شنقولBele shangul» بلغة البرتا، وهى اللغة الأساسية للسكان الأصليين، وتعنى كلمة «بلا» الصخرة أو الحجر، وكلمة «شنقول» تعنى العضو الذكرى للكلب، لكن «شنقول» اليوم فى المنطقة تعنى الشكل الدائري، أو التمائم المستديرة التى يلبسها الأفراد حول أعناقهم إلى اليوم، خاصة الأطفال، ويرجع هذا الاسم إلى صخرة مقدسة أقام السكان الأصليين « أهل برتا » أول مستوطنة لهم بجوارها.
وتشكل الديانة عنصرا ثقافيا مهما جدا عند «بنى شنقول» فى إثيوبيا والسودان، حيث ارتبطت السياسات الحاكمة والسلطة فى إثيوبيا على مر العصور بالدين المسيحى وتعاليم الكنيسة. أما سكان «بنى شنقول» الذين يدينون بالإسلام فتمسكوا بتعاليمه الذى لا يقتصر على سكان «بنى شنقول»، بل ينتشر فى أجزاء كبيرة من إثيوبيا، كما أوضح تعداد أجرى فى إثيوبيا نحو 2007، حيث يشكل إجمالى عدد المسلمين فى إثيوبيا حوالى 25.045.550 مليون، بنسبة تصل إلى 33.9 %.
والغذاء الرئيسى لـ « بنى شنقول » هو الذرة التى تستخدم لصناعة «اللقمة والكسرة والعصيدة والقراصة»، وأيضا «الهشة» وهو لحم مشوى على الفحم غذاء شهير ورئيسى أيضا فى السودان، وهو دليل على تمسك «بنى شنقول» بالثقافة السودانية فى كثير من تفاصيل حياتهم.
واللبن هو المشروب الرئيسى عندهم، ويشرب ثلاث مرات يوميا، فى الصباح الباكر، ومنتصف النهار، وقبل المغرب، والمشروب الثانى «العسل»، وهو من أهم منتجاتهم، وارتبط باسم أحد حكامهم «خوجلى الحسن»، والمشروب الثالث «الماريسة»، وهو نوع من الخمر، ويصنع من الذرة بوضعها فى الماء إلى أن «تُنبِّت»، ثم تترك لتجف وتطحن لتصبح دقيقا ويوضع فى الماء مرة أخرى، ويتركونه يجف فى الشمس، ويضعون عليه بعض الثمار، فيصبح لونه بنياً، وتصنع رغوة، ويشربون «الماريسة» فى كل وقت تقريبا، وفى المناسبات الاجتماعية المختلفة، ويعتبرها البعض وجبة غذائية كاملة تغنيهم عن الوجبات الأساسية، وتعتبر المشروب المحلى والقومى لـ « بنى شنقول».
والزى القومى لـ «بنى شنقول» هو الزى القومى للسودان، فهم يلبسون الجلابية والسروال الطويل والطاقية، ويفضلون الألوان الصريح كالأحمر والأصفر والمزركش، والنساء يرتدين «التوب السودانى» بألوانه المتعددة، وهو قطعة طويلة من القماش، تلفها السيدات حول وسطهن، ويلف طرفها حول كتف ورأس المرأة.
وتعانى المنطقة من قلة دخل الفرد على الرغم من تنوع الموارد بها، خاصة الذهب الذى اشتهرت به منذ آلالف السنين حيث عرفت بــ «بلاد الذهب»، وبسبب وجود «جبال الذهب» تعرضت هذه الجماعات إلى استعمار بلادهم، وأطماع من الدول الأخرى مما شكل جزءاً كبيرًا من تاريخهم وحياتهم ظهرت فى كثير من معتقداتهم وثقافتهم التى تحتاج إلى مقالات أخرى للتحدث عنهم.
رابط دائم: