رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الدردشة عبر«الواتس أب» .. تثير جدلا فقهيا!

تحقيق - إبراهيم عمران:
انتشرت الدردشة على مواقع التواصل الاجتماعي، وبخاصة "الواتس أب" بين الشباب والفتيات، ونشأ عن بعض تلك الدردشات مفاسد ووقعت فيها محظورات أصبحت حديث وسائل الإعلام.

وكالعادة اختلف الفقهاء والعلماء حولها ما بين محرم اعتمادا على مبدأ سد الذرائع، وما بين محلل اعتمادا على أنها من المباحات فلا يلحقها التحريم بذاتها، بل بما قد تشتمل عليه من محظورات تستوجب التحريم.

ويقول الدكتور عبد الفتاح إدريس، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن الدردشة على برنامج "الواتس أب" إن كانت فى صورة مجموعة مختلطة ذكورا وإناثا, لمجرد إحداث لقاء عبر الإنترنت, فإنه فى نهاية الأمر اتصال مباشر وخاص بين ذكر وأنثى أجنبية عنه, وذلك لأن الاتصال بالطرف الآخر إنما يكون عن طريق اسمه الالكتروني, بحيث لا يطلع أحد على حقيقة ما يدور بينهما من محادثة عبر "الواتس أب", ومن ثم فبوسع كل طرف أن يفضى إلى الآخر بما يشاء من عبارات, أمنا من اطلاع غيرهما عليها.

وأشار إلى أن هذه المحادثة تعد بمنزلة الخلوة التى نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم, إذ قال: "لا يخلون رجل بامرأة ليست منه بمحرم, فإن الشيطان ثالثهما", وقد بين الفقهاء أن الخلوة المحرمة التى يترتب عليها المحظور, هى اجتماع رجل وامرأة فى موضع بحيث يأمنان من اطلاع الغير عليهما, والمكان الذى يتم فيه الاتصال بالطرف الآخر, يمكن أن يتحقق للطرفين فيه الأمن من اطلاع الغير عليهما, سواء فى ذلك سكان المكان أو المجموعة التى تتواصل عن طريق الإنترنت.

وأضاف: إذا كانت المحادثة بين رجل وامرأة أجنبية عنه, الخلوة المحرمة, والتى يكون الشيطان فيها هو رائد المختليين, يزين لهما ارتكاب المعصية, وذلك أمر قد لا تحول دونه الحوائل, إذا تواعد الطرفان من خلال الشات على مواقعة المحظور, وإذا كان الشارع الحكيم سد الذرائع إلى اقتراف الفاحشة, فأوجب على المرأة ستر عورتها حتى لا تفتن من يراها من الرجال, وأوجب عليها القرار فى البيت وعدم الخروج منه إلا لحاجة, ومنع من النظر إليها إلا لضرورة أو حاجة, كما منع من الاختلاط بين النوعين لهذا السبب.

وأوضح أن هذا الشات بين الذكر والأنثى الأجنبية هو من قبيل سد الذريعة إلى ارتكاب الفاحشة, وأدلة سد الذريعة إلى الفساد كثيرة, منها: ما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه, ومن وقع فى الشبهات وقع فى الحرام, كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه, ألا وإن لكل ملك حمى, ألا وإن حمى الله فى أرضه محارمه ", وروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك", وهذا دليل على عدم جواز تحدث الأنثى إلى رجل أجنبى عنها عبر الانترنت, فى موضوعات عامة أو خاصة, وإن كان يجوز لها أن تعلق تعليقا موضوعيا على القضايا التى تمس الشأن العام, دون أن تكون عباراتها موجهة إلى المشاركين أو إلى من أثار الموضوع أو نقل رابطه من الشبكة العالمية, وليس لها أن توجه إلى أى منهم رسالة مباشرة خاصة به عن طريق حسابه على الصفحة.

من جانبه أشار الدكتور حامد أبو طالب، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إلى أن الدردشة على برنامج "الواتس أب" إذا كانت فى أمور مباحة شرعا سواء علمية أو ثقافية أو شرعية بين الزملاء أو الأقارب أو المعارف فهى حلال شرعا أما إذا خرجت عن نطاق الكلام المباح كالنميمة او كلام الغرام فهى تقع فى دائرة الحرام ولا يجوز بأى حال من الأحوال التحدث فى ذلك.

وأضاف: إنه يجوز للزوج أو الزوجة التواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعى ومنها "الواتس أب" مادام يقع فى دائرة المباح أما إذا خرج نطاق الحديث عما هو محرم فلا يجوز للزوج أو الابنة فعل ذلك.

وفى سياق متصل أكد الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتى الجمهورية، أن استخدام وسائل التواصل الحديثة والمحادثات فى أصلها مباح، ولكن بشروط وحدود، فالتحريم قد يعرض للشيء المباح ليس فى ذاته، بل لما يكتنفه من أمور خارجية تغير الحكم فيه من الإباحة إلى الكراهة أو التحريم. والرأى فى دار الإفتاء على أن المحادثات الإلكترونية بين الرجال والنساء فى أصلها مباحة فى حدود الضرورة، لما فيه من فتح أبواب العبث والشر، كما أنه يمثل مدخلًا من مداخل الشيطان وذريعة للفتنة والفساد.

والتجارب المتكررة فى عصرنا أثبتت أن هذا النوع من المحادثات التى تتم دون سبب مضيعة للوقت، واستهلاك دون فائدة، وباب من أبواب العبث والشر، كما أنه لا ينبغى للمرأة إرسال صورتها لمن لا تعرف صيانة لنفسها وحفظا لكرامتها وعرضها خاصة وقد كثرت الاستعمالات الفاسدة لهذه الصور من قبل المنحرفين وهى ثقافة مختلفة عما يأمر به الدين.

بينما يرى الدكتور احمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أنه لا يجوز بأى حال من الأحوال الدردشة على برنامج "الواتس أب" أو "التواصل الاجتماعي" بين ذكر وأنثى لأنه يقع فى دائرة الحرام لان ما أدى إلى حرام فهو حرام ويندرج ذلك تحت باب سد الذرائع. والأولى أن تكون المحادثة بين ذكر وذكر أو أنثى وأنثى وتكون فى أمور بعيدة عن النميمة والغيبة أيضا لأنها تقع فى دائرة الحرام.

وأوضح أنه لا يجوز للزوجة أو الابنة التحدث مع احد دون علم وليها لأنه يقع فى دائرة الحرام والمحظور معللا ذلك بأننا ليست لدينا ثقافة علمية بل المشاع بين الشباب اليوم الثقافة الجنسية، وهذه البرامج هى بمنزلة خلوة بين الشاب والفتاة لأنه لا يطلع عليها إلا هما وبالتالى يشوبها الحرام.

وفى السياق ذاته قال الدكتور محمد إسماعيل البحيري، إمام وخطيب مسجد الزهراء بمدينة نصر، إن الواقع المشاهد والتجارب المتكررة تبين أن هذه المحادثات التى تتم تسعى إلى تضييع الوقت مع الطرف الآخر مما يؤدى إلى مفاسد كثيرة نعلمها جميعا، وإذا كان الشارع الحكيم قد سد كل السبل أمام المفاسد فإن من أعظم المفاسد أن يتم إنشاء علاقة بين طرفين بهذه الطريقة. ولا يجوز إقامة أى علاقات سواء كانت تعارفا أو غيره إلا بغرض المنفعة وتبادل المعرفة ولقضاء المصلحة فقط, ولذلك فإنه من باب سد الذرائع والمفاسد لا يجوز إقامة علاقة بين الرجل والمرأة على برنامج "الواتس أب"، مادام كل منهما غريبا عن الآخر.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق