رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

المكان في حياة الأستاذ

محمد القزاز

  • صلاح منتصر: كان كاميرا متحركة تسجل وتدون أدق التفاصيل
  • صلاح عيسي: مكتبه بجوار الشيراتون هو المكان المحوري في حياته.. ومنه انطلق للعالمية
  • عبدالمنعم: السادسة صباحا موعد الاستيقاظ.. وممارسة الرياضة.. ثم قراءة الصحف في الثامنة

إذا كان الأستاذ قد ترك الحياة وغادرها, فإنه ترك لنا تاريخا وعلما وسلوكا يهتدي به كل من أراد النجاح في هذه الحياة, ظل الأستاذ حتي قبيل وفاته مثالا للتحدي والنجاح والالتزام, يسير علي برنامج محدد لا يتغير ولا يتبدل, ميعاد للاستيقاظ, وآخر للرياضة, وثالث للاطلاع والكتابة, وبينها مواعيد ولقاءات بزملاء وأصدقاء.

عنه يقول الكاتب الكبير صلاح منتصر: أعرف الأستاذ هيكل منذ عام1953, وكانت سني وقتها عشرين سنة, وعملت معه في آخر ساعة, وكانت آخر ساعة وقتها مملوءة بالنجوم, وأنا مازلت بعد صغيرا, وحين انتقل الأستاذ إلي الأهرام, كان هناك اتفاق ألا يأخذ أحدا من المحررين معه من آخر ساعة, لكنني نجحت في الالتحاق بالأهرام أنا وزميلي صلاح هلال بعد موافقة مصطفي وعلي أمين, ودخلت الأهرام في مارس1958, وحتي اليوم, برغم ان هناك فترات متقطعة كنت اترك فيها ممارسة عملي في الأهرام حين كنت رئيسا لمجلس إدارة دار المعارف لكن مقالي مجرد رأي ظل ثابتا في الأهرام.
ويضيف منتصر أن علاقتي بالأستاذ هيكل لم تنقطع يوما منذ عام1953, وانتقلت من الزمالة إلي الصداقة, وكنت متمردا دائما علي آرائه, واعترض وأناقش ما يقول, لكن الصداقة ظلت كما هي بكامل احترامه, وبرغم كل تلك السنوات, فأنا أشعر بصدمة, لا أكاد أصدق مفارقة الأستاذ, فمازلت أفخر بأنه أستاذي, وما زلت أفخر بأني تلميذ له.
وعن التزام الأستاذ ويومياته, يقول منتصر إن هيكل كان مثالا للالتزام الشديد في مواعيده وملابسه, وقراءة الشعر, وكان دائم التدوين, في كل أحاديثه, لا يترك الورقة من يده, يدون بها كل التفاصيل, وهو ابتعد عن آفة كثير من الصحفيين فيما يسمي بغرور التذكر, فقد يظن الصحفي أنه يتذكر كل شيء, لكن حين يكتب ويعود إلي ما كتب بعد سنوات, يفاجأ بأنه نسي الكثير مما كتب.
ويظل المكان هو أحد المعالم الرئيسية في حياة الأستاذ, فيقول منتصر: إن الأستاذ سكن في145 شارع الحسين, ثم انتقل إلي شجرة الدر بالزمالك, وبعد ذلك مكتبه وشقته بجوار فندق شيراتون الجزيرة, وكان يتنقل بينها وبين فيلته في برقاش.



بينما ينفي الأستاذ صلاح منتصر أن الأستاذ هيكل ذهب لدراسة الصحافة بالجامعة الأمريكية, فقال: الأستاذ هيكل حصل علي تجارة متوسطة, وذهب إلي الجامعة الأمريكية لتعلم الإنجليزية, وإلي مدرسة الليسيه لتعلم الفرنسية, والذي لا يعلمه الكثيرون أنه ذهب أيضا لتعلم الألمانية حتي يلتقي بهتلر إذا جاء إلي مصر, وهذا يؤكد سعة أفق وتفكير وطموح الأستاذ.
المكان كما يقول منتصر في حياة هيكل لا يشكله بعد أو حد, فهو كان كاميرا متنقلة, لديه قدرة فائقة علي تسجيل كل ما يراه, في عقله وذاكرته, ولعلنا نلمس ذلك في كل كتاباته, كيف كان يصف كل مكان يذهب إليه, الفندق الذي يقيم فيه, الشارع الذي يسير فيه, مكتب محاوره, كل هذه التفاصيل الصغيرة كان هيكل قادرا علي رصدها وذكرها, وحقيقة لم أجد حتي الآن احدا, لديه القدرة مثله.
ويصف الأستاذ منتصر أول زيارة للأستاذ هيكل في الأهرام بعد خروجه من الأهرام في فبراير1974, بأنها كانت في عام1993 حين بلغت سن الستين, وقد أقام الاحتفال عبدالوهاب مطاوع رحمة الله عليه, ودعا الأستاذ هيكل, وقد حضر يومها لتكريمي واستجابة لدعوة الأستاذ عبدالوهاب, ودخل من الأهرام إلي مكان الاحتفال مباشرة, وهذا دليل علي المحبة الكبيرة لي من الأستاذ, أن وافق علي دخول الأهرام من أجلي.
بينما قال الكاتب صلاح عيسي الأمين العام للمجلس الأعلي للصحافة: إن المكان في حياة الأستاذ هيكل له ارتباط باتساع أفق حياته إلي مدي لا نهاية, حتي باتساع أفقه واهتماماته بالقضايا المحلية التي تناولها في بدايات عمله, بأخبار خط الصعيد, وحملة الملاريا في كل مدن الصعيد, ثم اتسع أفقه أكثر في تغطية الحروب والمعارك والمناطق الساخنة الموجودة في العالم, وزيارة العواصم العالمية, ليلعب دورا مهما جدا في سياسات العواصم التي زارها.
إذن, كما يقول عيسي, إن هذه الأماكن كما نقرأ في كتبه نفسها, نجد دقة وصف كل مكان تحط فيه قدمه, برغم أننا لانجد في خريطة جغرافية أماكنه وصفا لأماكن مصرية كثيرة, عاش فيها, مثل قريته التي ولد فيها باسوس, أو حي الحسين الذي نشأ وترعرع فيه, بل كان طائرا يحلق في العالم كله.
ولعل المكان الأبرز في حياة الأستاذ كما يشير عيسي هو مكتبه وسكنه بجوار فندق الجزيرة, فهو يعد أهم مكان للأستاذ, وكان قرارا محوريا, ففي اللحظة التي ترك فيها الأهرام, قرر أن يكون مكانه هو مكتبه الملحق بشقته, وظل من وقتها مكتبا مستقلا, يعمل فيه ويكون له سكرتارية خاصة, وأصبح له برنامج عمل يومي مثله مثل نجيب محفوظ, يخرج للرياضة ثم يعود للكتابة, ومنه خرج هذا الإنتاج الغزير.
عبدالمنعم محمد, يعمل مع الأستاذ هيكل منذ عام1996, يقول: إن الأستاذ هو من علمنا الالتزام بالمواعيد, وعلمنا أن القارئ هو الأهم لأي صحفي, هو الأهم حتي من الوزير, وتعلمنا منه أسلوب الكلام والتعامل مع الناس.
ويروي عبدالمنعم أن الأستاذ كان يستيقظ في السادسة صباحا, يخرج للرياضة, ثم يعود لتناول الافطار في السابعة, ويلبس بدلته ويكون في المكتب في الثامنة صباحا, وفي انتظاره الصحف اليومية والأسبوعية والمجلات سواء العربية أو الأجنبية, علي أن تكون الأهرام هي أولي الصحف التي يقرؤها, ولا يترك صحيفة أيا كانت إلا وقرأها أو اطلع عليها, وكنا نراه في بعض الأحيان يضحك ضحكة سخرية بعد قراءة بعض الصحف.
لم يكن هناك وقت محدد للكتابة كما يقول عبدالمنعم, إذ كنت أحضر في السادسة صباحا فأجد الأستاذ في المكتب يقوم بالكتابة, ليس هناك وقت, كانت كما نعرف عنه, حسب الإلهام, ولكنها كانت دائمة.
ممارسة الرياضة وخاصة الجولف كانت أساسية عند الأستاذ, سواء في نادي الجزيرة, أو القطامية, أو ببرقاش, ويذكر عبدالمنعم أن ذهابه إلي نادي الجزيرة توقف بعد الثورة, بينما لم تتوقف هذه الرياضة في حياته تقريبا.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق