رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

من تطلب الطلاق... تحرم عليها الجنة !!

صدمني ما وقعت عليه من فتاوى لفقهاء يرون أن طلب المرأة الطلاق من زوجها لأنه يريد الزواج عليها يحرمها من دخول الجنة ويستدلوا أصحاب هذه الفتوى بحديث يقول به رسول الله صلى الله عليه وسلم :( أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة ) صححه الألباني في صحيح أبي داود .

ولكننا اذا تتبعنا معنى الحديث واذا سلمنا بصحته ، سنجده يحذر المرأة من طلب الطلاق من زوجها لأمر ليس به شدة او لأمر تافه ولكن الحديث لم يذكر من بعيد أو قريب أن من ضمن الأسباب الغير هامة او التافهة هى طلب الزوج الزواج بأخرى  ويقولون هؤلاء الفقهاء ان الله شرع الزواج بأربع زوجات وبذلك ليس من حق الزوجة طلب الطلاق وهى بذلك تعترض على شرع الله ومن ثم لن تدخل الجنة وعندما ترد عليهم بالاستدلال بحادثة فاطمة الزهراء ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم وعدم رغبتها بزواج علي بن ابي طالب عليها وطلب الرسول منه تطليق الزهراء اذا اراد الزواج باخرى ، يقولون لك انها حالة خاصة ولا يمكن تعميمها واذا قلت لهم ولكن هناك حالة اخرى لأمرأة طلبت الانفصال عن زوجها لأنها لا تطيقه رغم انه يحبها ويعاملها معاملة حسنة وحكم بينهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأن طلب منها ان ترد الي زوجها حديقته لتفتدي بها نفسها ، يقولون لك أرأيت "اذا من حقها الخلع وليس الطلاق"  ويبررون قبلوهم بالخلع وليس الطلاق بقولهم بأن الزوج في هذه الحالة من حقه ان لا يتحمل اعباء الطلاق لأنه بزواجه بأخرى لم يقصر في حق الزوجة الشرعي ولم يثبت بعد انه لم يعدل بينهما ولكننا حتى لو ذهبنا مع هذا الرأي ، فمن حقنا أن نسأل لماذا وافق هؤلاء العلماء والفقهاء على طلب الزوجة للخلع هنا ولم يعتبرونه في هذه الحالة اعتراضا على شرع الله في زواج زوجها بأخرى ويمنعها من دخول الجنة ، رغم انها في الحقيقة لا تكرهه كما في حالة الزوجة التي ردت لزوجها حديقته لتحصل على الخلع منه ؟!
 
في الحقيقة المرأة في الحالتين لا تعترض على شرع الله ولم تحرم زواج الرجل بأكثر من زوجة ولكنها لا ترى ان هذه الحالة مناسبة لها او تستطع هى الاستمرار بها والمشكلة أن الخلع يضطر المرأة لرد مبلغ المهر اذا كان مكتوبا بعقد الزواج وهو قد لا يكون متاحا معها ؛ فهل يعقل ان نضطرها للعيش في حالة لا تجدها مناسبة لها ؟! وهنا تسمع ردا مذهلا لهؤلاء الفقهاء يقولون انه كان عليها اشتراط عدم زواج زوجها بأخرى في عقد الزواج وطالما لم تشترط ذلك فإما الخلع أو الصبر ويفضلون الصبر على الخلع وهنا من حقنا أن نسأل ونحن في حيرة من أمرنا ؛ طالما انه من حق الزوجة اشتراط ان لا يتزوج عليها زوجها في عقد الزواج ؛ فلماذا اذا لا يعد هؤلاء الفقهاء ما وافقوا على اشتراطه امرا هاما من حقها طلب الطلاق لأجله حتى ولو لم تشترطه في عقد الزواج ويكفوا عن اعتباره امرا تافها يدخلها النار ولا يبيح لها طلب الطلاق ؟! ولو كان امرا تافها لماذا وافقوا على حقها في اشتراطه اذا في عقد الزواج ؟! 
واذا تخيلنا ان الاصل ان يتزوج كل زوج بأربعة نساء فسنحتاج ان يكون عدد النساء اربعة اضعاف عدد الرجال  ولأن هذا غير متحقق على ارض الواقع ؛ اذا فان القاعدة هى عدم التعدد والاستثناء هو التعدد وبخاصة في زماننا هذا الذي يختلف عن الطبيعة البدوية وعاداتها وتقاليدها ايام الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الذين كانوا يتزوجون بها بالعديد من النساء وجاء الإسلام ليقنن ويحدد عدد الزوجات وليس العكس واشترط الله تعالى في الآية التي تبيح الزواج بأربعة ، العدل بين الزوجات وهو ما يوضح ان التعدد قد يوقع الزوج في المعصية لأن العدل بين الزوجات به صعوبة بالغة ولذا لابد من الاقدام على التعدد في الحالات الضرورية والملحة. 
ودعونا نتأمل الصيمري وهو فقيه وقاض وراوي حديث وإمام حنفي المذهب من العصر العباسي وهو يقول : إلا أن المستحب أن لا يزيد على واحدةٍ لاسيما في زماننا هذا،أي في زمان الصيمري وإذا كان الاقتصار على واحدةٍ هو المستحب في زمان الصيمري الذي توفي سنة 436 هجرية فما بالك بزماننا نحن ؟! كما ذهب مذهبه الإمام المرداوي الحنبلي قائلا :[ويستحب أيضاً أن لا يزيد على واحدة ، إن حصل بها الإعفاف.
 
ولكن لم يحدد الله الزوجات بزوجة واحدة فقط لأن هناك بعض الحالات التي قد تتطلب الزواج بأخرى و قد ترضى بها الزوجة الأولى فقد يكون هناك زوجة ما لا تنجب الأطفال فتسمح لزوجها بالزواج بأخرى ولا تطلب الطلاق او انه قد لا تستطع زوجة ما الاستقلال المادي او العاطفي عن زوجها حين يريد الزواج بأخرى ، فتسمح له بالتعدد ولا تطلب الطلاق ولكن علينا ان ننتبه انه في الوقت نفسه قد تكون هناك زوجة اخرى تنجب اطفالا وتستطيع الاستقلال المادي والعاطفي عن زوجها الذي يريد الزواج باخرى ولا تريد الاستمرار معه وتطلب الطلاق منه لرغبتها بالزواح بأخر خالصا لها يرى انه سيكتفي بها وستعفه عن طلب الزواج بأخرى وليس من حقنا ان نحرم على اى زوجة الجنة لأنها تطلب الطلاق من زوج يريد الزواج عليها طالما ليست هناك آية صريحة او حديث صريح يقضي بأن الزوجة التي تطلب من زوجها الطلاق لزواجه بغيرها تدخل النار وتحرم عليها الجنة وارى ان القول بان طلب المرأة الطلاق من زوجها لأنه يريد الزواج عليها يعد اعتراضا على شرع الله ، لا يصح على الاطلاق لأن الله شرع على سبيل المثال الزواج بالمرأة المطلقة او الأرملة ولكننا نرى غالبية الرجال لا يقبلون على الزواج بالمرأة المطلقة أو الأرملة وهم في مقتبل العمر وبخاصة حين يتزوجون للمرة الأولى ، اذا هم يرون ان حالتهم لا تقتضي ان يتزوجون بأمرأة تزوجت من قبل وهذا ليس اعتراضا على شرع الله الذي يلائم حالات اخرى من الرجال تزوجوا من قبل او قد يلائم رجال اخرون يرون ان الزواج بأمرأة تزوجت من قبل يناسبهم طالما تعجبهم بشدة حتى لو لم يسبق لهؤلاء الرجال الزواج ونرى كذلك ان غالبية الرجال لا يوافقون على الزواج بأمرأة تكبرهم سنا رغم ان الله شرع الزواج بالمرأة التي تكبر الرجل سنا حتى ان الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج بالسيدة خديجة التي كانت تكبره بسنوات عديدة ولكننا نرى ايضا ان هناك بعض الرجال يرضون بالزواج من امرأة تكبرهم سنا وقد يكون ذلك لجمالها الفائق او لمالها ولكن تشريع شيئا ما يخص الزواج وليس العبادات والفروض لا يعنى انه يلائم الجميع ويجب ان يقبلوا به دون اختلاف فيما بينهم ، رغم اختلاف حالاتهم النفسية والاجتماعية والمادية 
[email protected]
لمزيد من مقالات نهى الشرنوبي

رابط دائم: