أحد قراء “الأهرام” أرسل الينا للاستفسار عن مثل هذه الرسائل . ويضيف أن رجل الدين الإسرائيلى هنرى ليونر صرح لصحيفة إسرائيلية تصدر بتل أبيب قائلا: إن لنا أعوانا... ومساعدين... يعملون.. ليل نهار... على (الواتس آب)... بجدية منقطعة النظير لإضعاف (الإسلام) بين المسلمين، وأضاف الفقيه الإسرائيلي، نحن نكتب بيانات.. باللغات: (العربية والتركية والهندية والفارسية، وكل لغة يتكلم بها المسلمون فى جميع أنحاء العالم).
وفى هذه الرسائل: آيات قرآنية صحيحة وأحاديث نبوية صحيحة، وأقوال لأئمة المسلمين صحيحة، ولكننا نكتب فى آخر الرسالة: (أرسلها لـ 10 أشخاص) أو أقل أو أكثر... ونقول لهم: إذا أرسلت هذه الرسالة لهذا العدد من الأشخاص فستحدث لك معجزة وسترى اليوم معجزة، أو بعد 15 دقيقة (أو أكثر أو أقل)، ونؤكد لهم ذلك بأن هذا الأمر مجرب وأكيد، وبعد مرور الفترة الزمنية التى حددناها له فى الرسالة سيرى المسلم أنه لم تحدث معه معجزة ولا أى شيء. وسيعتبر ما قرأه عن: (الله) وعن: (الرسول) والأئمة مجرد خرافات، ولا يأتى منهم إلا الخداع. ولا ينتظر منهم إلا السراب، وهكذا ... بمرور الزمن.. وتكرار هذه الرسائل منها له، سيضعف إيمانهم بالدين، وبهذا نهزمهم فى دينهم، ونزلزل عقيدتهم، لأن دينهم لا يقدم لهم إلا السراب والخداع. وبذلك نستطيع أن نسيطر عليهم”.
ونظرا للانتشار المتزايد لهذه الرسائل فى الآونة الأخيرة، وخصوصا على شبكات التواصل الاجتماعى عرضنا هذا الأمر على علماء الأزهر فأكدوا أن هذه الرسائل عبارات تختزل الدين فى كلمات يرددها عدد من الناس، وليس المقصود منها ذكر الله، ولكن يذكرها ويرددها ويكتبها القارئ انتظارا لجائزة وهمية، وهى لا يثاب عليها لأنها من باب ترديد الأكاذيب، ومن يردد الأكاذيب بعد علمه بأنها خرافات فإنه يعاقب عليها ومسئول أمام الله يوم القيامة.
ويقول الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر فرع أسيوط، إن ما شاع قديما وما يشاع الآن من الرسائل المشهورة التى جاءت إلينا قديما ونحن فى الجامعة منذ ثلاثين عاما، وخلاصتها أن الحاج أحمد خادم الكعبة الشريفة يقول إنه رأى النبى فى المنام وأوصاه بكذا وكذا، ويذكر عدة آيات من القرآن الكريم وبعض الأحاديث الصحيحة، ثم يقسم بالله أنه صادق فى كلامه، وأن من يرسلها إلى عشرة أشخاص، يأتى إليه الفرج بعد يوم أو يومين، ومن لم يرسلها تأتيه مصيبة إلى آخره، هذا الكلام هو فحوى الرسالة القديمة، وهو ما يأتى فى هذه الأيام فى صور أخري، والمفاد واحد، كنا قديما نعطى هذه الورقة لمشايخنا فى الأزهر فكانوا يمزقونها أمامنا، ويقولون، لا تشغلوا أنفسكم بهذه الخرافات، ونقول مايلي: إن خطورة هذه الرسائل التى ترسل بالمحمول، أنها ترسل فى المرة الأولى إلى عشرة أشخاص، والمرة الثانية، كل واحد منهم يرسلها إلى عشرة، فيصير العدد 100 وبهذا التوالى حينما تصل إلى المرة السابعة أو الثامنة، تكون قد وصلت إلى ملايين الرسائل، وهذا عبث، ومضيعة للوقت، لا يجوز للمسلم أن يشغل باله بذلك.
تعطيل عن الدراسة
ويضيف، إن هذا الأمر يأتى غالبا فى أيام الامتحانات حتى ينشغل الطلاب بتلك الخرافات فى الكتابة والإرسال عن استذكار دروسهم، فإذا ما رسب الإنسان، فإنه يتشكك فى دينه إذا كان ضعيف الإيمان، كما أن هذه الرسالة المكذوبة، مصحوبة بكثير من الآيات والأحاديث الصحيحة، فإذا لم يأت الفرج لمن شغل نفسه وأرسلها فإنه ربما أيضا يتشكك فى دينه، فى آيات القرآن والأحاديث الصحيحة، دون أن يعرف أن الأمر كله مبنى على الكذب، كما أن هذا الأمر فى الغالب يبثه أعداء الإسلام لكى يشغلوا طلاب المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها، وفى هذه الأيام خصوصا على شبكات التواصل الاجتماعي، حتى يجعلوا هؤلاء الطلاب والطالبات لا يهتمون بالعلم وإنما يهتمون بالخرافات والأكاذيب.
ويوضح أن من أراد الفرج الحقيقي، فعليه باتباع الأدعية التى وردت فى كتاب الله، والتى وردت فى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها دعوة سيدنا يونس بن متى عليه السلام: (لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين)، بالإضافة إلى التحصينات النبوية التى تذهب الهم والغم، ومنها: ( من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورُزِق من حيث لا يحتسب).
وفى سياق متصل يقول الدكتور عبدالفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة بجامعة الأزهر، إنه من واقع متابعتى لما ينشر عبر صفحات التواصل المختلفة، وما يرد فى البريد الإلكترونى الخاص، وجدت أن العبارات المكتوبة فى هذا السياق تختزل الدين فى عبارات ينبغى أن يرددها الناس عددا معينا، ليتلهوا بترديدها عن العبادات المختلفة، وصنوف الذكر، ويجعل كاتب هذه العبارات النعيم المقيم والسعادة السرمدية لمن أرسلها إلى غيره وامتثل لما ورد فيها، والعذاب والخراب والشقاء فى الدنيا والآخرة لمن لم يمتثل، وكل هذا يعد قرينة دامغة على تفاهة مرسلها، وسوء طويته، وابتغائه الشر كل الشر من صياغتها وإرسالها للناس على هذا النحو، فإن الدين لم يختزل فى عبارات يتمتم بها بعض الناس أو ينقلها بعضهم إلى بعض، إذ الدين الإسلامى عبادات ومعاملات وأخلاق وسلوك، وهو دين متين لا يستطيع أحد أن يسطح رسالته أو منهجه على هذا النحو، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق)، وإذا كان الدين الإسلامى يختزل فى هذه العبارات المقرونة بالنعيم السرمدى لمن رددها، والعذاب المقيم لمن لم يفعل، فلا معنى مع ذلك من تشريع عبادة أو معاملة أو سلوك إسلامي، أو غيرها من أساسيات الدين، لعدم الحاجة إليها للفوز بسعادتى الدنيا والآخرة، وهذا يقتضى أن لا ينال الجزاء الذى أعده للصالحين إلا من عمل، وليس من أخذ على نفسه أن يردد ألفاظا حتى ولو كانت مأثورة، ولذا فإن من جاءته عبارات من هذا النوع عن طريق مواقع التواصل أو نحوها، فليلغها ولا يبلغها لأحد، ومن جاءه مثل ذلك فى أوراق تطبع وتوزع، فليمزقها، فإن مغزاها خبيث، ومبتغى صاحبها شر فى معتقد الناس، ولا ينبغى لأحد أن يعبأ بما ورده منها، أو أن يلقى لها بالا، وليس له أن يكرر قراءتها، أو أن يعلق بذهنه شيء من عباراتها، فإنها تأتى من أعداء هذا الدين، الذين يبغون هدمه، وزلزلة معتقد الناس فيه.