رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

حصلت على «ثانى العالم» بقصة مكونة من 28 كلمة..
سعاد سليمان: سور النبى دانيال ساهم فى صقل موهبتى الأدبية

أشرف أبو السعود
للمرة الثالثة تحصل مصر على جائزة فى مسابقة متحف الكلمة الدولية للقصة القصيرة جدا ممثلة فى الكاتبة سعاد سليمان

وذلك فى دورتها الرابعة التى حملت شعار «مانديلا:كلمة وانسجام» والتى تقام تحت رعاية ملك اسبانيا خوان كارلوس عن قصة تتألف من 65 كلمة.بهذا الفوز تكون سعاد سليمان اول مصرية وعربية تحصل على هذه الجائزة الدولية حيث تتسلم الجائزة فى احتفال كبير يقام فى 23 الشهر الحالى فى اسبانيا. الاهرام التقت الكاتبة للتعرف على مشوارها الادبى خاصة فيما يعرف بالقصة القصيرة جدا.

......................................................................

تقول الكاتبة سعاد سليمان ولدت فى محافظة سوهاج وعندما بلغت الخامسة من عمرى انتقلت اسرتى للإسكندرية وبمرور الوقت اكتشفت فى نفسى ميلا وهوى لكتابة الشعر الذى وجدت فيه متنفسا لى من قسوة ابى الشديدة التى كانت تمثل فى مجملها نظرة المجتمع الصعيدى للأنثى التى كانت دائما مقترنة فى عقلهم الباطن بالعار ومن ثم فالوسيلة الوحيدة للحفاظ عليها هى القسوة المفرطة والعنف غير المبرر .

للأسف فالبيئة الصعيدية تمارس العنف وتفخر به وتجله وتقدسه لأنهم بكل بساطة يعتبرونه الاداة الوحيدة للضبط والربط وبالتالى الحفاظ على الشرف ربما تغيرت الامور الان ولكن مازالت جذور هذا العنف كامنة فى النفوس الامر الذى خلق فى وجدانى شعورا بالخوف من العقاب رغم اننى لم ارتكب اى خطأ.

فى الشعر وجدت نفسى وذاتى لدرجة اننى استطعت ان اخلق عالما موازيا لعالمى اعيش فيه وارتاح اليه,خلال رحلتى الشعرية التى استمرت حتى المرحلة الجامعية اكتشفت سور النبى دانيال هذا المكان الذى اسهم بشكل كبير فى تشكيل وعى الادبى فقد كنت احرص على شراء الروايات وقصص الادب العالمى بأسعار زهيدة كنت ادخرها من مصروفى كى احقق بناء عالمى الموازي.

تخرجت فى كلية الاداب قسم الاعلام بجامعة الاسكندرية وأحسست وقتها اننى امام عالم حقيقى يتعين عليّ اقتحامه كى اصل بطموحى وأحلامى الى عنان السماء.

عملت بالصحافة والتحقت بالقناة الخامسة منذ انشائها عام 1990 للعمل كمعدة برامج ثم انتقلت الى القناة الاولى عام 1999 وفى اثناء رحلتى مع الكتابة اصطدمت بعالم الكاتب المبدع يوسف ادريس عندما قرأت له قصة «العسكرى الاسود» الذى نقلنى من كتابة الشعر الى كتابة القصة والرواية، فى رحاب يوسف ادريس تعرفت على القيمة الحقيقيه لمعنى الادب من حيث اللغة والسرد والدراما وإدارة الصراع ساعتها فقط احسست بموهبتى وأننى فى حاجة ماسة لصقل مرجعياتى الادبية بقراءة الاعمال الكاملة للمبدعين امثال نجيب محفوظ ومصطفى لطفى المنفلوطى ومكاوى سعيد وإبراهيم اصلان وديستوفسكي.

تعرضت لمفارقة اخرى شكلت ادراكى الادبى عندما تشجعت وكتبت اولى مجموعاتى القصصية المكونة من 19 قصة قصيرة وتوجهت بها الى الاديب الراحل ابراهيم اصلان كى يكتب لى مقدمة لها وكانت المفاجأة عندما ابلغنى انه لا يكتب لأحد مقدمات وان هذا الامر يضر كثيرا بأصحاب المواهب الحقيقية بل الاكثر من ذلك اننى لا احتاج لذلك لان موهبتى واضحة ثم اذهلنى عند قال لى :لم اتمن فى حياتى ان اكتب قصة كتبها غيرى مثلما تمنيت كتابة قصتك التى حملت عنوان « الغرفة تتسع لأطفال كثيرين».

ساعتها ادركت اننى اسير على الطريق الصحيح رغم كثرة العقبات والمصاعب التى مررت بها ولكن كان هناك سؤال محفور فى اعماق وجدانى ويؤرقنى دائما لا اعرف له اجابة كيف يمكن لى فك طلسم شفرة ابى رحمة الله عليه؟,حتى وجدت الاجابة عليه عام 2002 عندما سألته عن رأيه فيما يحدث فى فلسطين من قتل وانتهاك صارخ من قبل جنود الاحتلال فرد عليّ بعفوية أليست هذه هى معركة الفالوجا التى اسر فيها عمك احمد وكان قائده هو البطل جمال عبد الناصر ؟ هنا اكتشفت ان سر ابى يكمن فى الحكاية ,فى البوح ,فى السرد عند ابى وجدت مخزونا هائلا من الحكايات الممزوجة بطعم السنين والعادات والتقاليد والأحلام المعذبة والخيالات الملهمة التى يقصها عليّ بطريقة مشوقة منذ تلك اللحظة تبدلت نظرتى له وتغيرت نظرته لى وأصبحنا اصدقاء ولاحظت انه قد اصبح حريصا على انتزاع صفحات الجرائد التى تحمل صورى ولصقها على الحائط بكل فخر واعتزاز، هذا الشعور الحقيقى الذى لمسته فى تصرفات ابى جعلنى اشعر بالقوة والصلابة ومنحنى طاقات هائلة على مواصلة هوايتى المحببة فى الكتابة.

فى عام 2001 صدرت اولى مجموعاتى القصصية «هكذا ببساطة « وفى العام التالى حصلت على شهادة تقدير فى مسابقة محمود تيمور عن هذه المجموعة ,وفى عام 2005 صدرت لى رواية بعنوان « غير المباح « وكرمت بعدها بعامين بجائزة اتحاد الكتاب المصرى عن هذا العمل ثم اكملت مسيرتى الادبية « آخر المحظيات و «وشهوة الملايكة» عام 2014. حتى فوجئت بالدكتور طلعت شاهين استاذ الادب الاسبانى بجامعة مدريد يبلغنى بنبأ فوزى بالمركز الثانى فى مسابقة متحف الكلمة الدولية للقصة القصيرة جدا والتى يرعاها الملك خوان كارلوس حيث شاركت فيها 120 دولة بـ 23 الف قصة قصيرة بخمس لغات عالمية جميعهم يتنافسون على اربع جوائز.

شاركت بقصة قصيرة تسمى « تشابة» مكونة من 28 كلمة حيث تشترط المسابقة الا تزيد كلمات القصة المشاركة على 100 كلمة ولم يسبق نشرها من قبل.

تدور احداثها فى اطار من الرمزية الخالية من الزمان والمكان فبطلة العمل تفاجأ وهى تسير بعربتها ان ثمة طفلة سوف تتعرض للدهس وبالفعل يتحقق ذلك وتدهس الصغيرة وتغادر البطلة المشهد لكنها ظلت تحملق وتدقق النظر فى وجه تلك الصغيرة الذى سرعان وما وجدته يشبهها الى حد كبير والمفاجأة ان الفتاة قد قامت مرة اخرى وكأن شيئا لم يحدث فى اشار رمزية الى ان البطلة تعرضت لكثير من الصدمات القاسية وصلت إلى حد السحق ورغم ذلك لديها الاصرار والعزيمة على النهوض والمقاومة .

فى رواية «اخر المحظيات» يلمس القارى خروج الكاتبة عن الاطر التقليدية فى كتابة الرواية وأنها استخدمت الرواية الرسائلية اطارا عاما لأحداثها هذا النوع من الروايات كان منتشرا بشكل كبير فى انجلترا وفرنسا ابان القرن الثامن عشر وفيه يتم السرد عبر رسائل تتبادلها الشخصيات المختلفة فى العمل الادبي,فى اخر المحظيات تكتشف الزوجة زينة بعد خمسة عشر عاما من الزواج وإنجاب خمسة اولاد ان زوجها وابن عمها رامى كانت له عشيقة وانه كان يعيش قصة حب ملتهبة ويشتعل غضبها وحنقها عليه انه مات وأنها ما عادت تستطيع عتابه او الثورة فى وجهه ويزداد الشعور مرارة وقهرا بسبب ان كل مشاعر الانثى فيها كانت معطلة فلم تستطع التقاط هذه الخيانة او تلك المرأة العاشقة التى لم يتفوه رامى باسمها ولو سهوا.

تعرى سعاد سليمان بآخر المحظيات تاريخنا الاجتماعى الذى تباع فيه المرأة فى اسواق النخاسة وتصير عشيقة او محظية او راقصة فى المقاهى والحانات او تستجدى المحسنين امام المساجد وفى الشوارع فالمرأة دائما تعيش تحت رحمة الاقدار وتتكرر المأساة بأسماء جديدة لبنات يولدن محظيات عشن فى ازمان مختلفة. ومن نماذج القصة القصيرة جدا قصة طلاق والتى تشكل مع 41 قصة قصيرة المجموعة «شهوة الملايكة» طلاق مكونة من 10 كلمات فقط وتحمل فى مضمونها صرخة نقد لمجتمعاتنا المتخلفة

« اقتنعت اخيرا ان الطلاق يليق بنساء على حافة الانتحار وذلك عندما تسلمت جثة ابنتها».

بهذه الكلمات العشر استطاعت الكاتبة سعاد سليمان تجسيد واقع شديد المرارة والغبن ينتشر فى مجتمعاتنا العربية ويتمثل فى رفض بعض الاسر لمبدأ طلاق بناتهن مما يدفع ببعضهن الى تفضيل الموت على العيش بلا روح من اجل الخروج من هذا التابوت الاجتماعى المطبق على ارواحهن.

بقى ان نعرف ان القاص المصرى شريف سمير حصل على هذه الجائزة عام 2012 عن قصة « رجل عجوز جدا على دراجة هوائية» وفى العام التالى حصل عليها الروائى والقاص طارق امام عن قصة « عين».

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق