أثار ما نشرته الأسبوع الماضى عن ضرورة دمج وزارة الأوقاف فى الأزهر لتكون لدينا مؤسسة واحدة مسئولة عن الشئون الدينية فى مصر ردود فعل عديدة، كانت فى مجملها مؤيدة بشكل قوى لهذا الأمر، واهتمت بعض الجهات المعنية بالموضوع وبدأت فى إعداد دراسة مفصلة عنه لوضعها أمام صانع القرار.
من جانبه عقب الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف بالقول إن هذا الطرح ليس جديدا، وفعلاً من الأفضل أن الدعوة تتبع جهة واحدة... إحنا عندنا الوعاظ يؤدون الدور الدعوي، الإمام والخطيب يقوم بالدور الدعوي، ومن الأفضل لو كان كل من يشرف على الدعوة جهة واحدة، والأوقاف ليس بالضرورة أن يكون فيها دعوة، الأوقاف فى الأصل هى تدير الأوقاف الموقوفة على مصالح المسلمين وعلى غيرها.
ويضيف الدكتور شومان الأزهر لا يريد هذا الدور، لان إحنا عندنا أثقال كبيرة جداً ومهام الأزهر داخلياً وخارجيا تهلكنا ليل نهار، لكن إذا توجه المجتمع وأصبحت الفكرة مقبولة إن الدولة توحد الجهة المشرفة على الدعوة .. فالأولى بها وقتها هو الأزهر، ويقتصر دور الأوقاف على إدارة الأوقاف الموجودة، ويصبح لها جهاز قوى وهيئة مستقلة أو تبقى وزارة الأوقاف، ولكن لإدارة الوقف الموجود.. الأزهر ما عليه إلا أن يستجيب لأن الأزهر هو المسئول عن الدعوة، يعنى هو المسئول عن الدعوة ولا يتابع التنفيذ، حتى بحكم الدستور هو المسئول عن الدعوة، لكننا لا نطالب بهذا ولن نطالب به لأننا نرى أن دور الأوقاف مكمل لدور الأزهر، ودور الإفتاء متمم لدور الأزهر، إذا استمر وصار فى الطريق الصحيح فمرحباً، إذا أراد أن يسأل الأزهر عن الدعوة، فلا يستطيع الأزهر أن يتنصل من هذا الدور.
ويلخص الدكتور شومان الموقف موضحا أن وزارة الأوقاف إحدى الوزارات فى حكومات الدول الإسلامية وهى تتولى الإشراف على المساجد والخطاب الدعوى فيها بالإضافة إلى إدارة جزء كبير من الأوقاف الإسلامية ،ووجود الأزهر فى مصر الذى يتولى العديد من المهام الداخلية والخارجية أوجد ثنائية غير موجودة فى دولة إسلامية أخرى حيث يتولى الأزهر من بين اختصاصاته ماتقوم به وزارة الأوقاف حيث يشرف على جزء من القائمين على الدعوة الخطابية من خلال وعاظه فى كل المحافظات ويدير جزءا من الأوقاف الإسلامية المخصصة للأعمال الخيرية المتعددة حسب شروط الواقفين.
ومع أن الأزهر لم يسع لضم وزارة الأوقاف أو جزء من اختصاصاتها، لكنه لن يرفض هذا إذا طلب منه ورأى الناس أنه من الأفضل ضم الدعوة أو القطاع الدينى فى وزارة الأوقاف إلى إشراف الأزهر لتكون جهة الإشراف على العمل الدعوى واحدة ، لاسيما وأن الأزهر هو المختص بالدعوة بنص الدستور.
وتكون وزارة الأوقاف أو هيئة الأوقاف مختصة بإدراة شئون الأوقاف الإسلامية وهى مهمة ليست يسيرة نظرا لضخامة الأوقاف وانتشارها فى كل المحافظات وتنوعها بين العقارات والأراضى التى تقدر بالمليارات وتحتاج إلى خبرات وجهات محاسبية خاصة .
انتهى تعقيب وكيل الأزهر بينما اهتمت عديد من وسائل الإعلام بالموضوع ، ونشر موقع «البشير» الإلكترونى تقريرا موسعا تضمن تأييد أستاذ العلوم السياسية، ومؤسس تحالف العدالة الاجتماعية، الدكتور جمال زهران، لفكرة إلغاء وزارة الأوقاف، وجعلها هيئة مستقلة ملحقة بالأزهر، داعيا إلى مزيد من تقليص هيكل الحكومة، من خلال دمج بعض الوزارات.
وأشار التقرير إلى قيام نشطاء بإطلاق صفحة على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» تساءلوا فيها: هل تؤيد فكرة إلغاء وزارة الأوقاف ودمجها مع الأزهر؟
وجاءت آراء معظم المشاركين بتأييد فكرة الدمج نكاية فى وزارة الأوقاف، مطالبين فى الوقت نفسه بأن تكون مشيخة الأزهر بالانتخاب، وأن يتم نشر ميزانية الأزهر فى الجريدة الرسمية.
فى السياق نفسه، رأى أئمة على صفحة منتديات الأئمة المصريين أن موضوع الضم، لو تم، فسوف يحتاج فى تنفيذه إلى شهور كثيرة، نظرا لأن الأوقاف وزارة بها عدد كبير من الموظفين (أئمة وعمال وإداريون وخلافه)، ولها أيضا عقارات وأراض وخلافه فى سائر المحافظات.
وأشار التقرير الذى أعده عز الدين محمد إلى أن أول وزير أوقاف بعد ثورة يناير، وهو الدكتور عبد الله الحسيني، رأى صعوبة إلغاء وزارة الأوقاف، ودمجها مع الأزهر من الناحية العملية، مرجعا ذلك إلى كبر حجم الوزارة والهيئات التابعة لها وأعداد العاملين بها، وكذلك الأزهر بما يضمه من إدارات على مستوى الجمهورية.
وفى تصريحات سابقة وردا على سؤال :هل توافق على دمج الأوقاف والأزهر والإفتاء تحت مسمى الأزهر الشريف؟ قال الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر: أوافق بنسبة 100% حتى تعود المساجد لمشيخة الأزهر وتتفرغ الأوقاف لاستثمار أموال المسلمين وفق شروط الواقف، فتكون إدارة مستقلة تابعة لإشراف شيخ الأزهر وبذلك نقضى على تضارب الفتاوى ويلتزم الجميع برأى موحد.. وكذلك شخصية المفتى يجب ألا تكون بالانتخاب لأننا لا نعين رئيس مدينة أو رئيس حي.
والحقيقية أن الظروف التى نمر بها الآن تحتاج إلى سرعة حسم هذا الأمر، فمشكلتنا ليست فى تجديد الخطاب الدينى فقط، ولكن فى إعداد الداعية وتسليحه بكل علوم العصر المعرفية وتطوير أدواته المهنية والعلمية، وهى مسألة تحتاج إلى متابعة وتأهيل مستمرين، وهذا هو الدور الأساسى للأزهر الذى لا يمكن فصله عنه.
فالأزهر هو الجهة الوحيدة المسئولة عن تخريج وإعداد أجيال جديدة من الأئمة والدعاة سنويا، ومن الطبيعى أن يكون الأزهر هو المسئول عن متابعتهم بعد ذلك والعمل على تطويرهم بشكل مستمر.
أعلم تماما أن هذا الأمر تكتنفه صعوبات كثيرة ومصالح متضاربة وأهواء شخصية وأمور كثيرة تتعلق بأموال الأوقاف وكيفية إدارتها، ولكن المصالح العليا للدعوة الإسلامية وللوطن فى هذا التوقيت بالغ الحساسية تستلزم اتخاذ قرار استراتيجى بإعادة تنظيم كل ما يتعلق بالدعوة ومن بينها دمج الأوقاف فى الأزهر الشريف.
# كلمات:
كلمة أو نظرة أو إيماءة ربما تحدد مصيرا وتغير مسار حياة.
جمال الغيطانى