رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

زواج للإنجاب فقط

هدير الزهار
مى، فتاة مثلها مثل بقية فتيات جيلها، حلمت بأن تعيش ذات يوم قصة حب تجمعها بفتى الأحلام وتتوج قصتهما بالزواج، لترتدى الثوب الأبيض، الذى طالما حلمت به وأن ينجبا أطفالا يزيدوا من ترابطهما وسعادتهما، ولكن تمر السنوات واحدة تلو الأخرى دون تحقيق أي من الأحلام المرجوة، فتبدأ الأمال تتلاشى شيئا فشيئا، حتى استيقظت ذات يوم لتجد نفسها قد تجاوزت عامها الخامس والثلاثين وهاهى تقترب من الأربعين، فدب الخوف فى قلبها من عدم تحقيق حلم الأمومة ومن شبح الوحدة الذى ينتظرها.. فشعرت وقتها أنها تنتظر أى رجل ليدق بابها لتتزوج به ولو من أجل الإنجاب فقط... أنها ليست قصة فتاة واحدة بل المئات، اللواتى تهدد العنوسة مستقبلهن.

 وبعد القيام بإستطلاع للرأى، جاءت الآراء متباينة بين الموافقة والرفض على زواج الفتيات من أجل الإنجاب فقط، والتنبؤ بأن يصبح هذا الأمر مستقبلا اتجاها قويا لدى الفتيات خاصة اللواتى تعدت أعمارهن الـ ٣٥ عاما، وذلك لأن فرصهن فى الزواج والإنجاب تكون ضعفت، مما سيدفعهن للاقتران بأى شخص، وربما بعد ذلك تتسبب الاختلافات بينهما فى مشاكل كبيرة تتسبب فى الانفصال، خاصة أن الفتيات أصبحن يفضلن لقب «مطلقة» على لقب «عانس»، كما أن أمر الطلاق لم يصبح بالأمر الغريب مثلما كان قديما، فالبنات والسيدات بعدما نجحن وتفوقن فى سوق العمل أصبح لديهن القدرة على الاستقلالية المادية، بل إن عددا كبيرا من الرجال يصبحون بعد الزواج عبئا على الزوجة.

«لا شك أن النظرة المجتمعية لها تأثير قوى على الفتاة، فأى شخص خارج عن معايير مجتمعه يصبح مسار جدل وموضع انتقاد، فالفتاة التى تظل لفترة طويلة دون زواج تصبح مسار حديث من حولها وتبدأ الشكوك والظنون فى ملاحقتها بأن بها عيبا ما أو أنها تعانى من مشكلة ما تخص أسرتها أو قد تخصها هى شخصيا».. هذا ما ذكرته الدكتورة ريهام محيى الدين الخبيرة النفسية بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، والتى أكدت أن أسباب عزوف بعض الفتيات عن الزواج تتنوع ما بين اقتصادية واجتماعية ونفسية، ولكن مع دخول الفتاة عامها الخامس والثلاثين تحدث نفسها أن والديها لن يدوما لها وحتى أشقائها وشقيقاتها وصديقاتها.. ويبدأ شبح الوحدة يخيم عليها مما قد يدفع بعضهن الى تقديم تنازلات كثيرة، فترتبط برجل مطلق دون أن تبحث عن السبب الحقيقى وراء انفصاله، وقد تقبل برجل أقل منها فى المستوى الاجتماعى والثقافى، وربما تتنازل عن المستوى الاقتصادى الاجتماعى المناسب لها وتتحمل العبء الأكبر من نفقات الزواج، وذلك كله من أجل الوصول للهدف وهو التخلص من شبح الوحدة المنتظر وتحقيق حلم الأمومة قبل أن تتقدم أكثر فى العمر ويصعب تحقيق هذا الحلم أو يصبح مستحيلا.

وعلى عكس من ذلك فقد رأت الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بكلية تربية عين شمس، أن الزواج لمجرد الزواج خطيئة كبرى، والزواج لمجرد الإنجاب خطيئة أكبر، وذلك لأن الطفل الذى سينشأ فى أسرة مفككة، كما أن الإنجاب وتحمل مسئولية طفل ليس بالأمر اليسير بل أنه عبء كبير وشاق. ومن ناحية أخرى حذرت أستاذ علم الاجتماع من أن يكون مثل ذلك التفكير مستوحى من المجتمعات الغربية، بينما هو شاذ فى مجتمعنا، وما أكثر الأفكار التى أخذت من الخارج وكان لها تأثير سلبى، لذا فانتشار مثل تلك الفكرة بين عدد كبير من الفتيات يعنى أنه سيكون هناك جيل معقد سيؤثر سلبا على المجتمع مستقبلا.

وبين جواز الأمر شرعا وعدم جوازه اختلف العديد.. إلا أن الشيخ أحمد الصباغ الداعية الإسلامى وأحد علماء الأزهر الشريف ذكر أن الزواج بنية الإنجاب فقط لا يجوز شرعا، وذلك لأن الزواج بداية «مودة ورحمة»، فكما قال تعالى فى كتابه الكريم «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة».. فلا شك أن الهدف من الزواج هو التكاثر والتناسل، وهذا ما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حديثه الشريف «تناكحوا تناسلوا تكاثروا فإنى مباه بكم الأمم يوم القيامة»،. لذا فلابد أن يقترن الهدفان معا فى الزواج، فلا يجوز أن يتزوج المرء من أجل الإنجاب فقط، ولا يجوز أن يتزوج من أجل المودة والرحمة فقط وأن ينوى عدم الإنجاب، فالهدفان يعدا وجهين لعملة واحدة لا يفترقان أبدا. ومن ناحية أخرى أشار الشيخ أحمد الصباغ إلى أن الإقدام على الزواج من أجل الإنجاب فقط يقلل من شأن الإنسان ويدنى مكانته لمكانة الحيوانات. فالحيوان لا يجامع أنثاه إلا من أجل الإنجاب فقط، وهذا معروف علميا، لذا فإذا طلبت الفتاة الزواج من أجل الإنجاب فقط تكون قد دنت بمكانتها. كما أكد الشيخ الصباغ أن أى زواج يبنى على «التأقيت» فهو باطل فالزواج الصحيح هو ما بنى على «التأييد» لذا فإن أى اتفاق بين رجل وامرأة على الزواج لفترة ما من أجل الإنجاب فقط فهو زواج باطل.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق