يعد القضاء من أجل المناصب وتعتبر من المهن العزيزة مكاناً وشرفاً ومكانةً وقدراً، والقاضي في ضوء ذلك يعد مقاماً دنيوياً رفيعاً.
ولقد وضع علماء الإسلام شروطاً محددة لاختيار القاضي وتنصيبه حكماً بين الناس منها ألا يكون صغيراً ولو كان ذا بصيرة وتمييز وفضيلة، ومنها العقل، على ألا يصح تولي المجنون ولا السفيه ولا المختل القضاء.ويشترط الفقهاء في القاضي جملة من الشروط والمواصفات التي ينبغي توافرها في شخصيته لكي يتمكن من أداء مهمته على الوجه الأكمل ومنها سلامة الحواس, فلا يجوز تولية الأصم و الأعمى أو الأخرس لأنه لا يعرف المدعي من المدعى عليه ولا المقر من المقر له،ولا الشاهد من المشهود له أو عليه, كما ان الأخير لا يمكنه النطق بالحكم. وبشكل عام مطلوب من القاضي ان يكون قائما بالفرائض والأركان ، صادق اللهجة ، ظاهر الأمانة عفيفا عند المحارم ، متوقيا الآثم بعيداً عن الريب ، مستعملا لمروءة مثله في دينه ودنياه فالقضاء أمانة من أعظم الأمانات.
والقضاء مسؤولية عظيمة حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم "من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين" رواة الترمذي.
ومن آداب القاضي, ان يكون قويا من غير عنف, ان يكون عفيفا نزيها, أن يكون حليما ورحيما, وفطن. ولعل من أهم عوامل الوصول للقضاء هو التعليم الجيد، ولذلك يلجأ مناهضو فكرة تولي أبناء العامة للقضاء إلى حديث "لا تعلموا أولاد السفلة العلم، فان علمتموهم فلا تولوهم القضاء والولاية". وجاء في تفسير القرطبي أن السفلة في تعيينهم أقوال، هم الذين يزاولون بعض الأعمال كالحياكة والحجامة والدباغة والكنس.
أما أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقد حدد من ضمن شروط تولية القضاة، أن يكون القاضي من أسرة كبيرة صاحبة وجاهة ومال، فقال في كتبه إلى بعض عماله "لا تستقضين إلا ذا مال وذا حسب؛ فإن ذا المال لا يرغب في أموال الناس، وإن ذا الحسب لا يخشى العواقب بين الناس"، كما جاء في موسوعة فقه عمر بن الخطاب. كما قال علي ابن أبي طالب " تخيروا القضاة من أنسب الأعراق, وأجزلوا لهم في العطاء".
خلاصة القول هي ان القضاء هو معيار العدالة ، ومن حقّ القاضي أن يخطئ وليس من حقّه أن يظلم. ولذا فأن من أهم سمات القاضي النزاهة والاستقامة, لأنة إذا فسد القضاء فسد كلّ شيء ولهذا كان من الضروري العناية باختيار القضاة من الناحية الأخلاقية والسلوكية.
[email protected]لمزيد من مقالات رانيا حفنى رابط دائم: