والباعة الجائلون يتذرعون دوما بأنه لا توجد وظائف ولا فرص عمل، وأن التجارة على الرصيف أمر لا يحتاج خبرات ولا شهادات، هم يعملون أفضل من أن يصبحوا عاطلين أو لصوصا وسارقين.. المعادلة يمكن حلها إذا أراد المسئولون.. ولأن كثيرا منهم لا يغادر مكتبه ليطلع على هموم الشارع وشكاوى المواطنين فقد نزلنا نحن وحملناها إليهم فهل يستجيبون ؟؟
مظهر غير حضارى .. مشاجرات دائمة.. بؤر للتلوث والضوضاء .. مقر للبلطجة والخارجين على القانون .. باختصار هذا هو حال سوق الخضار والفاكهة واللحوم بالحى الثامن بمدينة نصر، الذى نشأ فى غفلة من التخطيط والقانون قبل أكثر من عشر سنوات، وظل يجتذب الباعة من كافة المحافظات بالإضافة لعناصر أخرى كونت فى الآخر ما يشبه المافيا والنتيجة الآن أن الحى السكنى الراقى لم يعد يصلح للسكني، وبدأ الكثير ممن يستطيعون مغادرته إلى مكان آخر لم تصله يد الفوضى والتلوث والزحام.
محمد عيد ـ محاسب وأحد سكان المنطقة يشكو وجود السوق الذى تحول الى بؤرة عشوائية فى منطقة سكنية راقية، ويشير محمد إلى خطورة انتشار مثل هذه الاسواق العشوائية فى المناطق السكنية انها تهدد صحة السكان بل وحياتهم أيضا حيث تفرز بلطجية ولصوصا إلى جانب وجود «مافيا» تسيطر على حركة البيع والشراء داخل السوق، بالإضافة إلى الالفاظ البذيئة التى يتداولها الباعة وتخترق نوافذ البيوت وتخدش حياء الأسر والسيدات والأطفال.
ويقول إسلام رمضان موظف من سكان الحى الثامن وأحد المضارين من وجود السوق أن الضوضاء والتلوث السمعى والبصرى والروائح الكريهة التى تنتج من مخلفات الطيور والأسماك والخضراوات التى تنتشر فى السوق وبيع وذبح الماشية فى وسط السوق والتى تسببت فى وجود حشرات وفئران بالرغم من أن المنطقة تعد احدى اهم المناطق السكنية الراقية بمدينة نصر.
ويرى محمد السيد مهندس كمبيوتر من سكان المنطقة أن المكان اصبح عشوائيا ويحتوى على جميع مظاهر الفوضى والإهمال حيث يستيقظ سكان المنطقة على روائح كريهة ومناظر قبيحة وزحام دائم لا ينتهى إلى جانب انتشار سيارات نقل البضائع مما تسبب فى اعاقة لحركة المرور، ويضيف قائلا: منذ سنوات قليلة كانت المنطقة تتميز بالهدوء والنظافة لكن بعد وجود هذا السوق تحولت المنطقة إلى مقلب زبالة يهدد حياة السكان.
ويؤكد تامر صلاح محام يقطن بالمنطقة ان السوق اصبح كارثة حقيقية لزيادة اعداد الباعة بشكل كبير نتيجة زيادة معدلات البطالة وسهولة الدخول فى التجارة، خاصة ان البائع الجائل ليست عليه أى ضغوط او اعباء مالية تجاه الدولة مثل سداد رسوم معينة نظير استغلال الشارع أو دفع ضرائب فهو يقصد الربح الصافى بغض النظر عن جودة بضاعته.
ويتساءل تامر صلاح .. من يحمى مافيا السوق؟ ومتى يستيقظ سكان المنطقة على حياة آدمية؟
واين الجهات المعنية بازالة السوق فى اسرع وقت وتوفير مكان بديل له ؟
ويقول محمود رفعت ـ اعمال حرة واحد سكان الحى الثامن ـ ان المشكلة لم تنته عند هذا الحد بل تتفاقم بانتشار اعمال البناء التى تلقيها سيارات النقل وسط شارع حسن المأمون الذى يعد أحد الشوارع الحيوية بمدينة نصر فى ظل غياب الرقابة الامنية ورقابة الحي.
ويؤكد رفعت أنه برغم الشكوى المتعددة والمستمرة من سكان المنطقة لما يتعرضون له من مشاكل الا أن الحى لا يقوم بحل أى منها سواء المشكلة المتعلقة بوجود السوق نفسه والبحث عن بديل له، او انهاء مشكلة القاء سيارات النقل للمخلفات .
ويشير الى أهمية شارع حسن المأمون كونه أحد اهم الشوارع الرئيسية بمدينة نصر حيث إنه طريق حيوى ومهم يربط مناطق القاهرة الجديدة والمقطم والمعادى بقلب مدينة نصر ومن المؤسف أن يصل لهذه الحال.
واكد عمرو توفيق طبيب من سكان المنطقة ضرورة التنسيق بين الأجهزة التنفيذية بمحافظة القاهرة والمسئولين عن تطوير العشوائيات لإيجاد حل سريع لإنهاء ازمة سوق الحى الثامن.
ويؤكد أحمد سليمان احد سكان المنطقة ان المشكلة فى أن التخطيط العمرانى للمدن قد أسهم بشكل كبير فى زيادة الاسواق العشوائية معللا عدم وجود اماكن كافية لإنشاء اسواق جديدة تستوعب تطوير قطاع التجارة الداخلية، ويطالب سليمان بنقل سوق الثامن خارج نطاق المنطقة السكنية للحفاظ على آدمية سكان المنطقة.
لقمة العيش
وعلى الجانب الآخر تأتى وجهات نظر الباعة هناك برفض الانتقال أو البحث عن بديل.. محمد أحمد صاحب الستين عاما قال لنا: إنه يعمل فى السوق منذ 15 عاما وأنه مصدر رزقه هو وأولاده كما أنه يرفض نقل السوق لأنه يقع فى وسط مدينة نصر وأن الزبائن تعودوا الى المجيء الى السوق فى هذا المكان.
يقول أحمد حمدى بائع فى السوق إن عمه جاء الى القاهرة من أسيوط ليبحث عن لقمة العيش واستقرت به الحال فى هذا السوق والذى لا يعرف غيره وبطبيعة الحال جاء هو الآخر ليعمل معه فى بيع الخضراوات، ويؤكد أن هذا السوق فتح ابواب رزق لكثير من البائعين وأن حياتهم أصبحت مرتبطة به. ويضيف حمدى أنه يرفض نقل السوق لمكان آخر لأنه أصبح وضعا مستقرا سواء بالنسبة للباعة أو لسكان الحى والأحياء المجاورة.
الحى لايرد!!
ولأن حل هذه المشكلة يقع أولا فى دائرة اختصاص رئاسة حى مدينة نصر فكان من الطبيعى أن نحاول التحدث إلى رئيس الحى أو مقابلته لطرح معاناة الأهالى مع السوق عليه، إن كان لايعلم بها، أو سؤاله عن الحلول المقترحة من جانبه لها، إلا أننا لم نتلق سوى إجابة سكرتيرة مكتبه التى نفت بثقة غريبة وجود أى سوق بالمنطقة المشار إليها!! ومع إصرارى على وجود السوق الذى قام زميلى المصور بالتقاط لقطات له، طلبت منى رقم هاتفى على وعد بالاتصال بعد عرض الأمر على السيد رئيس الحي، ولكننى لم أتلق أى اتصال أو رد حتى كتابة هذه السطور ، ولا أعلم إن كان السبب هواقتناع الحى بعدم وجود السوق من أساسه، أم تجاهل مشكلات المواطنين التى كانت جولة واحدة من رئيس الحى أو مساعديه كفيلة باكتشافها دون انتظار لقلم صحفى أو شكوى أحد المواطنين!!