التعليم والثقافه هما قاطرتا التنميه لاي امه تسعي الي النهضه والتقدم، واذا كنا نمر بمرحله انتقاليه في تاريخ مصرنا العظيمه، فان الثقافه تشكل احد اهم الموضوعات والتحديات التي تواجه هذه المرحله.
موضوعات مقترحة
وهذه فرضيه وبديهيه لابد منها قبل مناقشه "معوقات العمل الثقافي" و"مشاكل النشر الاقليمي" وبصفه خاصه في اطار "هيئه قصور الثقافه"، فلابد من سرد العناصر المكونه للاداره الثقافيه واهمها:العناصر البشريه " الكوادر الضروريه للعمل الثقافي "، و "التمويل" وبمعني اخر توفير الموارد الماليه الكفيله والكافيه لاداء الفاعليات الثقافيه، و"السياسات والاستراتيجيات الثقافيه" المراد تحقيقها، والاليات التي يمكن اتباعها حتي يتم تحقيق الاهداف المرجوه من العمل الثقافي.
اما عن العنصرين الاول والثاني فقد اجاب الشاعر الاستاذ سعد عبدالرحمن، رئيس مجلس اداره الهيئه العامه لقصور الثقافه الاسبق في لقائه الاخير في نادي القصه عليهما، فقد ذكر ان ميزانيه الهيئه تقريبا 273 مليون جنيهًا، حيث تلتهم المرتبات والاجور اكثر من 90% وما يتبقي منها للانفاق علي الانشطه لايتعدي 27 مليونا جنيها، ومن ثم يتضح ضاله ما يخص كل مواطن مصري من ميزانيه الهيئه.
اما عن العنصر البشري فان عدد العاملين في وزاره الثقافه تقريبا 34000 يخص الهيئه 16000 من هذا الرقم اي مايعادل تقريبا نصف العاملين في وزاره الثقافه، وقد ذكر الاستاذ سعد عبدالرحمن ان بعض بيوت الثقافه المكونه من حجره او حجرتين يعمل فيها من 20 الي 30 موظفا في حين ان طاقه المكان لاستيعاب العمل لاتزيد عن سبعه او ثمانيه افراد صباحا ومساء.
فضلا عن ندره وجود بعض الكوادر المطلوبه مثل خريجي قسم الوثائق والمكتبات وتخصصات اخريز وتبذل الهيئه الآن جهودًا مضنيه بهدف اعداد هؤلاء وتدريبهم واعاده تاهليهم وتوزيعم مع وجود الصعوبات التي تمنع احيانا من تحقيق ذلك.
ولاننسي محاولات تهميش دور الثقافه ومشاكلها،في الخطابات والبرامج السياسيه بالاضافه الي عدم الاهتمام بمعظم الاجهزهالاعلاميه المرئيه والمكتوبه والمسموعه المصريه بالثقافه ومؤسساتها وانتاجها وموضوعاتها ومشاكلها.
واذا عدنا للاستراتجيه الثقافيه المراد تحقيقها، فمن الضروري الاخذ في الاعتبار ان الهيئه تمتد افقيًا لتشمل كل محافظات مصر شرقًا وغربًا، شمالًا وجنوبًا، وتمتد راسيًا لتقوم بجميع الانشطه الادبيه والفنيه والفكريه من شعر وقصه وروايه ومسرح وسينما وموسيقي وغناء وانشطه للطفل وفن تشكيلي وصناعات وحرف يدويه ونوادي للعلوم ومراكز للكمبيوتر ومواقع لمحو الاميه.
ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هو :هل يصل هذا
الدعم الثقافي لمستحقيه ؟
الملاحظ ان بعض العروض المسرحيه، والتي تصل ميزانيتها احيانا الي عشرات الالاف من الجنيهات لايشاهدها سوي مئات معدوده، كما ان معظم الندوات لايرتادها الا عدد قليل جدا فاذا اضفنا الي ذلك المؤتمرات الكثيره في عددها المحدوده في تاثيرها علي المواطن العادي .
والمهرجانات التي تستهلك كثيرا من الاموال في المسرح والسينما. اذن نحن في حاجه الي اعاده نظر في كل هذه الظواهر والبحث عن استراتجيه جديده في التلقي.
والاهم "تبني الافكار الجديدهوغير النمطيه"،والسعي الي جذب رموز جديده متعدده من محبي الثقافه، للانخراط بنشاط في العمل الثقافي،وتجاوز قوائم الاسماء التقليديه والنمطيه التي كانت تدعي الي المشاركه في الندوات والمؤتمرات والمعارض والمهرجانات.
ولا يجب ان ننسي مشكلات نشر وتوزيع الكتب، والكم الكبير منها الموجود في المخازن ومن ثم حتميه البحث عن اليات جديده في النشر والتوزيع.
اما عن النشر الاقليمي فمن المؤكد ان السلبيات العامه، الناتجه عن تلك العوامل تؤثر عليه ولكن يمكن ان نضيف بعض الاشياء التي يجب ان ناخذها بعين الاعتبار وهي : ضروره ان يقتصر النشر الاقليمي علي الكتاب والمبدعين الذين ينشرون لاول مره وليس لاولئك الذين نشروا مرات عديده ولهم اكثر من كتاب.
كما يجب ان يكون النشر مره واحده لاتتكرر حتي نعطي الفرصه لاكبر عدد ممكن، بالاضافه الي التخلي عن تثبيت لجان القراءه والفحص ولابد من تغييرها كل فتره زمنيه قصيره، واسهام الكاتب بشراء عدد من نسخ كتبه بمبلغ يعادل مكافاه النشر كما يفضل عقد ندوات لهذه الكتب في الاقليم الذي ينتمي اليه الكاتب ومحاوله تقييم هذا المنتج الثقافي نقديا والبحث عن اليات جديده لتوزيع هذه الكتب.
اما عن النشر الخاص فقد كثر الجدل حول ظاهره النشر الخاص بين مؤيد ومعارض، ومن وجهه نظري ليس الامر كله خير وليس كله شر ودليلي علي ذلك ان بعض الكتب التي تناولت فنون الابداع والنقد والتي صدرت عن بعض دور النشر الخاصه كانت علي درجه عاليه ابداعيًا واخراجيًا وحصلت بعضها علي جوائز.
وكل من يدخل سوق النشر الخاص سواء من المبدعين او غير المبدعين لابد ان يضع اعتبار الربح في حسابه والا سوف يتوقف، ولكن الفرق يكمن في ان هناك ناشرًا له رؤيته ورسالته واخر يفعل ذلك مجرد "سبوبه" يرتزق منها وليس له دور ثقافي او هدف ادبي يحاول تحقيقه.
ومن ثم نجد اصدارات كثيرهليس لها اي ثقل ادبي او فكري كما ان هناك بعض مؤسسات النشر الخاصه تستغل المثقفين، وتستبيح ابداعاتهم ومن ثم تحول العديد من الادباء والمبدعين المصريين الي ناشرين ليس بالطبع لضمان نشر مؤلفاتهم، لكن باعتبارها "بزنس" او "مهنه لاكل العيش".
وقد ساعد علي ذلك قوائم الانتظار في دور النشر الحكوميه في "الهيئه العامه للكتاب" و"هيئه قصور الثقافه" وغيرهما، واري انه لابد من دراسه الموضوع دراسه جاده وشامله من جميع الجوانب ولابد ان يؤخذ في الاعتبار النشر الالكتروني الذي فرض نفسه علي الساحه الثقافيه وما يثيره من حقوق الملكيه الفكريه والسرقات الادبيه.
يجب ان يتنوع النشر فهناك نشر الكتروني مستقل علي الانترنت فقط، ونشر موازٍ ورقي والكتروني في نفس الوقت ونختم بكلمه الاستاذ الشاعر سعد عبد الرحمن: "ان القضيه تعتبر في الاساس قضيه قراءه بالدرجه الاولي؛ فالشعب غير قارئ ودور النشر الخاصه والحكوميه تعاني معاناه شديده في توزيع الكتاب والمشكله مرتبطه بمنظومه التعليم السيئه الموجوده في مصر ومرتبطه بجهات اخري ويجب ان تحل المشكلات المتعلقه بالتعليم والاعلام".
نحن في حاجه ضروريه ان ناخذ هذه القضيه بعين الدراسه والاهتمام ولامانع من مناقشه كل السلبيات التي تعوق الفعل الثقافي وتقلل من فاعليته وتاثيره وتحقيق الهدف من الثقافه التي هي بمثابه قاطره التنميه واتفق مع الشاعر الاستاذ سعد عبدالرحمن انه لايمكن تجقيق ذلك دون حل المشكلات المتعلقه بالتعليم والاعلام.