Close ad

مسيرة " فيكتوريا كوليدج" مدرسة الملوك والمشاهير عبر 111 عامًا .. في كتاب لبناني

3-1-2015 | 14:40
مسيرة  فيكتوريا كوليدج مدرسة الملوك والمشاهير عبر  عامًا  في كتاب لبنانيكتاب كلية فيكتوريا صناعة الملوك والأمراء والمشاهير
أ ش أ
صدر عن دار جداول اللبنانية، للصحفية والباحثة "داليا عاصم" ، كتاب بعنوان" كلية فيكتوريا صناعة الملوك والأمراء والمشاهير"، ، يوثق لتاريخ تلك المدرسة الفريدة التي شيدها أفراد الجاليتين اليهودية، والإنجليزية، في الإسكندرية العام 1901، ودرس بها طلاب من 55 جنسية، واستغلتها بريطانيا لكي تكون قلعة للتجسس على الشرق الأوسط، وإفريقيا، والعائلات الحاكمة فيهما.

قالت الكاتبة في مقدمتها: "حاولت كشف التاريخ الإنساني والاجتماعي المجهول لفيكتوريا كوليدج، عبر رصد العلاقات ما بين المعلمين الإنجليز، والطلاب، من مختلف أنحاء العالم، تلك العلاقات التي جعلت منها ظاهرة لن تتكرر، تعكس ما كانت عليه الإسكندرية الكوزموبوليتانية، وصورة المجتمع المصري بشكل عام".

وخلال الكتاب ، تطرقت عاصم لسيرة كلية فيكتوريا عبر 111 عامًا، منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى الآن، وتروي كيف كان اللورد كرومر، أول معتمد بريطاني في مصر، معارضًا لتشييدها، وتعليم المصريين ثم وافق لأن المدرسة الجديدة تتوافق مع سياسته التي ترتكز على محو التعليم الفرنسي من مصر، و"نجلزة" كل شيء، مع الحد من تعليم الفقراء، حيث ألغى مجانية التعليم في مصر العام 1902.

ففي الفصل الأول من الكتاب تسرد الكاتبة تفاصيل تشييد المدرسة، وبدايتها في الأزاريطة بالشاطبي، وجلب لها أمهر المدرسين من خريجي كامبريدج، وأكسفورد، ثم انتقالها إلى السيوف على مساحة 18 فدانًا.

وفي الفصل الثاني ، تستعرض داليا عاصم ، قوانين تلك المدرسة، التي وصفتها بأنها القلعة البريطانية في الإسكندرية، حيث كان المصريون ينظرون لها باعتبارها مكانًا مهيبًا مخصصًا لأبناء الملوك، والأمراء، فهي التي درس بها الأمير عبد الإله ولي عهد العراق، والأمير فيصل آل سعود، والشيخ كمال أدهم مؤسس المخابرات السعودية، وعائلة عبد اللطيف الجميل، وعائلة بن لادن، وعائلات الشبكشي، والشربتلي، والشوربجي، وأبناء الملك السنوسي من ليبيا، وعائلات المهدي، والميرغني من السودان، وعائلات غندور، والصلح من لبنان، وجلالة الملك حسين من الأردن، والأمراء زيد بن شاكر، ورعد بن زيد.

وأوضحت الكاتبة أن كلية الملوك والأمراء والمشاهير اسم لم يأت من فراغ، فبين سجلات طلاب الكلية، قوائم من الملوك، والأمراء العرب، والأوروبيين، درسوا فيها تحت شعار "معًا كُلُنا واحد" ، وكانت القصور الملكية العربية تلجأ لمدير كلية فيكتوريا مستر رالف رييد لاستشارته في كيفية تثقيف الأمراء العرب، وإعدادهم كملوك في المستقبل، كاشفة عن حزم مستر رييد ، لدرجة أنه رفض وساطة الملك فاروق لطارق ، ابن حسنين باشا، لكي يعود للدراسة مرة أخرى، بعد فصله، بسبب سوء تصرفه، ومخالفته قواعد الكلية.

وأبرزت عاصم - خلال مسيرة الكتاب - كيف كانت الكلية تحرِّم على الطلاب الحديث في الدين، أو السياسة؟، ليكون انتماؤهم للكلية فقط، وأطلق على أوائل الخريجين من الكلية ، اسم "الفيكتوريين القدامى" ، لافتة إلى أن فيكتوريا كوليدج كان لها الفضل في أن تضم أول فريق كشافة على مستوى الشرق الأوسط العام 1912، حيث زارها مؤسس الحركة الكشفية العالمية اللورد بادن باول.

وتأخذ الكاتبة القارئ في جولة بين أروقة الكلية العريقة، بداية من مكتبتها التي أسست العام 1904، و تضم كتبًا عمرها 100 عام، وملاعب الكلية الشاسعة، واهتمامها البالغ بممارسة الطلاب الرياضة، وتخصيص يوم رياضي سنويًّا، ومسرح الكلية الذي ظهرت على خشبته مواهب عمر الشريف، وأحمد رمزي، ويوسف شاهين، وتوفيق صالح، وشادي عبد السلام، وغيرهم الكثيرون.

وتشير الكاتبةإلى طرق العقاب، التي كانت تطبقها فيكتوريا كوليدج على الطلاب، من علية القوم، إذ لم تمنع أصولهم العريقة الكلية من تنفيذ طرق صارمة لتقويمهم ، فكان عقاب الفصل من الكلية لعدم الالتزام، أو في حالة ممارسة الطالب أي سلوك غير لائق، أوشائن خلال ارتدائه زي المدرسة، حتى ولو كان خارج الكلية، مثل تدخين السجائر، وحتى لو كان في المواصلات العامة.

وكانت المدرسة لا تفرق في العقاب بين ذوي الدماء الملكية وغيرهم، لذا حينما أخطأ الملك حسين وخالف قوانين الكلية بتحدث اللغة العربية في فناء المدرسة، طلب المدير من قائد الفصل وهو يوناني سكندري، أن يعاقبه، وبالفعل نفذ الملك الصغير العقاب، وقام بجمع الأوراق المتطايرة في فناء المدرسة، وتنظيفه منها تمامًا، ولم يُبْد الملك اعتراضًا أو ضيقًا بل نفذ الأمر، كما طُلِبَ منه.

وكان من شدة حبه لكلية فيكتوريا، وحزنه على حالها بعد التأميم، قام الملك حسين بزيارة خاصة للرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في قصر رأس التين الملكي بالإسكندرية، مع وفد ملكي أردني من خريجي الكلية أيضًا، طالبًا منه شراءها من الحكومة المصرية لكي يعتني بها، لكن مبارك رفض طلبه، فكان رد فعل الملك حسين أن قرر تأسيس كلية موازية ، هي "توءم فيكتوريا كوليدج الإسكندرية" في بلدة تلاع العلي بالأردن، بالقوانين والزي المدرسي نفسيهما، وكان يدعي إليها جميع زملائه في الدراسة من الإسكندرية، لإحياء ذكريات أيام الدراسة، وقد روت عاصم، في الفصل الخامس من الكتاب، المزيد من حكايات الملك حسين في الكلية، بعنوان "جلالة الملك حسين حكايات إنسانية داخل الكلية"، تطرقت فيه لعلاقته مع المدرسين، وزملائه، والعاملين بالمدرسة.

أما في الفصل الثالث "فيكتوريا في مهب الحروب العالمية" فواصلت الكاتبة سرد تاريخ فكيتوريا كوليدج المميز عن سائر المدارس، وكيف أثرت الحرب التي خاضتها بريطانيا على تحول الكلية إلى ثكنة عسكرية إبان الحربين العالميتين؟ وكيف أن الدراسة لم تتوقف فيها وتم نقل الطلاب إلى فندق سان ستيفانو؟ ساردة الطرائف التي أحدثها وجود طلاب مع نزلاء الفندق.

ثم روت قصة انتقال الكلية إلى القاهرة، وافتتاح فرع شبرا مع كثافة الغارات الجوية على الإسكندرية، من قبل القوات الألمانية والإيطالية، وبعدها مراحل تدهور الكلية، عقب تأميمها، وانهيار النظام الصارم، وقوانين المدرسة التي كانت تطبق على الطلاب، ومن التغييرات أيضا دخول مادة الدين ضمن المقررات الرسمية، واعتبارها مادة نجاح ورسوب، وأيضًا اختفاء تدريس مادة الدين اليهودي، حيث كانت تدرس الأديان الثلاثة.

وفي الفصل الرابع تضيء الكاتبة واحدة من أهم مثالب كلية فيكتوريا، وهي أنها خلعت الطلاب من جذورهم الثقافية، وعاداتهم، وتقاليدهم، فقد كان الطلاب يدرسون تاريخ أوروبا، ويمجدون الملكة فيكتوريا، مما تسبب في حالة من الاغتراب لعدد من الطلاب، وأخذت عاصم نماذج من أبرز الطلاب الذين انقلبوا على الإمبريالية، والكولونيالية البريطانية، ومنهم: إدوارد سعيد، ووجيه غالي، وأجرت حوارا مع الإمام الصادق المهدي، رئيس وزراء السودان الأسبق، الذي كان الأكثر ثورية في ردة فعله تجاه فيكتوريا كوليدج.

وفي الفصل السادس ، قدمت داليا عاصم نماذج لشخصيات مؤثرة في فضاء كلية فيكتوريا من المعلمين البريطانيين والمصريين.

وتناول الفصل السابع أبرز خريجي فيكتوريا كوليدج، على مدار قرن من الزمان، منهم جورج أنطونيوس، والسير مايكل عطية ، ومحمد مفيد الشوباشي، وفرغلي باشا، والملك سيمون الثاني ملك بلغاريا، والمخرج يوسف شاهين، وعمر الشريف، وأحمد رمزي، وشادي عبد السلام، وتوفيق صالح، وعرضت لصور نادرة لهم أيام الدراسة، فضلا عن عدنان خاشقجي، وغسان شاكر.

وأفردت داليا عاصم الفصول الثامن، والتاسع، والعاشر، والحادي عشر لشهادات خريجي كلية فيكتوريا التي وثقتها، عبر حوارات مطولة معهم، عن ذكرياتهم مع المعلمين الإنجليز، ومحاولة الإجابة عن تساؤلات مهمة، منها: ما الذي جعل فيكتوريا كوليدج تنفرد بهذا الكم من الخريجين اللامعين في كل المجالات؟ وما الذي يميزها عن المدارس الأخرى في الشرق الأوسط، وهل كانت حقا قلعة استخباراتية في مصر؟ وهل قامت فيكتوريا كوليدج بعمل غسيل أدمغة لطلابها؟ وهل حقا فقد الطلاب انتماءهم ، وولاءهم لوطنهم، ومن أبرز من حاورتهم داليا عاصم، وسردوا معها أجمل ذكريات الدراسة: الكاتب الكبير محمد سلماوي، السياسي البارز الراحل منصور حسن، والفنان سمير صبري، ورجل الأعمال اليوناني المصري ميشيل ماركو، والمحامي المرموق أكرم النقيب نجل الملكة ناريمان، والمعماري الكبير الدكتور محمد عوض، والإعلامي الكبير الدكتور إبراهيم الكرداني، والمهندس الأردني عبد الفتاح طوقان، والخبير الأثري بسام الشماع، ورجل الأعمال المصري الأمريكي مروان الشماع، والمهندس علي صالح المسئول عن جمعية خريجي فيكتوريا بالقاهرة، والدكتورة سحر حمودة، وعدد كبير من خريجي الكلية في الإسكندرية والقاهرة.

وذُيِّل الكتاب بملحق من الصور النادرة، والتاريخية لأبرز الشخصيات المؤثرة في تاريخ الكلية ، وصور لبعض الوثائق النادرة، وملفات الخريجين، والخطابات التي كان يتبادلها مدير، الكلية مع ملوك الشرق الأوسط وأفريقيا، وصور جماعية للخريجين في مناسبات مختلفة.
كلمات البحث