ما هو حكم المنتحر
.
20-7-2018 | 18:01
ما حكم المنتحر؟ وهل هو في نار جهنم مخلدًا؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين، وبعد..
فنسأل الله أن يرحم أموات المسلمين، اعلم أخي الكريم أن الانتحار لا يخرج المسلم عن كونه مسلمًا أبدًا حتى ولو كان عاصيًا لله إلا بحالة واحدة ألا وهي استحلال الانتحار، بمعنى أن يقول إن الانتحار حلال لا حرمة فيه فبهذا يكون قد خرج من الإسلام لا لانتحاره وإنما لاستحلاله أمر أجمعت الأمة على حرمته، وما جاء في شدة العقوبة على المنتحر فإنما خرج مخرج التغليظ قال الإمام جمال الدين المَلَطي الحنفي " والتخليد المذكور ليس على ظاهره بل خالدا حتى يخرج بالشفاعة مع سائر المؤمنين المذنبين لأن القتل لا يحبط إيمانه ولا يبطل أعماله فلابد من مجازاته لقوله تعالى: {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} " ( المعتصر من المختصر من مشكل الآثار).
أما عن تغسيله والصلاة عليه والمشي في جنازته ودفنه في مقابر المسلمين فإنها يعامل معاملة المسلمين قال الإمام الحِصْني المعروف بعلاء الدين الحصكفي الحنفي قال "(من قتل نفسه) ولو (عمدًا يُغسَّل ويُصلَّى عليه) به يفتى، وإن كان أعظم وزرا من قاتل غيره " ( الدر المختار شرح تنوير الأبصار وجامع البحار).
وقد انعقد الإجماع على ذلك قال الإمام أبو الحسن ابن القطان " وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «صلوا على كل من قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله»، وفي السند ضعف، إلا أن الإجماع يشهد له ويصححه .... وما أعلم أحدًا من الصحابة والتابعين ترك الصلاة على أحد مات ممن يصلي إلى القبلة. ( الإقناع في مسائل الإجماع ).
وقد يستأنس لهذا كله بما رواه الإمام مسلم في صحيحه بسنده إلى أبي الزبير عن جابر أن الطفيل بن عمرو الدوسي أنه "أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ لَكَ فِي حِصْنٍ حَصِينٍ وَمَنْعَةٍ؟ - قَالَ: حِصْنٌ كَانَ لِدَوْسٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ - فَأَبَى ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّذِي ذَخَرَ اللهُ لِلْأَنْصَارِ، فَلَمَّا هَاجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ، هَاجَرَ إِلَيْهِ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَهَاجَرَ مَعَهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ، فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ، فَمَرِضَ، فَجَزِعَ، فَأَخَذَ مَشَاقِصَ لَهُ، فَقَطَعَ بِهَا بَرَاجِمَهُ، فَشَخَبَتْ يَدَاهُ حَتَّى مَاتَ، فَرَآهُ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فِي مَنَامِهِ، فَرَآهُ وَهَيْئَتُهُ حَسَنَةٌ، وَرَآهُ مُغَطِّيًا يَدَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: مَا صَنَعَ بِكَ رَبُّكَ؟ فَقَالَ: غَفَرَ لِي بِهِجْرَتِي إِلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَا لِي أَرَاكَ مُغَطِّيًا يَدَيْكَ؟ قَالَ: قِيلَ لِي: لَنْ نُصْلِحَ مِنْكَ مَا أَفْسَدْتَ، فَقَصَّهَا الطُّفَيْلُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهُمَّ وَلِيَدَيْهِ فَاغْفِرْ» " [صحيح مسلم (116)].
وأخيرًا: أخي الكريم فإن الذي مات منتحرًا أمره إلى ربه، وعلينا الدعاء له بالرحمة والمغفرة، نسأل الله أن يتوب علينا وعلى عصاة المسلمين.. اللهم آمين.