الإحتفال بعيد الأم
.
23-3-2018 | 13:39
ما هو حكم الاحتفال بيوم عيد الأم وتخصيص يوم له؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد..
إن الإسلام كرم الوالدين وجعلهما الله تعالى سببًا في وجود الأولاد، وقرن شكرهما بشكره، فقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ كما جعل الله تعالى الأمر بالإحسـان إليهما بعـد الأمـر بعبادته سبحانه وتعالى، فقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وكان ذلك لأن الله تعالى جعلهما السبب الظـاهر في الإيجاد فكانا أعظـم مظهر كوني تجلت فيه صفة الخلق.
وأشار إلى أن النبي صلي الله عليه وسلم جعل الأم أولى الناس بحسن الصحبة، بل وجعلها مقدمة على الأب في ذلك، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: (( جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم فَقَالَ: مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: أُمُّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثمَّ أُمُّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أَبُوك)).
أن من مظاهر تكريم الأم الاحتفاءَ بها وحسنَ برها والإحسان إليها، وليس في الشرع ما يمنع من أن تكون هناك مناسبة لذلك يعبر فيها الأبناء عن برهم بأمهاتهم، فإن هذا أمر تنظيمي لا حرج فيه، ولا صلة له بمسألة البدعة التي يدندن حولها كثير من الناس، فإن البدعة المردودة هي ما أُحدث على خلاف الشرع، لقوله صلي الله عليه وسلم : مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ.
أما عن حكم تخصيص يوم وتسميته بعيد الأم:
إن النبي -صلي الله عليه وسلم- أقر العرب على احتفالاتهم بذكرياتهم الوطنية، وانتصاراتهم القومية التي كانوا يَتَغَنَّوْنَ فيها بمآثر قبائلهم وأيام انتصاراتهم، فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلي الله عليه وسلم: دخل عليها وعندها جاريتان تغنيان بغناء يوم بُعاث، وجاء في السنة أن النبي صلي الله عليه وسلم: زار قبر أمه السيدة آمنة في أَلْفَيْ مُقَنَّع، فما رُؤِيَ أَكْثَرَ بَاكِيًا مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ.
أن معنى الأمومة عند المسلمين هو معنًى رفيع، له دلالته الواضحة في تراثهم اللغوي، فالأم في اللغة العربية تُطلق على الأصل، وعلى المسكن، وعلى الرئيس، وعلى خادم القوم الذي يلي طعامهم وخدمتهم، وهذا المعنى الأخير مروي عن الإمام الشافعي رضي الله عنه - وهو من أهل اللغة - قال ابن دُرَيد: وكل شيء انضمت إليه أشياء من سائر ما يليه فإن العرب تسمي ذلك الشيء أم، ولذلك سميت مكة أم القرى لأنها توسطت الأرض، ولأنها قبلة يؤمها الناس، ولأنها أعظم القرى شأنًا.
ولما كانت اللغة هي وعاء الفكر، فإن مردود هذه الكلمة عند المسلم ارتبط بذلك الإنسان الكريم الذي جعل الله فيه أصل تكوين المخلوق البشري، ثم وطَّنه مسكنًا له، ثم ألهمه سياسته وتربيته، وحبب إليه خدمته، والقيام على شئونه، فالأم في ذلك كله هي موضع الحنان والرحمة الذي يأوي إليه أبناؤها.
هل عيد الأم يوم واحد في العام:
أن البعض ذابت لديه قيمة الأسرة وتفككت في واقعه أوصالُها، فأصبح يلهث وراء هذه المناسبات عيد الأم ويتعطش إلى إقامتها، ليستجدي بها شيئًا من هذه المعاني المفقودة لديه، وصارت مثل هذه الأعياد أقرب عندهم إلى ما يمكن أن نسميه بالتسول العاطفي من الأبناء الذين يُنَبَّهون فيها إلى ضرورة تذكر أمهاتهم بشيء من الهدايا الرمزية أثناء لهاثهم في