خططوا لبيعها لقطر في حكم "مرسي".. القرية الكونية تضم نماذج للأهرامات والمعابد بتكلفة 290 مليون جنيها


21-5-2014 | 06:18


الأهرام

علي مساحة 190 فدانا على طريق الفيوم ـ الواحات تقع "القرية الكونية" أو ما يمكن تسميته بـ "مصر المصغرة"، وهو مشروع تبنته وزارة التربية والتعليم، وتم الانتهاء منه في عام 2011.

لكن تأجل افتتاحه حتى يومنا هذا بسبب الأحداث السياسية المتلاحقة منذ ثورة 25 يناير، ومع ذلك تستقبل القرية الرحلات المدرسية وهى متاحة أمام الجمهور العادي‫.‬

المشروع الذي تكلف نحو 290 مليون جنيه، عبارة عن قرية تعليمية وترفيهية وسياحية، تستهدف فى الاساس طلاب المدارس، لتعريفهم بمعالم بلدهم، وتعزيز انتمائهم لها، كما تستهدف السياح الاجانب ‫-‬على حد قول مديرها اللواء محمد حشاد‫-‬، وتطمح بعد افتتاحها رسميا في استقبال 2000 زائر يوميا، مشيرا الى انه خلال فترة التشغيل التجريبي المجانية كانت اعداد الزائرين يوميا تتراوح ما بين 1000 و1500 زائر.

جريدة الأهرام زارت القرية، بعد مشقة بالغة في الوصول خاصة مع غياب اللافتات الارشادية، وعدم علم أهالي المنطقة بوجود مكان يسمي"القرية الكونية" في محيطهم.

تجولنا بين نماذج المعالم الأثرية المقامة علي مقياس كبير (من ١ الي ٨) ومنها قلعة قايتباي، وقلعة صلاح الدين الايوبي، والاهرامات وابو الهول، ومقابر بني حسن، ومعابد حتشبسوت وادفو و فيلة و كوم امبو و الكرنك والاقصر وطريق الكباش والسد العالي‫.‬..

وبالطبع لم يكن احساسنا بعظمة الأثر كما هو الحال عند زيارة المعابد والقلاع الاصلية، وتساءلنا.. أي جدوى يمكن ان تتحقق من هذا المشروع خاصة في غياب التسويق والترويج الكافيين، وهل هذا ما سيبهر السائح بعد قطعه الاف الاميال، ويغنيه عن زيارة المواقع الاثرية والتاريخية الاصلية؟‫!‬

- بذخ واضح
المهندسة المعمارية داليا السعدني شاهدت فيلما تسجيليا عن القرية اذيع علي القناة الاولى في التليفزيون المصري ، فاصابتها ‫"‬صدمة‫"‬ علي حد تعبيرها وقالت "عشرات الفدادين ابني عليها نسخا مقلدة من اثار مصر وانفق عليها من ميزانية وزارة التربية والتعليم، ثم تشكو الوزارة بعد ذلك من نقص الموارد لتحقيق جودة التعليم، وتشكو الدولة عموما من مشكلات جسيمة كلها بسبب نقص الموارد؟!أفهم ان تقوم دول اخري بلا تاريخ بعمل مثل تلك المشروعات فيقلدوا اهراماتنا ومعابدنا، وفي هولندا يوجد نموذج للبلد بأكمله لكن علي مقياس صغير جدا اما ان نقوم نحن بذلك علي هذا المقياس الضخم، فلا اعتقد أن هذا سيفيد المصريين في شيء‫، ولذلك اعتبر المشروع نموذجا واضحا لاهدار المال العام".‬

من ناحيته لم يسمع شريف يوسف – مرشد سياحي- عن القرية من قبل، لكنه قال، بعد مشاهدته فيلما تسجيليا عنها علي الانترنت، ان هناك ملامح بذخ واضحة في اقامة المشروع، وكان من الممكن ان يتم اقامة نفس القرية لكن ليس بهذا الحجم الضخم وبتكلفة اقل اذا كان الهدف من المشروع هو تعريف المصريين باثار بلادهم لان الاصل موجود في النهاية‫".‬

ويضيف قائلا‫:"‬ السائح سيفضل ان يرى الاثار في مواقعها الاصلية ، خاصة انهم، كما اخبرني الاجانب الذين قابلتهم، لديهم في بلادهم نماذج تقليد لاثارنا الشهيرة ،ليس فقط من الخارج بل احيانا من الداخل، و بجودة عالية، لكن اعتقد ان الميزة في تلك القرية انها جمعت كل المعالم الاثرية في مكان واحد ليسهل على السائح الذي لا يملك الوقت الكافي لزيارة كل المواقع الاثرية، او من يأتون لزيارة سريعة كحضور مؤتمر ، وتستغرق زيارتهم ساعات، ولن يتمكنوا من السفر الي مدن مختلفة‫."‬ ويعتقد شريف ان المشروع قد يؤتي ثماره اذا تم عمل مزيد من التسويق والدعاية وان كان يري صعوبة استعادة تكلفته علي المدي القريب‫.‬

-أسهل للسائح وأوفر للطالب
علي الجانب الآخر، تواصلنا مع اللواء نبيل عامر -مستشار وزير التربية والتعليم لتنمية الموارد والمسئول عن القرية- الذي اوضح ان الجمهور المستهدف من القرية فى الاساس هم طلاب المدارس اى أن هدفها تعليمي وتثقيفي وترفيهي ،مشيرا الي ان القرية تم انشاؤها ضمن مشروعات المراكز الاستكشافية التي تفيد الطالب في دراسته وتسهل عليه استيعاب العلوم التي يدرسها في المدرسة، فهناك مبني الكرة الارضية الذي يمكن للطالب من خلاله التعرف علي قارات العالم ومميزات كل بلد من خلال شاشة عرض، كما توجد القبة السماوية التي تتيح التعرف علي الكواكب والنجوم وتحركاتها في الفضاء، اما عن الجدوي السياحية فيقول‫:‬" السائح الذي نستهدفه هو الذي ياتي الي مصر الان في اطار السياحة الترفيهية والشاطئية في الغردقة وشرم الشيخ ، فمن خلال اليوم الوحيد الذي يزور فيه القاهرة لزيارة الاهرامات والمتحف المصري، يمكنه زيارة القرية للتعرف علي اشهر معالم مصر الاثرية مجمعة كلها في مكان واحد ومنقولة بكل تفاصيلها من نقوش وتصميمات، بما فى ذلك حتي العيوب الموجودة في مكان الاثر الاصلي، كعمود مكسور او نقش غير مكتمل ، حيث قمنا قبل الانشاء بتصوير الاماكن الاصلية لبناء نموذج طبق الاصل ، ويدفع السائح تذكرة قيمتها ١٥ دولارا، وقد زار القرية بالفعل عدد من الاجانب واعجبوا بالمكان وبالفكرة لانها تتيح لهم التعرف علي ابرز معالم مصر الاثرية وتوفر عليهم الوقت ، واخبروا اصدقاءهم في بلادهم بها فأبدوا اعجابهم،وقد تم الاتفاق مع شركات السياحة على وضع القرية ضمن خريطتها السياحية‫..‬

ويتوقع اللواء نبيل عامر ان تحقق القرية دخلا جيدا يتراوح بين ٩ و١٠ ملايين جنيه سنويا، عندما يتم الافتتاح الرسمي لها ويبدأ تشغيلها، كاشفا انه كانت هناك خطة لبيع القرية لمستثمرين من قطر فى اثناء حكم الاخوان، ويضيف قائلا "تذكرة طالب المدرسة الحكومية قيمتها ٢٠ جنيها غالبا ما يدفع منها ٥ جنيهات فقط والباقي يتم توفيره من خلال صندوق الانشطة بمديريات التعليم ويستمتع بجميع الانشطة كالقبة السماوية ومبني الكرة الارضية والرحلة بالمركب الفرعوني، وسيتم افتتاح المطاعم والكافيهات وملعب الفروسية‫ قريبا".‬ ويشير الي انه اذا ما تم تنظيم رحلات الان لطلاب المدارس الي الاماكن الاصلية فلن يتمكنوا من زيارتها كلها فضلا عن التكلفة المرتفعة من سفر واقامة، وهو ما يكشف أهمية "القرية الكونية"