هل الإسلام دين إرهاب


18-4-2017 | 20:54


أحمد مسعود,

مكافحة الإرهاب قضية محسومة النقاش، ولكن كيف نحاربه ونتصدى لسمومه؟ هل نهاجم الدين والدين برئ، كل دول العالم تسعى بكل مقوماتها أن تعيش شعوبها في سلام وأمن وعلى مستوى الأسرة جكركيزة كل مجتمع يسعى عائلها أن يعيش أفرادها في سلام، فلا يوجد مجامع للكلم مثلما جاء رسول الله صل الله عليه وسلم، وأوصى بإفشاء السلام فلم يحدد شرقًا أو غربًا، وقال إن لنا في مصر رحمًا فاستوصوا بأهلها خيرًا فقد تزوج من السيدة ماريا القبطية وأنجب منها إبراهيم، ومن مصر تزوج قبله خليل الله سيدنا إبراهيم صلى الله عليه وسلم من السيدة هاجر، وأنجب منها سيدنا إسماعيل عليه السلام إذن ما القضية؟
التاريخ يملأ كتب الأرض بما يدافع ليس عن الإسلام ومواقفه وإنما عن كل الأديان من محاولات الكثيرين إلصاق الكذب والبهتان بها وهي براء.
القضية شرذمة من الإرهابيين القتلة هاجموا كنائس المسيحيين فقتلوا الغادي والرائح والجالس والقائم لم يفرقوا بين هذا أو ذاك لأن علاقتهم بالدين كعلاقتهم بالفلك، وهل الإسلام يحرض على الأديان الأخرى، والأقباط في مصر لأنهم أقلية في بلاد مسلمة وتستحل أموالهم وأعراضهم وبيوتهم، أم أن لهم مالنا وعليهم ما علينا ولا نترك جاهلًا أو سفيهًا يعتدي عليهم لأنه اعتداء على الجميع وحماية شعائرهم ومقدساتهم واجب وطني فهل تقبل أقليات المسلمين في مجتمعات مسيحية بالغرب أن تحرق أو تهدم مساجدهم، هكذا الحال والله عز وجل يقول في كتابه الكريم "لتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون" سورة المائدة.
إذا كان الإسلام دين إرهاب - كما يزعم البعض - فآلاف العمليات الإرهابية تتم على يد مسيحيين، فهل المسيحية دين إرهاب؟ كما أن آلاف العمليات الإرهابية تتم على يد اليهود، فهل اليهودية دين إرهاب؟ هذا لغط وفهم معكوس، لأن الله عز وجل أنزل التوراة على سيدنا موسى، والإنجيل على سيدنا عيسى، والقرآن على سيدنا محمد عليهم الصلاة والسلام؛ حتى يخرج الناس من الظلمات إلى النور، والمرسلين جاءوا "ليخرجوا العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد" وكل الكتب السماوية والرسل والملائكة ركيزتهم توحيد وربوبية الخالق.
الإسلام دين سلام يدعو له، ويربي أبناءه ويحثهم عليه والعمل به والخير للجميع، ويحرم الظلم والبغي والقهر، والتعامل مع الناس جميعًا بالخلق الحسن، والكلمة الطيبة، وكل رسل الله دعوتهم جميعًا إفشاء السلام بين الناس؛ لأنه أسمى قيمة في الكون، والسلام من أسماء الله، وأول كلمات قالها الرسول الكريم "صلى الله عليه وسلم"، عندما دخل المدينة المنورة، بعد هجرته من مكة المكرمة "أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام"، وروح الدين يرتكز على السلام، وتحيته هي السلام من القلب للجميع، والقلوب السليمة لا تفرق في خيرها بين شخص وآخر.
وعندما ولي عمرو بن العاص واليًا على مصر في عهد خليفة المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، وجرى سباق وهزم النصراني ابن عمرو بن العاص، فضربه بعصا أبيه، فسافر النصراني إلى المدينة، واشتكى للفاروق، فأرسل في طلب عمرو بن العاص وابنه؛ ليقتص النصراني منه في المدينة، وبعد أن ضربه مثلما ضربه الأول، قال اضرب أبيه على صلعته؛ لأنه تركه يضربه، ورفض النصراني واكتفى بحقه من محمد ابن عمر بن العاص، وقال سيدنا عمر بن الخطاب مقولته الشهيرة "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا"، وقد تربى الخطاب على يد رسول الله "صلى الله عليه وسلم".
الإرهاب لا ينتمي لدين وبينهما كما بين السماء والأرض وهدف الإرهابيين نشر أفكارهم المسمومة بين الشباب وتجنيدهم؛ لتنفيذ عملياتهم الإجرامية، والدين لا يروع الآمنين ويقتل الأبرياء ويسفك الدماء، والسماء التي تظلهم والأرض التي تقلهم تلعنهم، والقصاص منهم عدل، وفيهم قال المولى عز وجل "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الحياة الدنيا وفي الآخرة عذاب عظيم"، فهم يحاربون كل الرسالات النبوية، الإرهاب يضمر البغضاء والكراهية والحقد، وملعون في كل مكان وزمان وعلى كل أرض، وواجبنا جميعًا محاربته؛ لأنه جاء لفساد الأخضر واليابس.
الإرهاب سرطان العصر، وليس داءًا قديمًا، ويتشكل بكل الأقنعة والسبل؛ ليخفي وجهه القبيح، إذن ما الحل والعلاج؟ يجب بناء الوعي لدى الأفراد ليكونوا يدًا قوية وصلدة مع الدولة؛ لمكافحة شراذم الإرهاب ومعالجة سريعة بين طرفين "الأمن والشعب"، فيجب توثيق العلاقة بينهما على أساس الاحترام، فلا يطغو طرف على آخر، ومحاسبة المخطئ وينال جزاءه؛ لأن البعض يسيئون الفهم، فيهدروا كرامة المواطن، وتبنى أسوار الكراهية في وقت الدولة في حاجة لمحاربة عدو خفي متلون ومتزئبق داخل عقول مشوهة، سوداء أفكارها، فلا تفكر وتدرك، وحتى يتحقق شعار الشعب والشرطة يد واحدة، يجب وقف الانتهاكات، ويسري القانون على الجميع، فلا أحد فوق القانون، يجب على الجميع احترام والالتزام بالإجراءات الأمنية التي تتخذها الدولة لحمايتهم، فلا يتذمر أحد من طول وقت التفتيش، برغم أن أننا نمر بإجراءات أمنية أشد تعقيدًا خارج مصر ولا نتذمر!!!
أجندة تنظيم "داعش" الإرهابي تمزيق دول المنطقة، وإشاعة الفوضي، فهو ليس تنظيمًا عاديًا، إنما تحركه أجهزة دول كبرى من خلف الستار، والمنفذون هم الأسوأ جهلًا، وينفذون أسوأ عمليات إجرامية في العالم.