عمال.. على بطال


15-3-2017 | 20:05


خالد الديب

أن يحتفل زوجان بعيد زواجهما العشرين في طقوس ومراسم تشبه إلى حد كبير مراسم ليلة الزفاف.. فهذا أمر يحسب للزوجين لا عليهما.. ما أكثر الحكايات التي بدأنا نسمعها ونشاهدها بالصوت والصورة على مواقع التواصل الاجتماعي حول احتفال الأزواج بعيد الزواج في جو يكاد يكون صورة طبق الأصل من ليلة الزفاف.. بدءًا بحجز قاعة الأفراح في أحد الفنادق.. ومرورًا باختيار فستان زفاف للزوجة قد يفوق في شياكته فستان زفافها.. والذهاب إلى الكوافير.. وعمل زفة.. وانتهاء بالمعازيم من الأهل والأصدقاء.. والطريف أن حملة الشموع هم الأبناء ثمرة الزواج الذي استمر لسنوات طويلة تفوق العشرين عامًا.

الكساد يضرب الفنادق بعد أن وصلت نسب الإشغال إلى أرقام تجعل أصحاب الفنادق يشكون مر الشكوى.. والظاهرة تعد مساهمة من الأزواج في رواج الفنادق.. والذهب أسعاره تواصل الارتفاع ويعاني الصاغة أيضًا من تدني أرقام المبيعات.. والاحتفال يستلزم شراء الزوج هدايا ذهبية.. أو شبكة جديدة للزوجة.. ولن يتوقف الأمر عند هذا الحد بل سيمتد الرواج إلى محلات الحلوى الفاخرة وباعة الورود.

الذين يوجهون سهام النقد لظاهرة زيادة حالات الطلاق كان لزامًا عليهم أن يبتهجوا بزوجين يحتفلان بعيد زواجهما.. وأن يشيدوا بالظاهرة.. ويطالبوا الناس بأن تحذو حذوهما.. وليت هذه الظاهرة تدفع الزوجين إلى تجديد كل شيء في الحياة إذا كان لديهما مقدرة مالية.. بدءًا بالعفش ومرورًا بكل المتعلقات الشخصية لكل منهما.. وانتهاء بشقة جديدة مادام ذلك باستطاعتهما.. وننتظر من كبار المطربين أن يتبرعوا مجانًا لإحياء مثل هذه الاحتفالات التي تعيد الروح للحياة الزوجية التي باتت تمثل في نظر البعض خلافات.. وطلاقًا.. وخلعًا.. ومن يدري فقد تقدم الزوجة على فكرة جريئة وتقنع الزوج بأن يكتب كل ممتلكاته لها.. هدية منه.. وعندئذٍ تضمن إلا يتزوج بأخرى إذا حدث ما يعكر صفو الحياة بينهما مستقبلًا.

الطرف الوحيد الغائب عن هذه المناسبة هو المأذون.. وما الذي يمنع أن يبحث الزوجان عن المأذون الذي عقد قرانهما منذ سنوات ويقدمان له هدية مناسبة إن كان على قيد الحياة باعتباره «وش السعد».

ومع الأيام سيشجع خبراء علم النفس والاجتماع هذه الظاهرة.. بعد دراستها نظرًا لتأثيرها الإيجابى لها من أثر إيجابي على الأبناء الذين يشاهدون ترابط الأسرة.. عكس الأبناء الذين يشاهدون خلافات الأب والأم والتى قد تصل إلى حد التراشق بالأحذية القديمة.

فمنذ أسابيع كتبت في هذا المكان تحت عنوان «أفراح.. ليلة حرق الفساتين» منتقدًا الظاهرة التى بدأت تنتشر في بلادنا.. وفي بلاد الغرب أيضًا حول إقدام حواء على حرق فستان الزفاف عقب الطلاق.. ابتهاجًا بالخلاص من الزوج النكدي.. واختلف الناس ما بين مؤيد لها باعتبار أن من حق حواء أن تعبر عن غضبها بعد تجربة فاشلة في الزواج.. ورأي آخرون أن الظاهرة لها تداعيات اجتماعية خطيرة.

يا سادة يا كرام لا ينبغي أن نهاجم كل شيء وأي شيء «عمال على بطال».. بل يجب أن نرى الحياة مبهجة.. وأن نشجع كل من يسعى للفرح والبهجة حتى تصبح الحياة أفضل.. وحتى نبدد المقولة القديمة «إننا نعشق النكد».. ونبحث عنه.. وإن لم نجده نخترعه.

تحية للزوجين اللذين احتفلا بعيد زواجهما العشرين.. وليت الكل يحذو حذوهما.. ولو أنني دعيت لهذا الحفل لذهبت وكنت أول الحضور.. حاملًا لهما أجمل باقات الورد.