بيئة خطرة وانقطاع عن الأهل.. "بوابة الأهرام" تلتقي العاملين بـ"البترول" في الصحراء الغربية | فيديو


18-4-2017 | 15:46


يوسف جابر ومحمد الأشعابي

العمل بشكل دائم ومستمر، الانقطاع إلي حد كبير عن الأهل والأقارب والأصدقاء، أن تكون عرضة للخطر في أي وقت أمر يظل في مخيلتهم جميعًا، وواقع يتعايشون معه بشكل يومي، هذه الصورة تكاد تكون قريبة من المشهد الحقيقي للواقع الذي يعيشه العاملون في البترول في حقول الصحراء، وصورة حية لا يكاد يألفها غيرهم، ولا يعرفها سواهم، ولا يعيرها انتباهًا إلا من اقترب منهم وعايشهم ولو لفترة قصيرة.هنا في حقل السلام (ضمن حقول شركة خالدة للبترول) الواقع في الصحراء الغربية، ترى أسرًا تكونت وصداقات تآلفت يستعيضون بها ما يفقدونه في أثناء عملهم، عدم القدرة علي التواصل مع أحد لضغوط العمل الهائلة التي تقع علي كواهلهم التي تصل لـ12 ساعة يوميًا قابلة للزيادة علي حسب متطلبات العمل.الصورة الذهنية عن العاملين في قطاع البترول عند كثيرين تكاد تقتصر علي حياة الرفاهية المادية والعملية، ولا أحد يحاول رصد صورة ذلك الواقع، صحيح، أن تلك الشركات تحاول جاهدة توفير سبل العيش الكريم للعاملين بها لردع أية مشكلات تواجههم حتي لا تؤثر في بيئة عملهم تلك، لأنه وببساطة لا مساحة للأخطاء، فالخطأ الواحد لأحدهم يعد كارثيًا بما تحمله الكلمة من معني.

في حقول البترول تتواجد وبشكل مكثف لافتة مكتوب عليها "Assembly point" أو نقطة التجمع، وفي بعض الأحايين تكون معروفة فيما بينهم "منطقة الإخلاء"، وهذه النقطة هي مساحة خالية من الأرض تكون بمثابة المنطقة الآمنة في حالة حدوث طوارئ بالحقل، فأينما ذهبت في أقسام مراحل الإنتاج المختلفة تجد تلك اللافتة، والعاملون عليها مدربون بما يكفي للتعامل مع خطورة أي طارئ يحدث، لكن في نفس الوقت ينتابك شعور أن ثمة خطرًا محدقًا قد يحدث في أي وقت، وهو عامل من الريبة يعيشه العاملون بالقطاع.ما سلف توصيف لتجربة بسيطة عايشتها "بوابة الأهرام" في أثناء جولتها لحقل السلام، وكذلك يبدو هذا هو الواقع الأقرب لغيره من الحقول في ذلك القطاع الأهم اقتصاديًا في مصر الآن، اقتربنا من العاملين للتعرف وبشكل دقيق علي الرواية الأخري من حيواتهم."إحنا تحت أمر الشغل في أي وقت" جملة رسخت أهمية تآلف العاملين علي أداء أعمالهم وإتقانها مهما بلغ الأمر من مشقة وتعب، بدأ بها "مصطفي أبو موسي"، أحد العاملين بالحقل، مشيرًا إلي أنه من الممكن أن يعمل مايزيد على ساعات عمله إذا تطلبت بيئة العمل ذلك، لاسيما أنه يعمل ضمن قسم "المهمات"، وهو أحد الأقسام المهمة التي تمد معدات الحفر "البريمات" ما تحتاجه وفي أي وقت، لأن تلك المعدات تعمل ليل نهار ولا تتوقف. وأضاف "مصطفي" القادم من المنوفية لأداء عمله، أنه يصعب التواصل مع الأهل والأسرة، في أوقات طويلة، نظرًا لضغوط العمل الهائلة التي تقع علي كافة العاملين هنا، وكثير منهم يخشى أن تتعرض أي من أسرهم بأي ظرف طارئ يصعب عليه التواجد معهم نظرًا للمسافة الطويلة بين الحقل (محل العمل) ومدينته (محل العائلة)، فالمسافة من الحقل للقاهرة وحدها800 كم، رغم أن الشركة توفر لهم الوسائل المتاحة لمساعدتهم في تلك الظروف.بينما يرى ابراهيم السيد السيد النجار، المدير العام المساعد لمهمات السلام، أن طبيعة العمل في الحقول ليست كما يتخيلها البعض من رفاهية، فنحن، والكلام علي لسانه، نعمل تحت أية ظروف، وحياتنا أغلبها نقضيها في العمل والسفر، وقليل منها للأهل والأسرة، وهي معاناة يعايشها كل العاملين في البترول، وتكمن الخطورة في ثقل المعدات التي تعرض أيًا من العالمين للخطر في أي وقت. "إحنا كنا بنشتغل وقت العاصفة الترابية في وقت كل الناس فيها كانت في بيوتها لأنه من الصعب علي أي حد إنه يخرج في وقت زي دا، ومع ذلك إحنا كنا شغالين وسط الجبال وكنا متحملين العفرا دي"، بهذه الكلمات يعبر عبدالله محمود، أحد العاملين بقسم الحفر، عن بعض الصعوبات التي تواجهه هو وزملاءه من العاملين والفنيين والمهندسين في بيئة العمل الشاقة التي يكاد لا يتحملها سوى من اعتاد عليها لوقت طويل. "عبدالله" القادم من محافظة أسوان ويقطع مسافة مئات الكيلو مترات أسبوعيًا في طريق وصوله للحقل، يري أن ما يعينه وزملاءه علي تحمل مشاق العمل داخل الحقول، هو البيئة الأسرية التي استطاعوا تكوينها علي مر السنين، فبات الحقل مكانًا للعمل ووسيلة تعوضهم عن فقدانهم للتواصل مع أهلهم، كما أن الحقل لا تمييز فيه، المعاملة قائمة علي الاحترام بين العاملين به باختلاف درجاتهم الوظيفية.