في ذكرى رحيل مخترع القاطرة البخارية.. محمد دياب سائق قطار مصري يرفض القيادة خوفًا على الركاب | صور


13-8-2017 | 20:06


قنا - محمود الدسوقي

لم يكن يطمح محمد دياب، الذي عمل في السكة الحديد عام 1858م، أن يسجل اسمه في التاريخ كواحد من أوائل السائقين المصريين الذين تعلموا قيادة القطارات، فقط كان يطمح دياب بعد رفته من هيئة السكك الحديدية في أن ينال معاشًا ماليًا نظير خدماته التي قدرت بـ30 سنة كسائق قطار مثالي.

كان العالم قد احتفل مساء أمس السبت برحيل جورج ستيفنسون، مخترع القاطرة البخارية، الذي رحل في 12 أغسطس من عام 1848م. وهو المهندس الإنجليزي الذي تعاقدت معه مصر في عهد عباس الأول على مد خطوط السكك الحديد نظير مبلغ يقدر بـ50 ألف جنيه مصري.

السائق دياب، الذي كان من أوائل المصريين الذين تعاملوا مع المهندسين الذين استقدمتهم شركة ستيفنسون، مخترع القاطرة البخارية، التي تولاها نجله بعد رحيله حيث كان دياب على ما يبدوا مثاليًا وحالمًا لدرجة أنه رفض قيادة القطار في عام 1882م حين احترقت مدينة الإسكندرية التي كانت مسقط رأسه وقام الأسطول الإنجليزي بضربها.

وأوضحت محاضر قضية دياب أنه في عام 1886م في عصر الخديو توفيق قام دياب برفع دعوى قضائية مطالبًا بإنصافه من الحكومة وتخصيص معاش له نظير خدماته التي أداها كسائق في هيئة السكك الحديدية.

وجهت له هيئة السكة الحديد ووزارة المالية التي رفضت إعطاءه معاشًا عدة اتهامات من بينها أنه رفض الانصياع لأوامر هيئة السكة الحديد في قيادة قطار، ورد دياب على الاتهامات بأنه كان يخشى على الركاب من الأحداث المؤسفة التي شهدتها مدينة الإسكندرية، لذا رفض قيادة القطار، كما رد على اتهامات أخرى بانقطاعه بأن معه ما يثبت أنه كان مريضًا ويعاني كسرًا في ذراعه بالمستشفى.

لم تظهر أوراق القضية عمر دياب الحقيقي، إلا أنها تظهر أنه عمل لمدة 30 سنة، أي أنه عمل في عام 1858م بعد البدء في إنشاء خطوط السكك الحديد بـ4 سنوات، واستمر يعمل حتى حدثت مذبحة الإسكندرية العنيفة التي أوقعت آلاف الشهداء من المصريين، والتي أعقبها دخول الاحتلال الإنجليزي لمصر بحجة حماية الإنجليز للأجانب في الإسكندرية.

في عام 1887م عقدت محكمة للنظر في طلبات دياب، حيث كان على محمد دياب سائق قطار الإسكندرية أن يطالب الحكومة بمعاش على مدة خدمته التي استمرت لمدة 30 سنة، بعد دخول قوات الاحتلال الانجليزي لمصر بـ5 سنوات، وقام القضاء بإنصافه ليفاجأ بأن وزراة المالية ترفض إعطاءه معاشًا وقامت بالاستئناف في 6 أبريل عام 1889م، بعد أن حكمت المحكمة بإلزام المالية وهيئة السكة الحديد بمنحه معاشًا على مدة خدماته التي تقدر بـ30 سنة.

هيئة السكك الحديدية ومعها وزارة المالية قدمتا حججًا أخرى خلاف رفض دياب قيادة قطار، منها أن دياب انقطع عن عمله وقام بقبول قيادة قطار يضم 4 أشخاص من مهجري ثورة المهدي في السودان، والتي أدت لقتل آلاف المصريين في السودان.

رد دياب على لسان محاميه، ويدعى نيقولا أفندي جرجي، بأنه انقطع عن عمله بسبب كسر في ذراعه أثناء تأدية وظيفته، وأن مصلحة السكة الحديد أرسلته للمستشفى. أما عن قيادته لقطار يضم 4 أشخاص من مهجري الثورة في السودان دون أموال، "فهو لايسأل عنها، إنما يسأل عنها الكمساري المنوط به هذا العمل".

تمسك محامي دياب بما ورد في قانون المعاشات، مؤكدًا أن كل ما نسب لموكله من رفضه قيادة القطار لقيامه بعدم استلام ثمن تذكرة من مهجري السودان لا يحرمه من احتساب المدد، وأنه لم يحكم عليه في مدة الـ30 سنة التي قضاها بأي حكم. وطالب المحامي ترتيب مبغ 390 قرش شهري ثلثي ماهية باعتبار 30 سنة، وإلزام المالية بدفع 231 ألف قرش و14 متأخر معاش من 13 يناير سنة 1883م حتى عام 1887م، مع فائدة هذا المبلغ من يوم تقديم الدعوى الواقع في 20 ديسمبر سنة 1887م حتى يوم السداد.

حكمت المحكمة بقبول الاستئناف وتعديل الحكم، وبأحقية محمد دياب في معاشه كاملًا عن مدة خدماته ابتداءً من طلبه الرسمي في 20 أبريل لعام 1886م.