أول ما يركز عليه بعض المنتقدين لمشروع العاصمة الإدارية قولهم إنها مقصورة على الأثرياء فقط. ولكن، وبالتوازي مع هذا الانتقاد الذي يعنى الدفاع عن الفقراء، يشن عدد من المنتقدين حملات يقولون فيها إن هناك مبالغة غير منطقية فى أسعار الوحدات، أي أنهم بهذا يدافعون صراحة عن الأثرياء، ويقدمونهم فى صورة الضحايا، إلى حد اتهام الدولة بالتربح من البيع لهم!
ثم إنهم يصرون على تجاهل الإنجازات التى تتفق مع شعاراتهم، وهو ما يُعلَن فى وسائل الإعلام عن أن حصيلة الفائض، بين التكلفة الفعلية وأسعار البيع للأثرياء التى تحصلها الدولة منهم، تُوَظَّفها فى تمويل مشروعات أخرى تُخَصَّص لسكان العشوائيات.
وكذلك، فإن مشروعات البناء العملاقة بالعاصمة الجديدة، وجيلها من المدن الأخرى، تخلق طلباً ضخماً على عشرات المواد والمنتجات الداخلة فى البناء والإنشاء، وهو ما يتيح فرص عمل للعاملين فى إنتاج ما هو مطلوب، وهؤلاء يُضافون إلى العاملين فى بناء المشروعات القائمة، وهؤلاء وأولئك تُقَدَّر أعدادهم بالملايين، ومعظمهم من فئات الفقراء ومتوسطى الحال، أى أنه لولا هذه المشروعات لما كانت فرص العمل. أضِف أيضاً أرباح المستثمرين فى الصناعات المغذية للبناء التى يدفعون عنها ضرائب..إلخ.
ولكن الغريب أن الحملة ضد العاصمة الجديدة بنفس الاتهام الأثير لا تزال تتردد.
ليس من المتوقع من المنتقدين أن يُقرِّوا بحقيقة تزداد جلاء كل يوم، وهى أن هناك فكرة ذكية وراء مشروع العاصمة الجديدة وبقية المدن الجديدة، وهى الذهاب إلى الصحراء الخالية البعيدة حيث قيمة الأرض تقترب من الصفر، ثم تكون البداية بمشروع محدد على أعلى درجة من الفخامة، مثل فندق الماسة الذى حقق الهدف بإبهار كل من رآه أو سمع عنه، فخلق رغبة للقادرين ممن ينجذبون له، بأن يتجاوروا معه، فى سكن بهذا المستوى، ومن زيادة الطلب الطوعى ارتفعت قيمة الصحراء بعد أن كانت تقترب من الصفر إلى مبالغ ضخمة دخلت خزينة الدولة بالتراضى دون إجراءات تعسفية، فصار لها قدرة على البناء للفقراء، وهذه واحدة من مزايا متعددة يطول فيها الكلام.