مثل أى مواطن عربى يشعر بعمق الانتماء لهذه الأمة أتطلع بكل الأمل وخالص الرجاء إلى أن تنجح جهود المصالحة بين الفرقاء الليبيين وأن يستعيد الوطن الليبى أمنه واستقراره، لتعود الابتسامة الصافية عنوانا للشعب الليبى الذى لم يعرف عنه سوى الكرم وحسن الضيافة وسماحة التعامل مع الأشقاء والجيران!
إن ليبيا وبصرف النظر عن أى ملاحظات تتعلق بمرحلة حكم الرئيس القذافى كانت ضمن قائمة الضحايا والخاسرين الكبار من موجات الفوضى التى ضربت المنطقة باسم الربيع العربى المشئوم، فقد شهدت ليبيا طوال السنوات العجاف مآسى كثيرة وسالت دماء غزيرة وأزهقت أرواح آلاف من الأبرياء وذلك أدى بالطبع إلى تعقيدات سياسية وحزازات قبلية وتمزقات اجتماعية ضربت الواقع الليبى فى الصميم بصورة لم تعرفها ليبيا منذ أن توحدت أقاليمها الثلاثة برقة وطرابلس وفزان فى 24 ديسمبر عام 1951 وإعلانها دولة ملكية تحت حكم الملك إدريس السنوسي!
وعندما يكتب التاريخ الصحيح لهذه الفترة السوداء فإن الناس سوف تعلم أن مصر وبرغم ما عانته هى أيضا من عواصف الفوضى كانت مفتوحة العينين والأذنين من أجل بذل كل ما هو مستطاع لإنقاذ ليبيا من مخطط الاستباحة، الذى بلغ ذروته بانكشاف حقيقة المطامع التركية فى الأرض الليبية بثرواتها النفطية وموقعها الاستراتيجى.
وفى العلن ومن خلف الكواليس وباتصالات سياسية ودبلوماسية واسعة لعبت مصر دورا عظيما فى وقف مخطط الاستباحة، وبذلت جهودا سياسية ودبلوماسية جبارة من أجل تشجيع الفرقاء الليبيين على سرعة الذهاب إلى التفاوض والمصالحة، وكانت رسالة مصر واضحة للجميع فى أن نجاح المساعى الدولية والإقليمية لحل الأزمة الليبية يرتهن بمدى قدرة الوسطاء على إشعار جميع الأطراف المتصارعة بأن هناك أمانا مضمونا بعد توقف القتال حتى يمكن توفير الأجواء الهادئة التى تسمح بمناقشة أجندة الحلول المطروحة بعقل ومنطق ومن غير أى احتمال للغدر والخيانة من جانب هذا الطرف أو ذاك.
وظنى أنه لو خلصت النيات وصدقت العزائم من جانب الأطراف المباشرة للأزمة الليبية فإنه بالإمكان الرهان على إنهاء هذه الفترة الخطيرة التى عاشتها ليبيا لكى تعود طرابلس وبنى غازى وطبرق ومصراتة وسبها وسرت وسائر المناطق الليبية كما كانت من قبل بقاعا هادئة وادعة مهما كان محيطها الإقليمى هائجا ومائجا بالأزمات والمشاكل.
خير الكلام:
<< النفوس الكبيرة وحدها تعرف كيف تسامح ومتى تصالح!