Close ad
9-12-2020 | 07:08

بعض الرسائل التي وصلتني تعليقًا على مقال السبت الماضي تحت عنوان "رسالة مفتوحة إلى السيسي" حوت بعض ملاحظات تستوجب أن أرد عليها؛ بل وأؤيد جوهر ما ذهب إليه البعض من أن مشاكل القاهرة والسعي لاستعادة وجهها الحضاري لا تمثل شيئًا بالنسبة لـمشاكل مصر من جنوبها إلى شمالها.

نعم ليس ممشى كورنيش النيل ولا بحيرة عين الصيرة تمثل من اهتمامات الدولة المصرية شيئًا كبيرًا.. وتلك بالعقل حقيقة وإن تعامى الكثيرون عن رؤيتها أو الاعتراف بها؛ لأن الدولة المصرية في عصر السيسي ترى أن مشاكلنا الحقيقية – أو معظمها على الأقل – خارج القاهرة وغيرها من عواصم المحافظات بدءًا من الإسكندرية شمالًا وحتى مدينة أسوان جنوبًا.

في مصر الآن رؤية إستراتيجية تولي للريف ولسائر قراه على طول وعرض الوادي أولوية مطلقة في أجندة التحديث لإقامة الدولة العصرية التي ترتكز إلى إعادة الاعتبار لمفهوم الإنتاجية والكفاية الذاتية للقرية المصرية باعتبارها أول درجات سلم الإنتاج على المستوى القومي.. ليس فقط في قطاع الزراعة وهو النشاط الرئيس لأهل الريف، وإنما في سائر القطاعات الأخرى التي يمكن تنميتها بالتوازي مع نهضة النماء الزراعي المستهدف تحقيقها في السنوات العشر المقبلة.

إن ما ترصده الدولة المصرية حاليًا من اعتمادات هائلة لمشروعات التنمية الزراعية يؤكد صحة وصدقية الرغبة في تغيير صورة الريف المصري وتبديل ملامحه بعد إزالة كل المعوقات التي شوهت صورة الوادي الأخضر الممتد على طول نهر النيل على مدى عقود زمنية طويلة!

ويكفي هنا أن أشير إلى نموذج واحد مما تقوم به وزارة الري المصري - حاليًا - على محورين أساسيين أولهما: مشروع التحول من نظم الري بالغمر إلى نظم الري الحديث بالتوازي مع المشروع القومي لإعادة تأهيل وتبطين شبكة الترع المصرية التي ضربها الإهمال وكادت أن تصبح عائقًا أمام جريان المياه وتدفقها إلى الحقول نتيجة ما جرى من تآكل للمجاري المائية بعد أن تحولت إلى مقالب للقمامة والحيوانات النافقة؛ مما أدى إلى زيادة معدلات الفاقد من المياه.

وأظن أن من تسمح لهم ظروفهم بالتردد على الريف من سكان العاصمة والمدن الكبرى سوف يرون بأم أعينهم ملحمة عمل وطنية على ضفاف الترع الكبرى وامتداداتها من القنوات الصغرى بعد أن تم الانتهاء من تأهيل وتبطين نحو 500 كيلو متر في ترع الدلتا والصعيد كنقطة بداية لمشروع ضخم يستهدف تأهيل وتبطين شبكة الري المصرية بأكملها والتي يتجاوز طولها أكثر من نصف مليون كيلو متر مربع، وهو ما يمكن وصفه علميًا وشعبيًا بأنه ثورة جديدة في قرى مصر التي عانت طويلًا من الإهمال وعدم الاهتمام الواجب!

ويا ليت بعض الجالسين على المكاتب بأقلامهم ومن يطلون على الناس عبر الشاشات والميكروفونات أن يروا ما يجري على امتداد الوادي فليس أسوأ من الاكتفاء برؤية النصف الفارغ من الكوب فقط!

***
خير الكلام:
ــــــــــــــ
** إذا أردت جمع العسل فلا تهمل خلية النحل!

* نقلًا عن صحيفة الأهرام

كلمات البحث
الأكثر قراءة