Close ad
1-12-2020 | 14:04

حتى بافتراض أن آبى أحمد قد حقق نصراً عسكرياً ساحقاً تمكَّن فيه من إنزال هزيمة عسكرية كاملة بالتمرد المسلح فى إقليم تيجراى، وبافتراض أنه قهر قوات التمرد وقضى على القيادات الكبرى بالتصفية أو بالاعتقال، فليس معنى هذا أن الأوضاع قد صارت مواتية له، لأن النصر بهذه الصورة على هذه القيادات ينطوى على عدة احتمالات، منها أن قادة التمرد قد يظهرون الهزيمة للإيقاع به ويفاجئونه بهجوم مباغت، خاصة أن مخازن الأسلحة التى تخص الجيش الإثيوبى التابع لآبى أحمد، والتى هى عملياً فى قبضة متمردى تيجراى، لم تظهر فى معارك الأسابيع الثلاثة الماضية، مما يجعل احتمال الإعداد لاستخدامها واردا، كما أن قوات تيجراى تستطيع أن تلجأ إلى حرب العصابات التى تستنزفه مدعومة بأنها تتحرك فى إقليمها، وأنها تعبر عن طموحات أغلبية سكان الإقليم، أضِف أيضاً هذا الخطأ الجسيم الذى اقترفه آبى أحمد عندما استغل النزعات العرقية فى أقاليم أخرى تضمر الكراهية لإقليم تيجراى لأنه انفرد بالحكم، خلال سنوات ما قبل عهد آبى أحمد. دون أن ينتبه إلى مهالك انتشار الحروب العرقية.

انتصار آبى أحمد إذا حدث، فلن يتعدى الشكل، لأنه لا يعنى أن شعلة التمرد قد انطفأت فى تيجراى، ولا يعنى أن جميع سكان الإقليم، الذين يزيدون على 7 ملايين نسمة، قد أذعنوا، ولا أنه أجهض تماماً ممكنات الحرب بوسائل أخرى، كما أنه لا يستوعب أن تيجراى جزء أصيل من الشعب، وليسوا نتوءاً يمكن بتره دون تبعات، كما أن الأجيال القادمة لن تستسلم له، ولا للممثلين لخطه السياسى من بعده، إذا فتحت عيونها على هزيمة تنال من كرامتها.

واضح أن توجهات آبى أحمد فى صراعه الداخلى تورطه فى نفس أخطائه فى إدارة أزمة سد النهضة، لأنه، فى كل الأحوال، ينحى السياسة وحساباتها ومقتضياتها جانبا، وينخدع بالمظاهر السطحية التى قد تحقق له مكاسب شكلية، ولا يدرك أنها مؤقتة، ولا يفهم أن للأطراف الأخرى دائماً ممكنات أخرى، تفتح عليه جبهات أخرى وتفاجئه بأسلحة وأساليب تربك كل حساباته!

نقلا عن صحيفة الأهرام

كلمات البحث
الأكثر قراءة