لا يُذكر المسرحى والروائى والكاتب المشهور أوسكار وايلد إلا واستُعيدت قصة محاكمته فى بريطانيا عام 1895 بعد اتهامه بممارسة الشذوذ الجنسى، الذى بقى مُجرَّمًا هناك حتى ستينيات القرن الماضى.
ولكن فى مناسبة مرور 120 عامًا على رحيله لا تعنينا حياته الخاصة, برغم أن سلوكه المتجاوز للتقاليد الاجتماعية الصارمة فى العصر الفيكتورى البريطانى الذى عاش فيه, وضعه فى موضع لم يُمكَّنه من الوصول بمشروعه الإبداعى إلى حيث أراد له أن يكون.
نذكر له فى هذه المناسبة إسهامه المسرحى البارز، وهو معروف للمعنيين بتاريخ الفن، ودوره فى تطوير الصحافة النسائية، وهو مجهول إلا لمن اهتموا بتاريخها فى العالم، وليس فى مصر أو المنطقة العربية فقط.
أعمال وايلد المسرحية تُعد أهم إسهاماته الأدبية، رغم أنه كتب القصة والرواية والشعر أيضًا, وكانت روايته صورة دوريان جراى أكثر شهرة من مسرحياته فى كثير من الأوساط العربية حتى وقت قريب، بعد أن كانت قصصه الخيالية هى الأشهر فى النصف الأول من القرن الماضى. فقد ترجم الشاعر والكاتب الكبير الراحل إبراهيم المازنى اثنتين من هذه القصص هما الأمير السعيد، وجريمة السير آرثر سافيلد وحكايات أخرى.
ورغم اختلاف التقديرات بشأن مدى قيمة إسهامات وايلد فى ميزان المسرح الإنجليزى، ربما ينطوى إنكار أنه أحد رواده المُهيمن على شىء من عدم الإنصاف لمسرحيات مثل مروحة السيدة وندرمير، وامرأة غير مهمة، وسالومى وزوج مثالى وغيرها. ربما لا تكون مسرحياته كلها فى مستوى يضعها فى صدارة المسرح الإنجليزى, ولكنها فى مجملها تُمثل لونًا مهمًا فى هذا المسرح.
أما دوره فى تطوير الصحافة النسائية فهو ما لا ينكره دارسو تاريخها، إذ نقلها من بداياتها التى ركزت على الأزياء والموضة إلى الاهتمام بالمرأة بوصفها إنسانًا، ودورها فى المجتمع، وليس بعالمها الأوسع من الملابس التى ترتديها فقط.
ولذلك، كان التغيير الذى أحدثه فى محتوى مجلة عالم السيدات عندما تولى تحريرها، وجعلها منبرًا للأفكار والآراء عن قضايا المرأة، إلى جانب كل ما تُعنى به النساء، الخطوة الأولى فى مسار الصحافة النسائية الحديثة.
نقلا عن صحيفة الأهرام