أعترف بأن أجندة أيامى كان يزينها عدد كبير من الأصدقاء الذين تناثروا كالورد فى سنوات العمر وكانوا رموزا للصدق والعطاء..
وأعترف أيضا بأن الكثيرين منهم رحلوا أو غابوا وفرقتنا الأيام وأننى أفتقد وجودهم ومواقفهم.. أعرف أن هذه طبيعة الأشياء وأن الغياب من سنن الحياة وأن من كان بالأمس معنا صار بعيداً وأن مواقف الرجال مثل نشرة الأحوال الجوية كل يوم على حال وأعلم أن فى عالم الصداقات بيع وشراء وأننا نعيش زمن المصالح والصفقات وأن صداقة اليوم لا عمر لها ورغم هذا الفراغ يحاول الإنسان أن يبقى على عدد قليل من رفاق مشواره وأن كنت أعتقد أن الإفلاس الحقيقى أن تخلو دفاتر أيامك من البشر..
إن إفلاس المال يعوض وإفلاس المناصب لا أمان له، ولكن أن تخسر إنسانا فراقا أو غيابا فهذه خسارة العمر؛ لأن العمر لا يعوض.. أنت لا تستطيع أن تسترد يومًا مضى من عمرك ولا تستطيع أن تعيد صديقًا غاب أو رحل لقد ضاقت دائرة الأصدقاء وكانوا فى يوم من الأيام حديقة مثمرة وانسحبوا إلى مناطق الظلال واحداً خلف الآخر وتركوا الحديقة خاوية..
إن من بقى من الأصدقاء فى رحلة الحياة أصبحوا الآن أعدادا قليلة وكلما مرت علينا عواصف الفصول نفتقد من سافر ومن غاب ومن رحل.
إننا الآن نعانى زمن الصداقات المزيفة إنها عملات مضروبة وعلاقات بلا رصيد إنها مصالح أو رغبات ينقصها الصدق والمروءة..
إن أجمل ما يبقى للإنسان رصيد من الذكريات والأيام الجميلة التى عاشها فى ظل صداقات حقيقية إننى أحيانا أشعر بالإفلاس لأن رصيد صداقاتي تراجع ولكن بقيت لدى أسماء قليلة أزين بها وحشة أيامى كل شيء الآن له ثمن ولهذا حاول أن تحافظ على ما لديك من ذكريات الزمن الجميل؛ لأنها آخر ما بقى لنا فى زمن المزادات الرخيصة.. لا أنكر أننى استرجع كثيراً زمن الصداقات الجميلة وأتمنى لو رجع بى العمر، ولكن من أين لى هذا والماضى لا يعود ولن يعود والرخيص لم يترك للغالى مكاناً أو مكانة..
* نقلًا عن صحيفة الأهرام