Close ad

الشاذلي والجمسي والخداع بالمناورات!

20-10-2020 | 06:37

13– أظن أنه من حق أجيال جديدة لم تعش تلك الأيام الصعبة وتلك اللحظات المجيدة قبل وأثناء وبعد حرب أكتوبر أن تعرف من أين استمدت مصر شجاعة الجرأة على اتخاذ قرار الحرب في ظل المعطيات التي عرضتها في الأيام الثلاثة الماضية للمشهد الميداني الذي لم يكن يبشر بأمل عريض ومفتوح في إمكانية تحدي المستحيل وعبور الهزيمة في زمن قريب.

إن من حق أجيال جديدة أن تفهم أبعاد المعجزة الإستراتيجية الكبرى التي تحققت بفضل زلزال العبور يوم 6 أكتوبر عام 1973 لقطع الطريق على من لا يزالون يمارسون لعبة خلط الأوراق ومحاولة التشويش على أعظم إنجازات المؤسسة العسكرية المصرية التي أدت المهمة بجدارة نيابة عن شعبها في ظل إدراك ووعي للفارق الشاسع بين الحرب والمغامرة وبين التخطيط والاندفاع مع استيعاب كل الدروس المستفادة من المواجهات السابقة لتلافي الوقوع في أي أخطاء لا يمكن احتمالها!

إن أجيالنا الجديدة لابد أن تعلم وأن تفخر بأن العقل المصري انتهج الأسلوب العلمي في البدء بدراسة ومعرفة ما الذي يدور في عقل العدو الذي كان قادته يتصورون - في ظل استمرار حالة "اللاسلم واللاحرب" بعد توقف حرب الاستنزاف في 8 أغسطس عام 1970 – طبقا لترتيبات مبادرة روجرز وزير الخارجية الأمريكي أن بمقدورهم تكريس الأمر الواقع الذي تفرضه أرقام وحقائق موازين القوى التي تميل بشدة ناحية إسرائيل.

كان العقل المصري على علم كامل بأهداف ومقاصد الحملة الدبلوماسية والإعلامية الإسرائيلية في الساحة الدولية لكسب التأييد لخطة فرض الأمر الواقع والتي سربت من خلالها إسرائيل معلومات مقصودة تتحدث عن أنها مازالت رغم احتلالها للأراضي العربية تحتاج إلى متطلبات أمن إضافية بينها ضرورة منحها الحق في الحيلولة دون دخول أي قوة عسكرية عربية مؤثرة واللجوء لضربات عسكرية وقائية لإجهاض أي عمل عسكري عربي محتمل على أي من جبهات القتال.

وهكذا فإن إسرائيل – ولسنا نحن فقط - هي التي جعلت من الحرب ضدها خيارًا وحيدًا أمام العرب عامة ومصر على وجه الخصوص.

وأظن أن اعتماد ملف الخداع السياسي والإستراتيجي كأحد أهم ملفات الذهاب إلي حرب أكتوبر كان هو أذكى وأصوب قرار إستراتيجي اتخذته مصر وجرى تفعيله ميدانيًا بسلسلة من المناورات العسكرية لتشتيت فكر الإسرائيليين بعيدًا عن رؤية النيات المصرية.

وهنا لابد من القول بأن تعاونًا وثيقًا بين الفريق سعد الدين الشاذلي واللواء عبد الغني الجمسي هو الذي وفر كل عناصر النجاح لاستخدام المناورات التدريبية المتكررة ببراعة في لعبة الخداع تحت أقصى درجات السرية والكتمان!

كان الخداع يجري على أشده، وكان الاستعداد في كافة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة يسير بأقصى سرعة وتحت مظلة من الصمت الرهيب، بما في ذلك الصمت الإلكتروني الذي عانت منه أجهزة التجسس والاستطلاع الإسرائيلية، وجعلهم يصدقون أن المصريين لن يحاربوا، وأن قبولهم للأمر الواقع مسألة وقت فحسب!

وغدًا نستكمل الحديث

[email protected]

* نقلًا عن صحيفة الأهرام

كلمات البحث